بعد رفضها لعب دور حصان طروادة.. هل تعود السلطة الفلسطينية إلى المقاومة؟
تقارير – الوقت
يوم بعد آخر تتوضح معالم ما بات يُعرف بـ “صفقة القرن” وباتت الدول جميعها تتحضر لإتمام هذه الصفقة وبأيِّ ثمنٍ كان، أما الدول التي لن توافق على تلك الصفقة فلن يكون مصيرها أفضل من مصير السلطة الفلسطينية أو حتى جارتها الغربية “الأردن” التي عاشت حالة من الفوضى زُعِم حينها أن تلك الأزمة نتجت عن رفض السلطات السعودية تمرير تلك الصفقة المشبوهة.
وعود ترامب
منذ إطلاق حملته الانتخابية وعد ترامب الأمريكيين بمجموعة من الوعود، وعلى عكس بقيّة الرؤساء الأمريكيين، يبدو أن ترامب صادق في تلك الوعود على الرغم من أنها ستؤدي في نهاية الأمر إلى عزل أمريكا وإبقائها وحيدة منزوية عن بقيّة دول العالم.
وعلى هذا الأساس بدأ ترامب بتنفيذ وعوده تلك، ومن جُملة الوعود التي أطلقها الاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني، ومن جهةٍ أخرى إنهاء الصراع الفلسطيني الصهيوني، ولكن إنهاء هذا الصراع كان يتطلب من ترامب ومستشاريه البحث عن صيغةٍ يكون الرابح الأكبر فيها هو الكيان الصهيوني، وبناءً عليه كانت “صفقة القرن” التي يعمل صهر ترامب “كوشنر” وعدد من مستشاريه بالإضافة لعدد من ساسة المنطقة كولي العهد السعودي بن سلمان ومحمد بن زايد ولي عهد أبو ظبي على تنفيذها.
فشل ترامب في تمرير صفقة القرن التي بدأ العمل بها منذ وصوله إلى البيت الأبيض، بدا واضحاً منذ بداية العام الحالي، إذ أعلن ترامب وبعد ظهور بوادر ذلك الفشل عن نيّته قطع المساعدات عن السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية التي كان يعتقد كما غيره أنّها ستكون – أي السلطة – حصان طروادة الذي سيتم تمرير تلك الصفقة من خلاله.
مساعدات مغمّسة بالعار
السلطة الفلسطينية وعلى الرغم من صعودها مركب دول “محور الاعتدال العربي” والذي يفترض تسميته بمحور الخنوع العربي، لم تستطع هضم تلك الصفقة، الأمر الذي جرّ عليها ويلات المحور الذي تنتمي له من جهة، وويلات الدول التي تُقدّم لها المساعدات لإبقائها على قيد الحياة من جهةٍ أخرى.
وعلى الرغم من أنّ السلطة التي كانت دائماً موضع اتهام من قبل فصائل المقاومة الفلسطينية بالتخاذل والتنازل عن حقوق الشعب الفلسطيني، إلا أنّها لم ترضَ اليوم بهذه الصفقة المشبوهة، التي لن تبقِ من فلسطين إلّا اسمها، وهنا يتساءل الفلسطينيون حول تلك الصفقة وكمية الإذلال الذي تُخبئه للفلسطينيين.
وبناءً على ما سبق فإنّ قطع المساعدات لا يهدف إلى قتل السلطة الفلسطينية بقدر ما يهدف إلى تطويعها وجرِّها “بالإجبار” إلى معسكر الدول التي قبلت بتمرير تلك الصفقة، على الرغم من كل ما تحمله من ذلٍّ ومهانة للفلسطينيين.
خندق واحد
ما إن أعلنت دول كأمريكا وأستراليا قطع مساعداتها المالية عن السلطة الفلسطينية حتى خرج آلاف الفلسطينيين في الضفة الغربية إلى الشارع منددين بتلك الصفقة، ومؤكدين على دعم السلطة بمواقفها الرافضة لها، ومن الواضح أنّ الدول التي قطعت المساعدات كانت تهدف إلى إبعاد السلطة الفلسطينية في الضفة عن محيطها وحاضنتها الشعبية من خلال الضغط الاقتصادي على السلطة.
ويرى مراقبون أنّ محاولات تلك الدول لن تنجح، خصوصاً أنهم رأوا كيف فشلت تلك السياسة في قطاع غزة، فبعد قطع المساعدات عن القطاع، وشنّ العديد من الحملات العسكرية عليه بهدف فك الارتباط بين المقاومة وحاضنتها الشعبية، نجد أنّ جميع تلك الممارسات عادت بأثرٍ مغاير لذلك الذي رُسِمَ لها، حيث بدا التفاف الشعب حول المقاومة أكبر منه قبل تلك الحملات.
ويؤكد مراقبون فلسطينيون أنّ الوقت اليوم مناسب للغاية لإعادة اللحمة الفلسطينية إلى سابق عهدها، فالتحديات التي يواجهها الفلسطينيون باتت واحدة في الضفة والقطاع، وهم – أي الفلسطينيون – باتوا اليوم وأكثر من أيِّ وقتٍ مضى يريدون تشكيل حكومة وحدة وطنية من شأنها أن تُخرج الفلسطينيين أولًاً والسلطة ثانياً من المأزق الذي يعيشونه منذ التوقيع على اتفاقيات أوسلو منذ خمسٍ وعشرين عاماً.
وبناءً على ما سبق لم يبقَ أمام السلطة الفلسطينية اليوم إلّا العودة إلى شعبها والالتحام معه، والالتفاف على المحور المقاوم بعد أن أثبتت باقي المحاور أنّها لن تُقدّم للقضية الفلسطينية أكثر من صفقات مشبوهة، في حين أنّ المحور الآخر أثبت وخلال سِني المقاومة أنّه الأقدر على مواجهة سياسيات الاحتلال، كما أنّ الظروف اليوم باتت وبالنسبة للسلطة الفلسطينية مواتية أكثر من أيِّ وقتٍ مضى لبناء وحدة وطنية مع بقيّة فصائل المقاومة للوقوف بوجه “صفقة القرن” التي باتت قاب قوسين أو أدنى من التنفيذ.