أقول بعمق عن هذه الحرب إن مشغليها كاذبون إنها في الواقع حرفياً حرب إجرام مُدبّرة ومُقنّنة من أطراف عدّة ولأسباب استعمارية أهمها السيطرة على باب المندب والبحر الأحمر سعوديًا وإماراتياً ولصالح الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل لأن لا السعودية ولا الإمارات تملكان قرارهما السيادي… وهنا يمكن تطبيق مقولة الفيلسوف الفرنسي جاك دريدا عليهما”أنا في حال حرب مع نفسي وأنا أقول أشياء متناقضة يمكن أن نقول عنها أشياء في توتّر حقيقي”.
والمؤسف أن أميركا لا ترى في دول الخليج إلا بقرات حلوب إذ لما حضر النزاع بين السعودية وكندا حتى سارعت الخارجية الأميركية إلى طلب توضيح بحق نشطاء سعوديين(محل الخلاف بين كندا والسعودية) “معلومات بشأن احتجاز نشطاء مدنيين وحثتها على احترام الإجراءات القانونية…”. إن الحرب على اليمن هي أعمق من حروب الجاهلية في همجيّتها ومجازرها، وربما ما أصاب أبناء اليمن من مجاعة وأمراض هو الأسوأ في التاريخ البشري وذلك ما أشار إليه محمّد عبد السلام بقوله “المملكة صندوق أسود من المؤامرات وقد ألهبت المنطقة بحروب عبثية وخصّت اليمني بمجازر القرن للعام الرابع ولا تزال”.
ويجدر بنا القول هنا إنها حرب بلا ضمير ولا دين ولا أخلاق حتى وإن كانت السعودية تدّعي الإسلام إنها على نقيضه حتى في مؤسساتها الدينية (لم يُسمح لحجاج اليمن بالحج). وصدق محمد جواد ظريف في قوله: “إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتانياهو ووليّ العهد السعودي محمّد بن سلمان بأنهم يشكّلون مثلث العنف والقمع والظلم في العالم.” وقال أيضاً “العلاقات الدولية ليست مسابقة ملكة الجمال، تطرح فيها أفكار مبتذلة للتعبير عن الرغبة في السلام العالمي.” والحقيقة أن تاريخهم أصلاً لا يحتاج إلى مقتطفات للتدليل عليه بل كله مقتطفات.
إذن هو لم يقل ذلك تخمينا أو من منطق الحدس السياسي فقط بل كل ما قاله هو من صلب الحقائق للواقع الأميركي والإسرائيلي والسعودي، فقد قامت سياستهما على الاغتيالات والحروب الدموية .. المصيبة أنهما يدّعيان زوراً حماية حقوق الإنسان. أما محمّد بن سلمان فدخل السياسة من باب الإرث التاريخي للثأر بالظلم لذوي القربى وللأمّة العربية ولغيرهما، وقد وصل به الغباء السياسي إلى سجن رئيس حكومة لبنان وهو يحمل الحصانة الدبلوماسية وقدّم كل ما عُرِف بالترفيه في مجتمع مغلق لفتح الباب على مصراعيه للإلحاد تحت غطاء الترفيه ما دفع الزمر من شباب السعودية لتدشين وسم تحت عنوان “سعوديين_نبي_نروح_النار” معتبرين أن دعوة بن سلمان تشجيع الإلحاد في السعودية.
بينما يبدو الرفض لأوامره من جنوده في اليمن بادية للعيان ما دفع سلمان بن عبد العزيز إلى رفع العقوبة عنهم تحت غطاء مموّه حفاظاً على بقاء المؤسّسة العسكرية مُتماسكة،أما جرائمه في اليمن فإنها تبدو أكثر من جرائم أميركا وإسرائيل وان كان الثلاثة شاركوا فعلاً في مجازر اليمن واستخدموا الإرهابيين في ذلك كما كشفت وكالة أسوشييد بريس في تحقيق مطوّل لها”إن التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن أبرم اتفاقات سرية مع إرهابيي تنظيم “القاعدة”، ودفعت لهم أموالاً للخروج من مناطق رئيسية كما أنه أبرم اتفاقات معهم للانضمام إلى “التحالف” في عدوانه ضد الشعب اليمني منذ إبريل/ نيسان عام 2015، وذلك كله “بعلم وتسهيل من الأميركيين”.
وتشير منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) في آخر إحصائياتها،أن أكثر من 1400 طفل استشهدوا في اليمن منذ بدء العدوان السعودي. وتكشف المنظمة أن نحو 10 ملايين طفل يمني بحاجة للمساعدات والرعاية الصحية العاجلة في حال أن 22 مليوناً بحاجة للمساعدة. وفي وقت تتحدث فيه البيانات أنه يموت حوالى10 أطفالِ كل ساعة بسبب الأمراض المختلفة. حتى أن” زبيغنيو بريجنسكي” في مقال له نصح الرياض “بألا تدخل في لعبة هي أكبر منها على المستوى الاستراتيجي يقول” إن السعودية مدعوّة إلى الاتّعاظ وعدم الانخراط في صراعات مُكلفة لها كاليمن.”.
