في تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” دعا نائب الرئيس السابق خالد بحاح إلى عاصفة تصحيح سياسي وحجر، واصفاً معاناة الشعب اليمني بـ “الكبيرة”، داعياً القوى الوطنية والإقليمية والدولية التدخل لإنقاذه والحجر على من تسبب في تدمير البلاد في إشارة إلى ما يسمى بـ “شرعية” هادي وحكومته، مضيفاً إن الشرعية هي فقط لمن يحافظ على كرامة العباد، يأتي ذلك بالتزامن مع سفر مفاجئ للرئيس هادي إلى أمريكا مع قرب المفاوضات المزمع عقدها بين الأطراف السياسية في جنيف في السادس من سبتمبر الحالي، وهو ما فتح باب التكهنات على مصراعيه في توقيت هذه الأحداث المتشابكة التي تقابلها في الجانب الآخر انتفاضات شعبية ضد التحالف والشرعية في كل محافظات الجنوب وسط انهيار مخيف للريال اليمني أمام العملات الأخرى وارتفاع جنوني لأسعار المواد الغذائية والأدوية والمشتقات النفطية.
في هذه الأثناء تناولت العديد من المواقع الإخبارية وصفحات التواصل الاجتماعي أنباء عن وفاة الرئيس هادي في إحدى المستشفيات الأمريكية نتيجة أزمة قلبية، واصفة الوضع اليمني بأنه سيشهد مرحلة معقدة بعد هذا الرحيل، غير أن مواقع أخرى سارعت إلى نفي هذه الأخبار والاستماتة في تفنيدها مؤكدة أن صحة الرئيس جيدة وليس هناك ما يدعو لمثل هذه الإشاعات. وبالتدقيق في ردود الأفعال إزاء هذه الأحداث بصرف النظر عن صحتها، فإن أغلب التحليلات ذهبت إلى ضرورة تغييب دور هادي في الفترة المقبلة وطيّ صفحته نهائياً بعد الانتهاء من استثماره واستغلاله كورقة منحت العدوان ما يريده طوال المراحل السابقة، وفي ذلك إفساح لنجاح مفاوضات جنيف المرتقبة التي تعدّ أبرز محاورها نقاط خلاف كان يقف هادي في عرقلتها حسب إملاءات الرياض وأبو ظبي، وبذلك ستبدو دول العدوان في هذه المفاوضات أكثر استجابة، وسترمي بكل تعليلات الفشل السابقة في شخص الرئيس الفار، وكأن لا علاقة لها من قريب أو بعيد بأي عرقلة لمساعي السلام والتسوية السياسية في اليمن، وما يؤكد هذه الاحتمالات هو الضغط الأممي على دول تحالف العدوان في إنهاء الحرب على اليمن بعد أن وصفت الجرائم والمجازر بحق اليمنيين بأنها جرائم حرب سيحاسب مرتكبيها عاجلاً أم آجلاً، وكذا رصدها الانتهاكات الجسيمة بحق المعتقلين في سجون الإمارات في الجنوب وما رافق ذلك من تعذيب واغتصاب لا يقرّهما ميثاق ولا قانون.
في المقابل تسعى الأمم المتحدة لإنجاح مفاوضات جنيف حسب شروطها، وتمارس ضغطها على سلطات صنعاء بمنح العدوان الضوء الأخضر لارتكاب المزيد من المجازر، وترمي بكل ثقلها لحرق الاقتصاد اليمني وانهيار العملة المحلية لخلق سخط شعبي عارم من شأنه الضغط على سلطة الأمر الواقع للخروج من هذا الظرف الذي يتأجج يوماً بعد يوم بفعل الحرب والحصار، وهو ما سيجعل وفد صنعاء المفاوض إلى تقديم التنازلات والرضوخ لبعض الشروط، وفي هذا الحالة تكون الأمم المتحدة قد هيّأت المناخ المناسب لنجاح هذه المفاوضات بطريقتها التي تروق لها.
وعلى خطا بحاح “الجنوبي الأصل” يجمع كل ساسة الجنوب على فساد هادي وعدم أهليته لإدارة المرحلة ناهيك عن تدمير اليمن لتنفيذ أجندات العدوان، وفي هذا الصدد يقول السياسي الجنوبي أحمد عمر بن فريد، أن حكومة هادي لا تجيد شيئاً سوى السرقة والنهب والفساد، موضحاً أن العناد وحده هو الذي منع الرئيس هادي من تغيير حكومته قبل أشهر مضت عندما دعت الحاجة لذلك، وأشار بن فريد في تغريدة نشرها على حسابه بـ “تويتر”، إلى أن حكومة هادي اليوم تهرب من عدن وتترك الشعب فريسة للفقر والمرض والفوضى ما يثبت أنها لا يجب أن تقال فقط وإنما تحاسب أيضاً، مبيناً أن الثورة ستعم الجنوب كله وليس بإمكان أحد إيقافها.
ولعل ما يؤكد طيّ صفحة هادي هو لقاء المبعوث الأممي مارتن غريفيث بالرئيس الأسبق علي ناصر محمد، الثلاثاء، في مقر إقامته في الأردن لمناقشة التطورات في الجنوب والاطلاع على مبادرة الرئيس ناصر محمد بشأن وقف الحرب وإحلال السلام في اليمن وحل المسألة اليمنية وفقاً لمخرجات مؤتمر القاهرة المنعقد في العام 2011م، وما تلاها من مبادرات، كما اتفقا على ضرورة التواصل وعقد لقاء قادم بينهما بعد الانتهاء من أعمال المؤتمر التشاوري في جنيف، على أن يحدد مكان اللقاء في إحدى العواصم العربية، ويعدّ علي ناصر محمد من أبرز وأهم القوى المؤثرة في الجنوب، ويعرف عنه تمسكه بخيار الإقليمين كحل للقضية الجنوبية وهو ما يعارضه الرئيس هادي بتمسكه بيمن اتحادي من عدة أقاليم.