زارت الممثلة الشهيرة وسفيرة النوايا الحسنة والمبعوثة الخاصة للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أنجلينا جولي مدينة الموصل مؤخراً والتقت بأطفال المدينة ومنحتهم المساعدات، وهذا أمر جيد بالطبع. كما زارت بعدها مخيمات اللاجئين السوريين في دهوك والتقت بالأطفال هناك وقدمت لهم المساعدات أيضاً، وهو أمر جيد أيضاً بالتأكيد.
تجدر الإشارة إلى أن أنجلينا زارت سابقاً الكثير من مخيمات اللاجئين وضحايا الحروب والنزاعات كمخيمات اللاجئين الأفغان في باكستان، ومخيمات اللاجئين السوريين في لبنان والأردن وتركيا، ومخيمات اللاجئين الصوماليين في كينيا، وتجمعات الضحايا والمحتاجين في دارفور وكمبوديا وتنزانيا وسيراليون وقدمت لهم مساعدات مالية تقدر بملايين الدولارات فضلاً عن شحنات الطعام والدواء، وكل هذا أمر ممتاز ويعبر عن الإنسانية الاستثنائية والفائقة التي تتمتع بها أنجلينا، ولكن هنا يحق لنا أن نتساءل: أين أطفال اليمن من النشاطات الإنسانية الأممية لأنجلينا؟! لماذا لم تتعاطف أنجلينا مع مأساة أطفال اليمن وتضعها ضمن أجندتها الإنسانية ونواياها “الحسنة”؟!! هل ان هؤلاء الأطفال الذين فتكت بهم الحروب الظالمة والأوبئة والحصارات وحملات التجويع غير مشمولين بتعاطف السفيرة الجميلة للنوايا الحسنة ومنظمتها الأممية؟!!.
لست هنا طبعاً بصدد إدانة أنجلينا وتحميلها مسؤولية المآسي والكوارث في اليمن، فأنجلينا بالتأكيد لا تتحمل هنا أية مسؤولية، ولكني هنا بصدد التنبيه بأن الإنسانية “الأممية” التي تمثلها أنجلينا جولي هي ليست إنسانية مفتوحة و”عامة”، بل هي بالنهاية إنسانية “انتقائية” و”مشروطة” ومحكومة بتوجهات “سياسية” أيضاً!!، أي بمعنى أن أنجلينا مهما بلغت درجة إنسانيتها وتعاطفها مع ضحايا وأطفال العالم، إلاّ أنها بالنهاية لا تستطيع الخروج عن سكة الضوابط والمحددات التي وضعتها الإدارة الأمريكية المشاركة بقوة – مع حليفتيها المجرمتين السعودية والإمارات – في الحرب الوحشية ضد اليمن وشعب اليمن وأطفال اليمن، وبالتالي فإن أنجلينا لا تستطيع أن تفكر بزيارة أطفال اليمن أو على الأقل إبداء موقف متعاطف ومتضامن معهم، لأنها لا تستطيع الاعتراض على حرب وحشية تقودها بلادها ضد الشعب اليمني المسكين، كما انها لا تستطيع التمرد على سطوة ونفوذ المال السعودي الوهابي الذي لم يقم بشراء صوت وصمت الإدارة الأمريكية فقط، وإنما قام أيضاً بشراء صوت وصمت الأمم المتحدة وأمينها العام!!
إن أنجلينا جولي لا تستطيع التفكير بزيارة أطفال اليمن لأنها لا تستطيع الاصطدام بالمؤسسات السياسية والمالية التي رشحتها أو التي سمحت بترشيحها لمنصب سفيرة الأمم المتحدة للنوايا الحسنة!!!.