بالتأكيد لا أقول إنها مجازر لا نظير لها في التاريخ بل أؤكّد إن الذين يقومون بها هم في أدنى مستوى من صفات البشر أخلاقياً ودينياً وإنسانياً .. فالبشر السويّ لا يقصف المستشفيات ولا يحرق أماكن العبادة وهو يدّعي حمايتها.. بالتأكيد أيضاً إن العالم لم ير أبشع من تلك الصوَر للجثث وهي تحترق تحت الأنقاض الجرائم تلك لم تُمارَس حتى في الجاهلية، وهنا يمكن توصيف القائمين بها أنهم امتداد لفكر وسلوك الجاهلية لا إحساس لهم خارجها مدن بكاملها تُدمّرعلى رؤوس ساكنيها وأمام هذا المشهد المظلم يقوم الآمر بها برحلة صيفية للمغرب ويصرف فيها ما لا يقل عن 100مليون دولار مقابل الجوع الذي يلاحق مَن نجوا من المجازر في اليمن، ويُخاطَب زوراً ب”خادم الحرمين الشريفين”؟
والسؤل: هل يبيح الإسلام القتل الفردي فضلاً عن القتل الجماعي مع أن المُفسدين في الأرض ملعونون بنصّ قرآني؟ ( فهل عسيتم إن تولّيتم إن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم) أمام هذا الأسوأ يأتي مَن يدّعون أنهم رؤساء مراكز البحث والدراسات بالقول إن ما يحدث في اليمن تناج ميليشيات الحوثيين بل منهم من ذهب بالقول اشمئزازاً “أنهم جاؤوا من الجبال”؟ .. وهم يعلمون مدى إدمان السعودية هوَس أميركا وبريطانيا وفرنسا وما يقدّم لهم من رشاوى من أجل الصمت على جرائمهم ، فضلاً عما يقوم به محمّد بن سلمان من إرهاب ضد معارضيه من داخل الأسرة وخارجها، ولم يسلم من سجنه حتى البنات لرأي نطقن به أو ملاحظات هي حق أردن إيصالها للرأي العام ..
مرة يقولون عن هذه الحرب القذرة إنها “عاصفة الحزم” ولما فشلوا قالوا إنها “عاصفة الأمل” ويتم ذلك كله وفي الأشهر الحُرم والتي كانت لا تُسفك فيها الدماء في الجاهلية احتراماً لحُرمتها وتُهتك حُرمتها في الإسلام وبسم الإسلام ومن أدعياء الإسلام؟ وكأنها لم تكن أشهر حُرم أصلاً في نظرهم..صحيح أن السعودية تحكمها القبلية الجاهلية فكراً وسلوكاً وأوهاماً وجلّها محكومة بمُغريات الأرض في الوقت نفسه تحاول أطراف سعودية وإماراتية وباستمرار اتهام الطرف الآخر(الحوثيين) بالمروق والخروج عن الإسلام ، ومما هو واضح فإن سلوك بني سعود هو سلوك يشبه سلوك ياجوج وماجوج نعم كيف يمكن تفسير قتل المئات من الرجال والنساء وهم في صالة العزاء أو في عرس.. ؟ ثم كيف تُحرَق المصاحف وكيف تُقتَل الحيوانات وتُحرَق وتُدمّر الجامعات والمستشفيات وهي جميعها محميّة بالقانون الإنساني..؟ وفي الفنادق الضخمة وما في تلك الفنادق من أمورهم يفتون بحُرمتها ينام دُعاة القتل .. جرائم اهتزّ لها الضمير الحيّ وصمتت عنها آذان المستفيدين من أموالها ومن دمارها” أميركا وإسرائيل”.
يؤكد الاتحاد الأوروبي في بيان متأخّر إن الحرب في اليمن “خلّفت أسوأ كارثة إنسانية في العالم جعلت 22 مليوناً بحاجة للمساعدة” مؤكّداً أن الحل الوحيد الذي من شأنه وضع حد لمُعاناة الشعب اليمني هو تسوية سياسية. والاتحاد الأوروبي بعض دوله شركاء أميركا في الجرم مثل فرنسا وبريطانيا إن الولايات المتحدة الأميركية كونها شريكة مباشرة في الجريمة فإن رئيسها العنصري” ترامب” كثيراً ما يردّد “لابد من أخذ نصيب من أموال الدول الخليجية “.
وقد تحصّلت أميركا عل أكثر مما طلبت في بداية الأمر،أخذ ترامب 500 مليار دولار ولاحقاً أخذ صهره “كوشنير” ما لا يقل عن 20 مليون دولار وما وزّعه محمّد بن سلمان على مؤسّسا ت إعلامية أميركية ومراكز توجيه الرأي لا يقلّ عما أخذه ” كوشنير” أما ما أنفقه في زيارته تلك على إقامته في فندق يملكه ترامب لا يقل عن 5 ملايين دولار والقضية الآن محل تحقيق قضائي ونفس الشيء يُطبّق على محمّد بن زايد الذي لا يهمّه الأمن الخليجي بل يهمّه الأمن الإسرائيلي ويُقال انه على علاقة سرّية مع ضباط من الموساد ويسعى إلى التملّك في القدس في انتظار إتمام “صفقة القرن” التي هو شريك في التنظير لها وما قاله أحد محرّري قناة إسرائيلية ردّاً على ضاحي خلفان ” أسكت وإلا سأكشف زيارتك ومن جاء معك سراً لإسرائيل .. وأخيراً أتوسّد عيناك يا صنعاء وأنام كالطير شريداً.