موضوع التدخل في الانتخابات الأمريكية يثير قلق الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب وشركائه الخليجيين، وكانت البداية من خلال انتشار أخبار حول تدخل روسيا في الانتخابات الرئاسية الأمريكية الماضية وفيما بعد ظهرت شخصيات مؤثرة في هذا الملف أمثال جورج نادر، ستورمي دانيالز، كامبريدج اناليتيكا، الجاسوس الالكتروني الروسي الغامض، ساعدت المحققين في تضييق الخناق على ترامب، لدرجة أن الأمور قد تتجه اليوم إلى فرض عقوبات على الذين ساهموا في وصوله إلى كرسي الحكم، فهل حقاً يتخلى ترامب عن هؤلاء ويطعن بهم مقابل كسب رضى الشعب الأمريكي، وهل تنقذه هذه العقوبات من إكمال التحقيق وتخفف عنه نتائجه التي قد تطيح به بأي لحظة؟!.
الجديد اليوم
قال مصدران مطلعان إن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، سيوقع، يوم الأربعاء، أمراً بفرض عقوبات على أي شركة أو شخصية أجنبية تتدخل في الانتخابات الأمريكية بناء على معطيات الاستخبارات.
وأشار المصدران إلى أن قرار ترامب تزامن مع استعدادات الأجهزة الاستخباراتية والعسكرية والقانونية الأمريكية لحماية انتخابات الكونغرس المرتقبة في 6 نوفمبر من هجمات أجنبية محتملة، وذلك على الرغم من توجيه ترامب نفسه انتقادات ساخرة إلى التحقيقات الحالية في قضية “التدخل الروسي” في انتخابات عام 2016 الرئاسية.
البداية
لم تكد تطأ قدما الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بلاط البيت الأبيض حتى تسرّبت أخبار عن تدخل روسي في الانتخابات الأمريكية، لتتبعها أخبار بأن المخابرات الأمريكية ومكتب التحقيقات الفدرالي يحققان في تقارير تبدو حقيقية عن تورط روسي مؤكد في التأثير على نتيجة الانتخابات وتسهيل وصول دونالد ترامب للحكم ولأن الإعلام لا يطيقه، تلقّف الأخبار وأقام الدنيا ولم يقعدها، ليصبح ترامب حديث الإعلام والصحافة صباحاً ومساء.
وبعد ذلك كثرت التقارير حول هذا الموضوع وأصبحت متشعّبة جداً والجميع أصبح يشكك بعلاقة ترامب مع بوتين، حتى أن الأمريكيين وصفوا قمة هلنسكي التي جمعت بوتين وترامب بأنها قمة الخيانة، وتتالت التقارير من هنا وهناك، وفي كل مرة كانت تصبّ الأمور في مصلحة المحقق في هذه القضية روبرت مولر، وهذا الأمر أقلق ترامب جداً لدرجة أنه بدأ بتهديد الشعب الأمريكي في حال تم عزله وتنبّأ لهذا الشعب بانهيار اقتصادي في حال حصل ذلك، وفي مقابلة له على “فوكس نيوز” بثت الخميس 23 من شهر أغسطس، قال ترامب: “الاقتصاد الأمريكي -سينهار- في حال تم عزلي، وأعتقد أن الجميع سيصبحون فقراء جداً”.
تبعات هذا الملف
خلال الأشهر القليلة الماضية برز اسم شخصية مثيرة للجدل في الأوساط الإعلامية كان لها دوراً محورياً في التدخل في الانتخابات الأمريكية، نحن نتكلم عن جورج نادر “رجل أعمال أمريكي من أصول لبنانية”، هذا الرجل كان صلة الوصل بين محمد بن زايد ومحمد بن سلمان من جهة وترامب من جهة أخرى وذلك في المرحلة التي سبقت الانتخابات الأمريكية، وأخبر جورج نادر، دونالد ترامب الابن بأن ولي عهد السعودية وولي عهد الإمارات يرغبان في مساعدة والده في تحقيق الفوز بالانتخابات ليصبح رئيساً، وبالفعل حدث اللقاء بحسب صحيفة نيويورك تايمز، وكان السيد نادر يروّج لخطة سرية تتعلق باستخدام مقاولين من القطاع الخاص لزعزعة الاستقرار في إيران، العدو اللدود في المنطقة لكل من السعودية ودولة الإمارات.
وأكدت الصحيفة الأمريكية أنه ليس مشروعاً لأي حكومة أجنبية أو أفراد أجانب أن يتدخلوا في الانتخابات الأمريكية، وليس واضحاً ما إذا كانت السعودية والإمارات قد قدمتا أي مساعدة مباشرة، وبعد ذلك حصل اجتماع آخر عقد في برج ترامب وقبل ذلك بشهرين (اجتماع مع مسؤولين روس، وهو الآخر قيد التحقيق حالياً من قبل المحقق الخاص، في ذلك الاجتماع التقى دونالد ترامب الابن وعدد من كبار المساعدين في الحملة الانتخابية مع محامٍ روسي كان قد وعدهم بتقديم معلومات مدمّرة حول هيلاري كلينتون، ولكن لا يوجد حتى الآن ما يدلّ على أن اجتماع شهر أغسطس/ آب تم ترتيبه بدوافع مشابهة.
في تلك الفترة برز تقرير آخر لم يلفت الانتباه كثيراً بشأن ترتيب لقاء سري بين ترامب وبوتين في سيشل برعاية جورج نادر، وبعد انتشار هذه التقارير قبض المحقق مولر على نادر وحقق معه وهاله ما ظهر من معلومات، فلم تكن روسيا فقط هي من تدخلت في الانتخابات بل كانت الانتخابات الأمريكية مرتعاً للجميع.
وفيما بعد أصبح نادر الذي سوّق نفسه مستشاراً لولي عهد أبو ظبي محور تحقيقات مولر، الذي يشكّ في أن نادر سعى إلى شراء النفوذ السياسي من خلال توجيه الأموال لدعم ترامب خلال حملته الرئاسي، مولر، وخلال تحقيقه مع الشهود، سأل عن دور نادر في البيت الأبيض، ما يشير إلى أن التحقيق الذي أجراه المحامي الخاص قد توسع إلى ما بعد التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية، ليشمل أيضاً التأثير الإماراتي على إدارة ترامب، بحسب نيويورك تايمز.
في الختام يمكن القول بأن الإمارات ترتبط بعلاقات قوية مع الاستخبارات المركزية الأمريكية فهل يؤخر هذا الأمر العقوبات، ولكن بما أن القوانين الأمريكية تمنع قيام الأجانب بالتنسيق مع أي حملة انتخابية أو شراء إعلان يدعو صراحة لانتخاب أو رفض أي مرشح، فإن هذه الورقة ستكون بمثابة ورقة ابتزاز في أيدي واشنطن تبرزها عندما تتطلب الحاجة ذلك، وبالتالي على الإمارات التكيّف مع الأوامر الأمريكية ديموقراطيّة كانت أم جمهورية.