تؤكد مشاهد الاعلام الحربي وحدود المعركة الجغرافية ووسائلها المستخدمة وتكتيكات الهجوم وأساليب التخفي والتمويه والمناورة وحجم مشاركة الطيران الحربي وعدد ونوع الآليات الداخلة على خط المواجهات أن عملية نوعية شهدتها منطقة مجازة العسيرية، بطلُها والقابض على زمام المبادرة فيها هم ثلة من أبطال الجيش واللجان الشعبية، واليكم في المادة هذه جانب من تفاصيل العملية ترويها ألسنة الأبطال وتقرّبُ تقاسيم وملامح حدودها إلى أذهاننا صور الاعلام الحربي من أكثر من زاوية مُطلّة على ميدان المعركة الاستثنائية.
– موقع المعركة وجغرافيتها:
تقع مجازة في الجهة الشرقية من مدينة الربوعة وهي سلسلة جبلية يبدأ ارتفاعها من مجموعة التباب المتشكلة بين مديرية باقم ومدينة الربوعة التابعة لعسير وتنتهي بمرتفعات جبلية متفاوتة الارتفاع ومتشابهة التضاريس بالاتجاه الشرقي قبل تنتهي مجازة عند بداية سلسلة جبال عليب وهي الجبال الواقعة بين منطقتي عسير ونجران، وتكتسب أهميتها من إطلالتها الواسعة على التشكيلة الجغرافية المتنوعة الواقعة بين صعدة وعسير وتتشكل من الوديان والسهول والتباب.
– التحضير للزحف:
اعدّت الوحدات القتالية من كل الأقسام العسكرية عدّتها وقبل انطلاق عدد من المشاة المقتحمين في مسالك ميدانية التفافية ورأسية مموهة بعناية، تموضعت وحداتُ الاسناد المدفعي الثقيل في عدد من الجبال والتباب المحيطة بالوادي الذي تتشعبُ منه طرق هي خطوط امداد العدو السعودي ومرتزقته من مجازة الى عمق مواقع العدو في عسير وهي الطرق التي تهدف هذه العملية الهجومية الى قطعها وفرض نوع من الحصار على مواقع المرتزقة الواقعة الى الغرب من مجازة وشمالها.
– برفقة المقتحمين:
في خطة تكسر المألوف والمتعارف، بدأت العملية بالهجوم من قبل قوات المشاة قبل أن تفتح المدفعية في مواقع الاسناد الثقيل نيرانها صوب مواقع العدو، الى أن بلغ المشاة مقربة منها، وبعد لحظات من وصول المشاة الذين سلكوا مساراً التفافياً آخر، شرعت المدفعية بتغطية الزحف على المواقع من النقطة صفر حيث بدأت اقتحامات المواقع مباشرة وسقط معظمها تحت وقع الفجأة، استمرّت المواجهة لساعات طويلة تقدم خلالها أبطال الجيش واللجان رأساً صوب بقية المواقع بالعشرات وقد تساقطت بعد مواجهات متقطعة تفاوتت من موقعٍ الى آخر، وفي كل موقع لقي عشرات المرتزقة مصارعهم وأصيب الكثير بجراح، وأثناء التقدم المتواصل أحرق أبطال الجيش واللجان قرابة عشر آليات متنوعة الاحجام والمهام، بينها آليات كانت تحاول اخلاء المواقع من العتاد العسكري الذي خلفه المرتزقة الهاربون من المواقع، و وثق الاعلام الحربي تفاصيل مثيرة عن العملية تتعلق بطريقة التقدم والانتشار مشاهد حية للآليات لحظة استهدافها واحتراق الكثير منها.
وعقب استقرار أبطال الجيش واللجان الشعبية وتحصين بعض التباب والجبال التي كان المنافقون فيها، حاول المنافقون إيقاف التقدم واستعادة المواقع غير أنهم سرعان ما وقعوا ضحايا وهم على متن الآليات التي تقلهم اثر استهدافها من وحدة الصواريخ الموجهة بالصواريخ الحرارية التي تكفلت بإحراق حوالى سبع آليات وإيقاف تعزيزاتهم، وهي تعزيزات رافقها غطاء جوي متنوع مستخدماً أسلحة وقنابل محرّمة من بينها غازات سامة ذات اللون الأبيض وتعرف بغاز الفسفور، وقد استهدف الطيرانُ بها أماكن يفترضها نقاط تجمع وانطلاق لقوات الجيش واللجان الشعبية، في محيط مجازة وفي الخطوط الخلفية للجيش واللجان.
– التقدم مستمر:
لم تنته العملية بإيقاف محاولات الاستعادة وحشود التعزيز بل واصلت القوات اليمنية تقدمها صوب مواقع المرتزقة، مسقطة المزيد منها ومضاعفة من خسائر الجيش السعودي في العتاد العسكري، وخسائر المرتزقة سواء السودانيين أم اليمنيين، وفي مسار التقدم وضع المجاهدون أيديهم على عشرات القطع الحربية الصغيرة والمتوسطة وخزنات الذخائر التابعة لها، فيما أحرقوا خيام وعتاد عسكري تابع للمنافقين في المواقع.
– نجاح الخطة ببلوغ الهدف:
وتمكنت قوات الجيش واللجان من الوصول الى نقطة قريبة من طريق امداد المرتزقة الواصل بينهم ومراكز امدادهم داخل معسكرات الجيش السعودي، وبينت المشاهد كيف نجحت نيران الجيش واللجان اليمنية من قطع الخط واحراق عدد من الاليات في ذات الطريق، ومن المتوقع وفق تفاصيل أدلى بها مصوّر الاعلام الحربي أثناء تغطيته العملية أن تفتح العملية مساراً جديداً أمام القوات اليمنية لمواصلة تقدمها صوب مواقع العدو وصولاً الى اطباق الحصار، وبالرغم من المشاركة الكبيرة لطيران الاباتشي والطيران الحربي والتجسسي والذي صوّر الاعلام الحربي مشاهد عدة لتحليقها وغاراتها الا أن أبطال الجيش واللجان، واصلوا التقدم مستفيدين من خبراتهم المتراكمة في أساليب وطرق التمويه من الطيران، وعرض الاعلام الحربي مشهداً نادراً لتحليق طيران الاباتشي على مسافة منخفضة نسبياً من المسافة المعتادة، وفي الصورة ظهرت الاباتشي وتتخبّط عشوائيّاً في الأجواء وتبدو عاجزة عن مساعدة مرتزقتهم على الأرض، وقد علق أحد المشاركين في العملية بأن حضور الاباتشي رغم تواجد سرب من الطيران الحربي من باب إسقاط الواجب، وهو ما يتيح للقادة العسكر السعوديين تحميل المرتزقة كامل المسؤولية من تداعيات سقوط لمواقع وما تضمنها من خسائر فادحة لحقت بالجيش السعودي بالإضافة الى فقدان مواقع هامة لا تتوقف تداعياتها عند حدود جغرافيتها.