ما لم تكن مفاوضات جنيف القادمة لإشهار توافقات سبق التوصل إليها وراء الكواليس و ما لم تكن جلسة تحضيرية لمفاوضات قادمة فإنه من غير المناسب أن نعقد الآمال عليها بل سيكون وفدنا الوطني محظوظا لو تمكن أن يخرج منها بإعادة حقائب وفدنا إلى مفاوضات الكويت و التي لا تزال في مسقط شاهدة على مهزلة الرعاية الأممية لمفاوضات السلام و على العجز الفاضح أو بمعنى اصح القدرة المخزية للأمم المتحدة و مجلس الأمن على المضاربة الفجة بكل القيم الحضارية و المواثيق الدولية و الأعراف الدبلوماسية في بورصة صبية النفط الخليجي و السماح لتحالف المملكة بحجز وفدنا الوطني في مسقط لثلاثة أشهر و إعادتهم بدون حقائب ..
حسن الظن يجعلنا نفترض أن المبعوث الأممي أراد بدرجة رئيسية من مفاوضات الخميس القادم في جنيف إحياء فكرة الجلوس على طاولة التفاوض مجددا و أقصى ما يمكن للمتفائل توقعه أن يتم فيها إشهار بعض توافقات في الجانب الإنساني على وجه الخصوص تمكن المبعوث الأممي من التوصل إليها خلال جولاته المكوكية و لقاءته المستمرة مع الأطراف لما يقارب العام أو التوافق على خطوط عريضة يمكن أن تشكل أرضية لمفاوضات شاملة قد تكون الزيارة التي قام بها المبعوث الأممي إلى الكويت جزءا من التحضير لها ..
لن نتوصل في جنيف خلال ثلاثة أيام إلى ما عجزنا عن الوصول إليه طوال ثلاثة أشهر في الكويت ليس فقط بسبب المدة الزمنية و لكن لأن عوامل فشل الجولات السابقة لم نتغير و ما كان موجودا من مقومات النجاح لم يتوفر صحيح أن الجولة يديرها مبعوث أممي مختلف و تنعقد في ظل فشل عسكري مستمر للتحالف و تعاظم في نفقاته و تفاقم للوضع الإنساني يصعب الاستمرار في غض النظر عنه و تنام عمودي و أفقي في منسوب التبرم الاممي من استمرار العدوان و لغة رفض دولي له أكثر حدة و وضوحا و كل تلك عوامل ضغط باتجاه إنجاح العملية التفاوضية لكن ليس بدرجة تكفي للتفاؤل كثيرا ما دام الطرف الذي سيجلس أمامنا على طاولة التفاوض و هو حكومة المرتزقة يفتقر إلى الأهلية اللازمة لاتخاذ القرارات و تنفيذ الالتزامات و وقف الحرب ليس في مصلحته كمرتزق و ما دام الطرف الحقيقي و هو المملكة و تحالفها غير مستعد ليدرك أن الطاولة ساحة لتقديم التنازلات و ليس لفرض الإملاءات و أن الإصرار على الغطرسة لن يمنحه النصر و إنما سيجعل الهزيمة أقسي أما نحن فكل التنازلات التي يمكن أن تقدم في مفاوضات سلام فإننا قد قدمناها في كل الجولات السابقة و لم يبق إلا أن يعقلوا
مفاوضات جنيف في كل الأحوال خطوة يجب علينا فقط أن نخطوها تعبيرا عن رغبتنا في السلام و الإنصاف، قد لا يتحقق فيها ما نأمله لكننا لن نخسر شيئا.