كربلائية السيد الأكثر جدلاً في عاشوراء التحدي و كبرياء الأشياء الأخرى !!
يمني برس _ أقلام حرة
بقلم / عابد المهذري .
كما في خطاباته الارتجالية المسترسلة دون فراغ بين الكلمات او انقطاع بين الجملة و الاخرى .. لا يترك السيد عبدالملك الحوثي فراغات كبيرة في الاداء الميداني المتحفز دوما للتنقل من مرحلة الى مراحل أرقى دون اكتراث بعواقب او عوائق . وحده السيد الشاب بين اقطاب السياسة و قادة الجماعات القبلية و الدينية .. من يستطيع ترتيب افكاره و تنظيم برنامجه العملي بما يتوافق مع تفاعلات الساحة و يواكب مستجداتها عوضا عن قدرته المتصاعدة في صناعة الاحداث و التحكم بمساراتها بعدما كان الى وقت قريب مجرد مشارك اضطراري في عمق الحدث .
كلمة الحوثي بمناسبة عاشوراء اقنصت التوقيت المناسب لايصال الرسائل المناسبة لخصومه من القوى المحلية و الخارجية .. السياسية منها و الايدلوجية .. اذ تناول توتر الوضع في صعدة بالاشارة و التلميح دون ذكر مباشر للحرب في دماج .. مكتفيا بالعموميات و الشمول لمختلف الجهات الرسمية و الاجنبية كي يوجه للجميع رسالة التحدي بإعتباره أبلغ رسائله في كل خطاباته اثناء الملمات العاصفة منذ ظهوره الاول في الحرب الرابعة و تحذيراته في الخامسة من انتصارات اكبر و هزائم اكثر .. الى خطابه في آخر مولد نبوي و هو يدعو اعداءه الى شرف الحرب و اخلاق المواجهة برجولة و فروسية بدلا عن الدسائس و المؤامرات غير متناسيا ابداء استعداده للسلام و الاخوة بصدق و شهامة .. تاركا الخيارات مفتوحة امام الجميع و هي الخيارات التي ترافقه منذ اول يوم خطب فيه بلهجة حادة : و قاتلوهم .. حتى آخر ترنيمة : ما نبالي ما نبالي .
يزم شفتيه تحت حاجبين مقطبين بوجه غاضب و سبابة يده اليمنى لا تكف عن ترجمة الفكرة بالحركة و هي مرفوعة وسط الاصابع المنقبضة .. لتعيد التذكير بأول صورة للسيد عبدالملك وصلت لوسائل الاعلام كاشفة آنذاك عن ملامح قائد ثلاثيني لبق و صلب يتزعم جماعة انصار الله و المسيرة القرآنية روحيا و سياسيا و عسكريا .. يعتمر شالا فلسطينيا كالراحل ياسر عرفات و يحاكي بلاغة و شكيمة الثائر العلم حسن نصر الله ليهز مع حشود اتباعه المقاتلين المستبسلين اركان الخارطة اليمنية بصرخة الموت لأمريكا و اسرائيل من اجل تحرير الاقصى و استعادة القدس .. انتصارا لعدالة وسماحة الاسلام كمنهج حياة فاضلة .. بإستحضار تضحيات كربلاء الحسين و جعلها مرتكزا لانتصار الفكرة و الهدف و رافعة لبقاء جذوة الامل خالدة الديمومة دون ذبول لالتياع المشاعر المنبثقة من نداء و تلبية : هيهات منا الذلة .
سأترك للمهتمين بقراءة لغة الجسد مهمة تفسير و تحليل حركات و نبرات صوت السيد عبدالملك الحوثي في إطلالته الكربلائية الاخيرة .. و سأخوض في مناقشة مضامضين الخطاب المزدوج السياق بشقيه الفكري و السياسي .. حيث حضر حزب الاصلاح و امريكا كمحورين متلازمين لصلب الكلمة و موضوعا رئيسيا لفحوى الرسائل .. ابتداءا من توجيه التحذير للجنرال علي محسن الذي يبدو انه كان قد حصل على معلومات مسبقة عن الخطوة التالية للسيد فاستبقه بتصريحات صحفية يؤكد فيها قوته و قدرته اكثر من ذي قبل على استئصال الحوثيين .. فلم يكن هنالك بدا سوى ظهور ابوجبريل للرد على اللواء الاحمر بتذكيره بما ألحق به و بجيشه من هزائم و هو بأوج القوة و السيطرة على السلطة خلال الست الحروب الست السابقة .. قاذفا بين يديه بسؤال : ماذا يستطيع فعله الآن و قد صار خائر القوة منهار القوى .. إثر تغير قواعد اللعبة و تبدل الظروف التي جعلت السيد يرمي بسهام الاستفزاز للطرف الآخر حول دواعي الاستعانة في الحرب عليه بالمقاتلين الاجانب المستجلبين من خارج الحدود .. متعمدا الزهو بأنصاره و المفاخرة بالحشود الملتفة حوله .. طارحا بثقة متناهية : ان كانت لديكم شعبية !
هذه قراءة أولية في حواشي كلمة من المستحيل ان تمر – كالعادة – دون اثارة عواصف الجدل و التحليل و النقاش .. كأنما خلق عبدالملك الحوثي ليكون أكثر شيئ جدلا .. على نحو يجعلني استعير منه وعد العودة كلما فتح ناظريه ناطقا : إن عادوا عدنا .. حتى نعود نحن مرة أخرى لاستكمال ماتبقى .