غوانتانامو في اليمن خطأ استراتيجي يا فخامة الرئيس .
يمني برس _ أقلام حرة
بقلم / علي البخيتي
تداولت بعض الصحف والمواقع الإخبارية خبر اعتزام الولايات المتحدة نقل معتقل غوانتنامو الشهير الى جزيرة سقطرى اليمنية, وتدارس الجانبان اليمني والأمريكي في روما مسألة تمويل بناء المنشأة.
مر الخبر دون ردود فعل واضحة وسريعة وكأنه خبر عادي, وان دل ذلك على شيء فإنما يدل على أن هناك عدم استشعار بخطر هذا الأمر لو ثبت صحته.
الولايات المتحدة تعاني من المعتقل منذ أكثر من عشر سنوات وتريد أن تتهرب من التبعات الأخلاقية والحقوقية والقانونية التي تحملتها خلال السنوات الماضية وتلقيها على عاتق السلطات اليمنية كما تُلقى النفايات النووية في الدول الفقيرة غالباً مقابل مبالغ مالية زهيدة كرشاوى لنافذين في تلك الدول.
هل يعي رئيسنا مخاطر وتكاليف واعباء تلك العملية ؟
يمكننا أن نسرد بعض تلك المخاطر للتذكير ولإلقاء الحجة من الآن, فنقل المعتقل الى اليمن سيجعل اليمن قبلة لمجاهدي القاعدة لتحرير زملائهم من سجن يقع في الأراضي اليمنية, مع أنه قد يتساءل أحد القراء قائلاً ان سجن الأمن السياسي في اليمن يحتوى على بعض زملائهم فما هو الفرق اذاً بعد بناء ذلك المٌعتقل في اليمن؟
الفرق يا سادتي أن المسجونين في الأمن السياسي على ذمة قضايا تم ارتكابها داخل اليمن, بغض النظر عن مدى شرعية ذلك السجن والجهاز الذي يديره ومدى صحة الاجراءات القانونية التي تتخذ فيه, لكن على الأقل هناك مبرر للسلطات اليمنية, لكن من يراد جلبهم من غوانتنامو الى سقطرى معتقلين بسبب قضايا واتهامات حدثت في العشرات من دول العالم, بل ان بعضهم مُعتقل بدون حتى تهم, فقط لمجرد الاشتباه أو الشك, والقانون اليمني والسلطات القضائية اليمنية غير مُختصة بنظر تلك القضايا وفقاً للدستور والقانون اليمني, ومن هنا سيكون ذلك المُعتقل كالمغناطيس لجلب عناصر القاعدة من كل تلك الدول التي اختطف زملائهم فيها, وسيكون ذلك مبرراً لما سينفذونه من عمليات واغتيالات داخل الأراضي اليمنية.
لم تتمكن الولايات المتحدة من الصمود أمام ضغوط المنظمات الحقوقية وأمام الدعاوى التي تُرفع عليها داخل أمريكا نفسها, بسبب اعتقال الكثير من الأبرياء والمُشتبه بهم في ذلك السجن الفضيحة, ودائماً ما تتنصل الحكومة الأمريكية من تلك الدعاوى بحجة أن الأرض التي عليها المُعتقل لا تتبع الأراضي الأمريكية وبالتالي فلا ولاية للقضاء الأمريكي عليها, ومع تزايد الضغوط ورفض تلك التبريرات قررت أميركا أن تتخلص من ذلك العبء الأخلاقي والقانوني والحقوقي وترميه داخل الأراضي اليمنية وتكون هي المُشرفة طبعاً على تلك المُنشأة المزمع بناءها.
اعتقد أنه يمكن للسلطات اليمنية البحث عن استثمارات أخرى أكثر جدوى وأقل خطراً على اليمن من استثمار اليمن سلطة وقضاءً وأرضاً كسجن لخصوم الولايات المُتحدة والمطلوبين لها, يمكننا أن نستثمر في السياحة والفنادق بدلاً من السجون, يمكننا أن نسثمر في “الطاقة” الكامنة في الكثير من الحقول النفطية داخل اليمن بدلاً من “البوابات” الإلكترونية التي سيتم التحكم بها من السي أي أيه.
فخامة الرئيس : الفقر ليس عيباً, والعجز المالي ليس جريمة, العيب والجريمة أن نتحول الى مكب لنفايات وجرائم غيرنا يغتسلون منها على أراضينا وبدماء ضباطنا وأبنائنا في القوات المسلحة والأمن لكي يعطوننا بضع الملايين من الدولارات التي تنفق غالباً في الدفاع عن التواجد الأمريكي داخل اليمن.
ومن هنا فإننا نقول أن لا طاقة لليمن في تحمل ذلك العبء الأمني والحقوقي والإنساني والقانوني الذي عجزت أمريكا نفسها عن تحمله.