ماذا وراء عرقلة وصول الوفد الوطني اليمني الى جنيف؟
يمني برس – بقلم – علي الدرواني
في كل جولات المشاورات السابقة بدءًا من جنيف ثم بيال مرورًا بالكويت وصولًا إلى المشاورات المزمع عقدها هذه الأيام في جنيف، كان تحالف العدوان يحاول أن يضع العراقيل أمام الوفد الوطني سواء في ذهابه أو حتى في طريق عودته. وفي الجولة الأولى في يونيو 2015؟، نتذكر كيف تمت عرقلة الطائرة الأممية التي أقلت الوفد الوطني من صنعاء إلى جيبوتي وتوقفت في مطار جيبوتي ليومين كاملين، ومنعت من الهبوط في مطار القاهرة، أو حتى من المرور في الأجواء السودانية والمصرية بإيعاز سعودي، في تعنت وعرقلة دفعت بها السعودية لإظهار الوفد الوطني عاجزاً حتى عن الوصول إلى مقر التفاوض، وأيضا مقدرتها على التحكم برحلته كجزء من التهديد والضغط، ظناً منها أن تلك الضغوط ستجعل المتفاوضين يقدمون تنازلات تسعى لها الرياض. وأشبه بذلك ما جرى بعد انقضاء جولة الكويت مع بداية أغسطس 2016م، حيث منعت قوات تحالف العدوان الطائرة العمانية من نقل الوفد الوطني من مسقط إلى صنعاء لمدة تجاوزت الشهرين، لا لشيء غير مجرد العنجهية، محاولة القول أنها صاحبة الكلمة والقرار، في انعكاس واضح للغطرسة وعدم الرغبة في التوصل لحل سياسي، وبالتالي تظهر الأمم المتحدة أكثر عجزاً عن إعادة الوفد، بل لتظهر المجتمع الدولي متواطئا مع السعودية في هذه العنجهية الواضحة والفاضحة.
هذه المرة أيضا لا يبدو أن الأمر مختلف، فقد لجأت قوى العدوان إلى التعنت نفسه، ومنعت إصدار تصريح لطائرة عمانية تقل الوفد من صنعاء، المبعوث الأممي مارتن غريفيث في مؤتمر صحفي عقده الأربعاء الماضي كان قد أقر بوجود عراقيل أمام وصول وفد صنعاء إلا أنه أكد ثقته بأن الوفد سيأتي، قائلا: “أعتقد أن الأمر سيحل، ولو نظرنا إلى السابق لرأينا التأخيرات التي سبقت”، في إشارة للعراقيل التي تسببت بتأخر الوفد في المشاورات السابقة.
الوفد الوطني وفي بيان له حول عرقلة وصوله إلى جنيف، اتهم دول العدوان برفض منح الطائرة العمانية ترخيصاً لنقل الوفد والجرحى العالقين، مشيراً إلى أن الأمم المتحدة عجزت عن استخراج ذلك التصريح، معتبراً أن عرقلة الطائرة العمانية استهتار بالحل السياسي والسلمي في اليمن.
وأشار البيان أيضا إلى انعدام تام لأي ضمانات حقيقية لعودة الوفد الوطني عقب المشاورات في جنيف. في إشارة إلى ما جرى سابقا، وذكّر أيضا بما تعرضت له طائرة المبعوث الاممي مارتن غريفيث في مطار صنعاء 27 يوليو الماضي وايقافها ومنعها من الإقلاع لأكثر من أربع ساعات بشكل تعسفي، كذلك تغيير مسار طائرة الصليب الأحمر وإجبارها على الهبوط في مطار جيزان.
إلى الآن، تأخر وقت وصول الوفد الوطني إلى مقر المشاورات المفترضة في جنيف 48 ساعة.
وهذه المرة هناك ما يدفع السعودية أكثر إلى ممارسة هذه الهواية الساذجة، إلى جانب العنجهية والغطرسة، لأن الوفد الوطني يذهب إلى جنيف حاملاً معه أوراق القوة ويذهب العدوان وأدواته حاملين المزيد من الخيبات والانكسارات والعار، خيبة الآمال والتوقعات، بعد قرابة أربعة اعوام من العدوان والحملة العسكرية المكثفة والفاشلة بنظر كل المراقبين، والانتكاسات في كل الجبهات لا سيما في الساحل الغربي، وما لحق بالعدو ومرتزقته من خسائر في الأرواح والعتاد، وتحول الساحل إلى بؤرة استنزاف كبيرة لهم، والعار الكبير الذي وصم به العدوان بعد ارتكابه أبشع المجازر الوحشية بحق الطفولة، سواء بحق حافلة طلاب ضحيان أو نازحي الدريهمي وهي آخر المجازر المتوحشة بحق الأطفال، يضاف إلى ذلك ما تضمنه تقرير فريق الخبراء التابع لمجلس حقوق الإنسان الذي كشف سوأة هذا التحالف وعراه أمام العالم، وكشف الهول المهول عن جرائمه وفضائحه وتعمده قتل المدنيبن وارتكاب الفظائع في السجون في المحافظات المحتلة جنوب البلاد، .. إلى آخر ما ورد في التقرير.
كل هذا جعل الرياض تذهب إلى قرار العرقلة والتي ربما تصل إلى منع وصول الوفد إلى جنيف لكي لا تسمح له أن يستثمر كل أوراق القوة ضدها على الطاولة الاممية، ولكي تعوض عن هزيمتها الاخلاقية والعسكرية بمحاولة تحميل الوفد الوطني مسؤولية ما تريد تصويره بعرقلة المشاورات وإفشال الجهود الأممية.