تعكس (الإثنية) نفسها على اليمن اليوم في كل ما هو سياسي.. من عاصمتين ورئيسين وحكومتين – في الداخل والخارج – وجيشين ومقاومتين و.. و… حتى الانقلابات صرنا نسمع من يقول بأن هناك من انقلب على شرعية رئاسة عبدربه منصور التوافقية وتجديدها ومخرجات الحوار الوطني.. ومن يقول بأن هناك من انقلب على توافقيه ومدة الرئاسة وهي اتفاقية السلم والشراكة الموقع عليها محلياً والمرعية إقليمياً ودولياً..
يدعى الطرف الأول – أي من في الخارج – أن الطرف الثاني هو الإنقلابي وحجتهم أن (عاصفة الحزم) قد هبت لنصرتهم وأن دول العالم لا تعترف إلا بهم، وأن من قاموا بالانقلاب ومن يناصرهم لايزيدون عن خمسة في المائة من الشعب اليمني.
ويرد الطرف الثاني – من في الداخل – أن الإنقلابي على التوافق وتحديداً اتفاقية السلم والشراكة وهو من فر بعد فشله ليستقوي بالأطماع السعودية في اليمن، ومن حججهم أن الانقلاب – في التعريف السياسي – هو ما تقوده وحدات متمردة من الجيش أو نفر ممن في السلطة ولا يقوى على مقاومته ردة فعل دستورية أو هبة شعبية فكيف يتمكن من الداخل ومن يوصفونهم بالانقلابين على الشرعية الدستورية أن يصمدوا لأربع سنوات؟ – وسيدخلون الخامسة – أمام تحالف شبه أممي وعدوان همجي متحلل من كل قيم وأخلاقيات الحروب، ومدعوم بمال النفط الصحراوي وإمبراطورية إعلامية، ويقولون أيضاً من هو الانقلابي؟ أهو من يصمد في جبهات القتال في عشرات الجبهات طيلة هذه المدة أم ذلك الذي انقلب على ما اتفق الناس عليه من سلم وشراكة ولم يصمد ساعات وبيده كل مقومات الدولة وعدة وعديد جيشها ..؟! وفر ليستدعي عدواناً خارجياً؟!
يكثر الحديث حول هذا الأمر الذي لن نخوض فيه بل نتركه للتراشق الإعلامي ولضيوف القنوات الفضائية من (المحللين) ولمن يفرغون شحناتهم عبر قنوات التواصل الاجتماعي أو ( من وراء حجاب).
دعونا من الانقلابين ولنقف قليلاً أمام قضية هذا الشعب اليمني الذي يرى فيه المتابعون في العالم أنه شبَّ عن الطوق وقال: لا للوصاية والهيمنة السعودية ورفض أن يكون الحديقة الخلفية لمملكة النفط.. إنها هبة شعبية يمنية ترفض الخنوع ومذلة التبعية وإلاّ كيف لخمسة في المائة – منه كما يزعمون أن يحرزوا كل هذا الصمود ويقدموا كل هذه التضحيات ويصبروا على كل شرور التحالف من الأسلحة الحديثة والمحرمة إلى الأمراض الفتاكة إلى الحصار والتجويع إلى قتل المدنيين.. إلخ إلخ.
الخلاصة أنه لو تركوا أبناء اليمن وشأنهم لما حدث ما حدث، ولو لم يتم هذا العدوان لما كانت هذه الهبة الشعبية والثورة – في وجه الهيمنة – والتي وجهت البندقية في شمال اليمن وغربه – في وجه الأطماع السعودية – وها هي شرعت بالخطوة الأولى في جنوب اليمن وشرقه – أو ما أسموها بالمناطق المحررة – إنها الخطوة الأولى التي بدأت بالاحتجاجات المدنية ورفض التواجد الأجنبي الذي لا مناص من مقاومته بالبندقية.
دعونا نترك الحديث عن (الانقلابات) ونلتفت إلى قضية الجميع ومصلحة الكل وهي رفض الوصاية والهيمنة والثورة في سبيل أن يتركوا اليمن وشأنه.