المجاهدون ما ازدادوا إلا إيمانا وتسليما ..
كتب | مطهر يحيى شرف الدين
مشاهد قتالية أبطالها الجيش واللجان الشعبية في ميادين الجهاد والقتال أذهلت العالم ولفتت بشكل أكبر انتباه الأنظمة العالمية الاستكبارية الطامعة والتي تسعى جاهدة للسيطرة على مصير الشعوب والتحكم في طبيعة وتوجه الأنظمة العربية لتكون أكثر عمالة وارتهانا للأنظمة الغربية في سبيل تحقيق النفوذ الاقتصادي والسيطرة على الملاحة البحرية والممرات المائية الواقعة ضمن حدود الدول العربية ، ما يحدث اليوم من انتصارات واقتحامات الجيش واللجان الشعبية لمواقع العدو السعودي الأمريكي وضربات يمانية تستهدف المدرعات وتسحق الغزاة الطامعين و المرتزقة والعملاء إنما يعكس مدى الثقة المطلقة بالله وقوة الإيمان والثبات والتسليم واليقين لمقاتلي الجيش واللجان الشعبية بنصر الله وتأييده وتمكينه ووعده المؤكد بالفوز والفلاح بنعيم الدنيا والآخرة وما فيها من أجر كبير لعباد الله المؤمنين من اصطفاهم الله واتخذ منهم شهداء واختارهم على بقية غيرهم من الخلائق والسبب في ذلك معرفتهم واستشعارهم عظمة الله وقدرته وحكمته ونعمه على عباده وتأثير ذلك على واقع المرحلة التي نمر بها والتي تفرض علينا جميعا تحمل المسؤولية الدينية والوطنية ، ذلك أن إدراك واستشعار عظمة الله وحكمته ونعمه يجعلنا نتوجه بتوكلنا على الله وولايتنا لله تعالى وحده من هو على كل شيء قدير ومن له التأييد والتمكين للمجاهدين في سبيله والدفع عنهم ، قال تعالى ” يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمت الله عليكم إذ هم قومٌ أن يبسطوا إليكم أيديهم فكف أيديهم عنكم واتقوا الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون ” من هنا تأتي فائدة تقوى الله والتوكل عليه والتذكر الدائم لنعم الله على عباده ، ومن هنا يأتي استشعار المرابطين والمجاهدين للمسؤولية وإدراك واجب القيام بتحملها من خلال الوقوف ضد الطغيان والظلم والاستبداد والاستكبار العالمي ، ذلك أن جسامة المسؤولية وتحملها يستوجب تنفيذ المهام بالدفاع عن الأرض والعرض ، ولذلك فالمجاهدون بحق هم أكثر استيعابا وإدراكا لدلالة ومعنى قول الإمام علي عليه السلام ” فزت ورب الكعبة ” وما يعني ذلك الفوز بنيل الشهادة هذا الوسام الإلهي العظيم الذي لا يمنح إلا لمن يعمل على نصرة دين الله ودفاعا عن الأرض والعرض والسيادة والقرار إما منتصرون أو شهداء يصطفيهم الله ليكونوا في مستوى عال مع الأنبياء والصديقين ، نعم هم كذلك لأنهم عرفوا وأدركوا معنى قول الإمام الحسين عليه السلام ” إن كان دين محمد لم يستقم إلا بقتلي فيا سيوف خذوني ”
فالقتال والتضحية بالنفس والمال لا تكون الا في مثل هذه المواطن سبيل رفعة الدين الإسلامي واستقامته وعدم القبول بانتقاصه أو النيل منه أو اتخاذه وسيلة لتحقيق المصلحة أو سلماً للوصول إلى متاع الدنيا ، أدركوا أيضا معنى القول المشهور للإمام زيد عليه السلام ” من أحب الحياة عاش ذليلا ” ذلك أن حب الحياة الدنيا يستجلب معه الملذات واتباع الشهوات وما يتطلب تحقيق ذلك من السعي وراء الملوك والرؤساء ونيل رضاهم ومجاملتهم وغض الطرف عن ظلمهم للرعية وذلك من أجل مالٍ أو جاهٍ على حساب الدين والقيم والأخلاق ، ولذلك ونتيجة لادراك المجاهدين والمرابطين واستيعابهم لتلك الأقوال وما تخفي وراءها من معان عظيمة ودلالات تحقق في معرفتها وتطبيقها رضا الله ورضا النفس طاعة لله ونصرة للدين وللمستضعفين ، انطلقوا في الميادين لمجابهة الظالمين المستكبرين ، نعم هذا هو النهج المحمدي النبوي المتصل بحبل الله المتين ، خروج في سبيل الله ومن أجل إعلاء كلمة الله ومن أجل وحدة المسلمين موقفهم الحقيقي الثابت من العدو الذي لا يتغير أو يتبدل أو يساوم من أجل متاع دنيا أو من أجل تسويات أو مصالح شخصية أو سياسية ، ولذلك فالإيمان بالله والثقة به والاعتقاد بمعنى الجزم بأن الله هو المعين وهو المؤيد والممكن والناصر لعباده المخلصين الذين يستحقون من الله ذلك الفضل والأجر العظيم ، إذاً فالقوة والشجاعة والثبات أمام الأعداء إنما هي ثمار الثقة بالله والتوكل على العزيز الجبار المهيمن المتكبر وإيمانا وتصديقا بأن لا وجود لقوة في هذا الوجود الا لله وما عدا ذلك فما هي الا عبارة عن أسباب وتسخير لمخلوقاته ، فاالله هو الأكبر والكبير والقوي والعظيم والأعظم من له ملكوت السموات والأرض ،كما أن قوة وثبات وصمود المجاهدين ومواقفهم مع أعداء الله
إنما هي أيضا استلهام واستفادة من مواقف موسى عليه السلام مع فرعون
ومن مواقف نبينا محمد صلوات الله عليه وآله وسلم في المعارك والغزوات مع عتاولة قريش ، وكما واجه الأئمة وأولياء الله الصالحين أئمة الكفر والنفاق دون أن تأخذهم رهبة أو رغبة أو يستميلهم سلطان جائر ، أو يغلبهم عدو ماكر ، قال تعالى ” ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيمانا وتسليما “