استمر طالب العلم الشريف ينظر طويلا ويستمع بانصات الى شيخه الوقور وهو يفسر آيات قدرة الله عز وجل الذي أمره بين الكاف والنون مصداقا لقوله عز وجل إنما أمره إذا اراد شيئا أن يقول له كن فيكون …
وحيث وهو لا زال حديث العهد بهذه الحلقات المثمرة فلم يستوعب بعد هذه المعاني القرآنية كونه للتو قد إنتقل من مجتمع الاستهلاك والخنوع وتقدير قوة البشر الذين يبطش بعضهم ببعض ويهيمن بعضهم على بعض فتبادر الى ذهنه سؤال سارع به لشيخه عن حلم راوده كثيرا عن قدرته كفرد يعيش في مجتمع خانع ويشاهد يوميا تلك الجرائم والانتهاكات التي تبثها قنوات التلفاز يوميا لقوات إسرائيلية تمتهن كرامة المواطن العربي الفلسطيني دونما رادع او مدافع وفي ذات سياق الخبر يجعلون الأمة العربية والإسلامية بانظمتها مستجديه الغوث والاعانه من أمريكا والاتحاد الاوروبي كرعاه للسلام بيننا وبين الغاصب وأن لا حول لنا الا بحولهم وقوتهم كونهم قوة نووية ويمتلكون قدرات مهولة عسكرية واقتصادية والتفكير مجرد التفكير في مواجهتهم ضرب من الخيال والانتحار وما الى ذلك من ثقافات وقناعات راسخة لدى الشعوب العربيه جمعا الا من رحم الله من الثله المؤمنة التي تلاقي العنت حتى من أنظمتها لتخنع ..
سيدي ولو فكرنا في مواجهة أمريكا وإسرائيل وهم يمتلكون القوة النووية والذرية فهذا انتحار حتمي لأننا لا نمتلك قوتهم واسلحتهم فهل نحن ممن يلقون بأنفسهم الى التهلكة في مثل هذه المواجهة ..
فتبسم الشيخ الوقور في وجه طالب العلم الصبور وكرر عليه الآية آنفة الذكر بأن الله إذا اراد شيئا فأمره بين الكاف والنون وأن الله ينصر من نصره وأن الله قوي متين فلم يستوعب الطالب تلك المعاني بعد فقال سيضربوننا بالنووي فقال الشيخ لو علم الله قوة توكلنا عليه وثقتنا بنصره لتدخل مباشرة ومنع ذلك من الحدوث ..
ولكن كيف ؟
قد يتدخل بقبض روح المنفذ لإطلاق النووي قبل فعلته وما شابه …
واستمر الشيخ الفقيه العلامة في تفصيل المعاني الشرعية للجهاد والامر بالمعروف والنهي عن المنكر ومعاني النصر والشهادة وأنهما إحدى الحسنيين وفي كل خير ..
وأن الامه ما وصلت الى ما وصلت اليه الا عندما تركت واجباتها الشرعية وتوكلها على ربها بعد بذل السبب في الانتصار للدين والكرامة والقضية المحقة المشروعة وأن تاريخ المسلمين شاهد وحاضر على مصداق وعد الله بالنصر لمن نصره بعيدا عن الحسابات المادية في العتاد والعده العسكريه فكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله ..
واستمر في ضرب الأمثلة والاستشهاد بالآيات طويلا بينما تلميذه يستمع ويتفاعل تارة ويسرح تارة كون الكلام لازال نظريا فربما وربما ..
وانتهى الدرس وانفض المجلس بهواجس وأماني بأن يارب أجعله حقيقة ..
وتدور رحى الايام وتمضي سريعا واهل الخنوع يزدادون خنوعا واهل الله يستمرون في اعداد العده للمواجهة بحسب طاقاتهم المتاحة ..
ويستمر الطغيان ويستشري حتى يعتقد الرأئي الا فائدة ترجى في الأعداد للمواجهة والحل في السلام الذي يروج له القاتل والكيفية التي يختارها هو لا غيره ..
وطالب العلم يرى الغربة تشتد والانفصام بين معاني ما يتعلمه وواقع ما حوله يتسع فلا ذا تأتى ولا ذا حصل فيعود القهقرى ينكب على دروسه داعيا مولاه أن يفرج عن امته ما هم فيه…
وتتوالى الاحداث امامه وتظهر العلامات والدلائل على صدق وعد الله ويصبح مستبشرا بنصر بعيد ما لاح في الافق ما حققته أيادي فتية قذفوا بحجارة نحو دبابة صهيونية فارعبت العدو وتوالت بانتفاضات ومواجهات وتذكر الطالب الدرس واسقطه عمليا على الواقع المعاش وأرسلت الفكرة النظريه لواقع عملي وتراجع المد الانهزامي وتقدم المد الممانع وتغيرت موازين القوى ولو بخطوات مثقلة بتركة المنهزمين ولكنها لا زالت تحفر في الصخر وتقتحم الجدار العازل بين كرامة الامه ومبتغاها فيسقط الشهداء لينالو إحدى الحسنيين ويمضي الباقون يجدون ويصابرون بعد أن قطعوا العهد لمن سبقهم أنهم لن يفرطوا في الدماء والتضحيات فيعلم الله صدق النوايا ويتدخل ليثبت الاقدام ويرسل بالبشرى تلو البشرى ويلحق العدو خزي وشنار ويستبشر المؤمنون بنصر الله وتتغير ثقافات الامه فبدلا من طالب علم يؤمن بقوة تدخل الله ونصره فإذا بالمجتمعات تقرر المواجهة وتنتصر لدينها وعرضها وأرضها ويتحقق وعد الله وتمضي الامه من خير الى خير ويسقط رهان المخذولين وتتغيرالنفسيات بفضل من الله ورحمة وأن الله لمع المحسنين …