إعلان الأمين العام لحزب الله اللبناني السيد حسن نصرالله، حصول الحزب على صواريخ متطورة ودقيقة، أربك إعلام العدو وقادته وظهر حجم التخبط في الداخل الإسرائيلي على أعلى مستوى بعد هذا الإعلان، لدرجة أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خرج على الإعلام ليبادل السيد نصرالله التهديدات ولكن دون جدوى لأن “الأمر انتهى” و”حزب الله” تمكّن من الحصول على أسلحة حديثة ومتطورة بالرغم من جميع الهجمات الإسرائيلية للحيلولة دون ذلك.
الهجمات الـ200 في سوريا
الحرب في سوريا أصبحت في مشهدها الأخير بعد تمكّن الجيش السوري بمساعدة حلفائه من إعادة السيطرة على أغلب المناطق التي خرجت عن سيطرته في السنوات الأولى من عمر الأزمة، وكان المحيط المجاور لسوريا يدفع نحو إسقاط النظام السوري تحت أي ظرف لكونه يعدّ ركيزة أساسية ومهمة في محور المقاومة الذي كان يعمل على تمزيقه وإنهاء وجوده عبر سوريا، فشل هذا الخيار بجميع أوجهه وعوضاً عن ذلك اكتسب هذا المحور أهمية كبيرة ومكانة دولية لم يعد بالإمكان تجاوزها، وهذا بطبيعة الحال انعكس إيجابياً على “حزب الله” بالرغم من بعض الخسائر التي تعرّض لها في سوريا، إلا أن جنوده أصبحوا أكثر جاهزية من أي وقت مضى وتمكنوا من الحصول على خبرة وتجربة لم يكن كيان الاحتلال يرغب في حصول الحزب عليها.
وبعد فشل كيان الاحتلال بكسر العمود الفقري لمحور المقاومة عبر المجموعات المسلحة التي تم أمدّها بالمال والسلاح دون أي جدوى، ما اضطر الإسرائيلي لاعتماد استراتيجية الهجوم المباشر على أهداف للجيش السوري وأخرى ادّعى أنها أهداف إيرانية أو لحزب الله وشنّ أكثر من 200 هجمة فماذا كانت النتيجة؟!
النتيجة حمل معانيها وكلماتها السيد حسن نصر الله في خطابه أول أمس قائلاً: إن الحزب حصل على صواريخ دقيقة ومتطورة على الرغم من محاولات إسرائيل منعه من ذلك.
وقال نصر الله: “إن ما فعلته إسرائيل من محاولات لمنع الحزب من الحصول على الصواريخ لم يجدِ نفعاً، فقد بات الحزب يمتلك الصواريخ الموجهة بدقة”، إلا أنه لم يقدّم أي دليل على امتلاكه لهذه الصواريخ.
وأضاف نصر الله في كلمة متلفزة: إن المقاومة باتت تملك من الصواريخ الدقيقة وغير الدقيقة، ومن الإمكانيات التسليحية ما يسمح إذا فرضت إسرائيل على لبنان حرباً، فإن إسرائيل ستواجه مصيراً وواقعاً لم تتوقعه في يوم من الأيام.
الغاية من الهجمات الـ200
الهجمات الـ200 في سوريا حملت عدّة أهداف من أبرزها ضرب البنية العسكرية لحزب الله والجيش السوري، عبر منع إنشاء معادلة ردع أمام هجمات العدو الصهيوني، إلا أن إعلان السيد حسن نصرالله أفشل ذلك وأحبط آمال الإسرائيلي وظهر ذلك في الإعلام الذي أكد مصداقية الأمين العام لحزب الله، فعلى سبيل المثال قالت القناة 12 بأن كلمة السيد نصرالله جاءت واضحة وبسيطة وحماسية، وأضافت يجب علينا جميعاً أن نعرف أنه على رغم جميع الهجمات التي شنتها إسرائيل، فإن الصواريخ الدقيقة تسربت إلى لبنان، وإلى مخازن حزب الله. هذا ما شدد عليه نصر الله، وأوضحه في شكل جيد، وعلينا أن نتعامل مع هذه الأمور بجدية، و”للأسف، أقول إن نصر الله لا يكذب، ويتبين أن الهجمات الـ200 في سوريا، لم تمنع تزوده بالصواريخ الدقيقة”.
وبالنتيجة الهجمات الاسرائيلية الـ200 في سوريا رسمت نجاحاً مقوّضاً في الشكل، فارغاً في المضمون كونها حالت دون تحقيق هدفها المطلوب.
ومن جهة أخرى، ورغم تعرّض المحور المقابل لضربات موجعة كانت بمثابة مخاض ولادة بنية صاروخيّة دقيقة، لكن النتيجة أثمرت على المدى البعيد ولن يكون بإمكان العدو تجاهلها.
من الأهداف أيضاً إضعاف الدولة السورية عبر تعزيز فرص الجماعات المسلّحة، فقد كان جزءاً محدوداً من الضربات لخدمة الجماعات المسلّحة ولاسيّما في المناطق القريبة من فلسطين المحتلّة، ولكن ما حصل أن الجيش السوري تقدّم واستعاد أغلب الأراضي السوريّة.
وزير الأمن أفيغدور ليبرمان أكد على تغييرين استراتيجيين: “أعداؤنا امتلكوا صواريخ دقيقة؛ وتحول الجبهة الداخلية إلى الجبهة الأساس في الحرب المقبلة، ليخلص إلى القول: كل شيء تغير، في السنوات الثلاث الأخيرة قفزت التهديدات أربع درجات”، وهذه السنوات الثلاث الأخيرة، هي التي قادت فيها إسرائيل حربها وبفاعلية، على تعاظم حزب الله العسكري النوعي. وفي هذا التصريح، إقرار مسبق بخسارة الحرب على القدرة والدقة، قبل أن يكشف نصر الله نفسه هذه النتيجة بأسابيع.
هذه السياسة معتمدة في العسكرة، عندما قال السيد نصرالله: إن حزب الله يمتلك أكثر من 20 ألف صاروخ قبل عقد ونيف التقديرات الإسرائيلية تحدّثت حينها عن أكثر من 80 ألف صاروخ، وعندما قال السيد نصرالله: إن حزب الله يمتلك أكثر من 100 ألف صاروخ، تحدّثت التقديرات الإسرائيلية عن أكثر من 200 ألف.
اليوم عندما يقول السيد نصرالله: إن “حزب الله” يمتلك صواريخ دقيقة ومتطورة رغم “أنف إسرائيل”، فهذا لا يعني أنه يمتلك عشرة صواريخ أو حتى العشرات، بل يمتلك حدّاً كافياً يسمح للسيد نصرالله بخوض حرب تفوق حرب تموز دون الحاجة إلى تعزيز البنية الصاروخية الدّقيقة.
حزب الله لا يمتلك الصواريخ الدقيقة فحسب، بل يمتلك القدرة على تحويل الصواريخ الموجودة لديه إلى صواريخ ذكية وفق كلام لعقيد أفيرام حسون، من مديرية “حواما” لتطوير الصواريخ والذي قال خلال مؤتمر الدفاع الجوي والصاروخي الإسرائيلي في هرتسيليا عام 2015: إن إيران تحوّل الصاروخ غير الموجه “زلزال” إلى صاروخ دقيق يوجه قذائف M600 من خلال تطوير رأس الصاروخ الحربي، فإذا كان الأمر كذلك قبل 3 سنوات فأين أصبح اليوم؟.