هل خرج الشعب اليمني من خانة الشعوب التي تُحَرَّك إلى خانة الشعوب التي تتحرك ؟!
وهل لازال للنخب السياسية في هذه المسألة دور في هذا الخروج ؟!
النخب الحاكمة مستويات متعددة تختلف باختلاف الشعوب التي ولدتها.. نعم التي ولدتها ولو عن طريق الحركات الثورية ، والحركات الثورية ذاتها منها ما هو محرِّك ودافع ومنها ما هو محرَّك ومدفوع لأنها جزء من الشعب ولهذا فإنَّ لكل حركة ثورية قدراً ما من الشرعية أساسها صدق الارتباط بإرادة الشعب من عدمه وهي حركة مشروعة ما لم تستقو بقوة خارجية ..
نعم وسيلة الحركة وغايتها لابد أن تكون مؤطرة ومحكومة بالشرعية والمشروعية التي ترفع شعاراً أو تمارس فعلاً في أي مجتمع وهي لا تكون إلا نتاج المجتمع وضمن بنائه الإنساني والحضاري ولهذا فإن الاستقواء بالخارج يخرج المستقوى من نطاق العمل المشروع ويدخله في نطاق اللا شرعية بل ولا يمكن أن يوصف نظام أو كيان سياسي يستقوي بالخارج إلا بأنه عميل للخارج وهو عمل مجرَّم يعاقب عليه القانون وتصل عقوبته إلى الإعدام ومصادرة كل ممتلكات من اقترفه إذا كان من شأن تواصله مع دولة أخرى أن يؤدي إلى إضعاف القدرة الدفاعية لدولته ما بال الأمر الذي يذهب فيه رئيس دولة أو رئيس حكومة إلى دولة معروفة بعدائها لليمن وتدخلها المستمر في شؤونه بهدف إضعافه وتسعى باستمرار لقضم أراضيه هذه الدولة لم يعد من الحصافة ولا الكياسة الحديث عنها بقدر من التحفظ عن ذكر اسمها لأن تدخلها في اليمن بلغ من الوقاحة والبجاحة والاستهتار والوضوح مبلغاً صار التحفظ معه مثاراً للاستغراب..
إنها السعودية التي رقتها الحركة الصهيونية الْيَوْمَ من العميل السري إلى العميل بل والممول العلني لكل مشاريع الصهيونية تبين معها مدى التماهي بينهما منذ نشأ الكيان المسمى (المملكة السعودية ) في نفس الفترة التي نشأ فيها الكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة ؛ إذا فمن يطلق عليه بالنظام الشرعي الذي ترتكب الْيَوْمَ كل هذه المجازر بحق الشعب اليمني بذريعة دعم شرعيته هذه الحرب وما يصاحبها من حصار شرس أهوج ليست سوى جرائم بشعة تشمل كل أوصاف الجرائم التي تضمنها النظام الأساس لمحكمة روما الجنائية الدولية وكلي أمل وثقة بأنَّ الإخوة المشاركين من الوفد الوطني الذي سيتجه إلى جنيف يدرك عبثية وعدم جدية من يدير ما يسمى بالشرعية لأن ممثليها مع الأسف الشديد قد ارتضوا لأنفسهم أن يكونوا في موقع التابع الذليل الذي لا يمتلك من أمره شيئاً ،ولهذا قلنا ونقول دائماً بأن المفاوضات عبثية ليس فقط لأن هؤلاء مجرّد أدوات لجس النبض أو تضييع الوقت حتى تنتهي لعبة الوظائف المركبة أو المتناسلة فما يسمى بالشرعية موظفة بل ومختطفة لدى مختطفها السعودي وهذا بدوره موظف لدى الأمريكي الذي يبدو أن قراره صهيوني أي أن التبعية صارت عنقودية الأمل والثقة بأن من يمثل الشعب على قدر من الوعي كي يدرك يقيناً أن القبول باستمرار التشاور والتفاوض ليس مشاركة غبية في العبث ولا خوفاً لأن ما عاناه الشعب اليمني لا يمكن أن يضعفه وهو شعب أصيل ومقاوم وسيبقى كذلك بل إنه كلما مر الوقت وزادت المجازر زاد صموداً وعنفواناً وهذه الرسالة التي يأمل الشعب من وفده أن ينقلها سواءً للأصلاء أو أذنابهم أو أذناب أذنابهم.
أما الرسالة الثانية فهي التأكيد لهؤلاء بأن الشرعية مصدرها الشعب فالشعب هو من يحق له تغيير النظام سواء عن طريق الشرعية الدستورية أو الشرعية الثورية وأنَّ هذا العدوان الذي لا يزال بعض المعتوهين وعديمي الضمير والشرف من متعهدي ادعاء الثقافة الذين تبناهم الحاكم العبقري ليكونوا حارس بوابة الثقافة والوعي ليكون رهن مشيئة فخامته وعنوان اهتمامه بالمرهونين والمؤهلين للارتهان، هؤلاء الرهائن والمراهنون يطلقون على القوات التي تقتل أطفال اليمن ليل نهار مدفوعة بحمّى الحَميّة الملكية على شرعية العبقري الجمهوري جداً يطلقون على هذه القوات بنبرة فيها قدر من الغزل غير الخجول (قوات التحالف) أو قوات الشرعية !
والشرعية صارت الْيَوْمَ كلمة استثمارية باهظة الأثمان فمن هو مهندس استثمارها ومن يملك قرارها ،هو من سيقول للمتشاورين أو المتحاورين أو المفسبكين والموتسبين في الوقت المناسب: كفى إلى هنا انتهت مهمتكم الآن في هذا البلد ولكم وظيفة أخرى في بلد آخر أو منطقة أخرى لهم نخب شبيهة بهذه النخب التي لا تعرف معنى الشرعية وفِي نفس الوقت تدافع وتبرر لقتل الأطفال باسم دعمها والدفاع عنها .