“من أعظم ماتصاب به الأمة أن تفقد عظماؤها” وها نحن اليوم نفقد واحدا منهم بعد ان عقد صفقته المربحة من الله وأوفى بذلك وقطع على نفسه عهدا بأن يذود عن حمىالدين وأعراض المستضعفين مهما كان الثمن غاليا..وليس هناك ماهو أغلىمن تقديم النفس والروح والدم إلا أن هذا كله في قاموس العظماء رخيصا في سبيل الله، ولأنهم ممن يعون هذه المصطلحات جعلهم الله من خاصته وأوليائه فكل ميادين التضحية والجهاد والصبر والثبات شهدت بصولاتهم وجولاتهم وبطولاتهم وهم يقارعون قوى الشر والاستكبار وأذنابهم في مختلف الميادين ويلقنونهم دروسا قاسيه ومريرة، يعبدون بدمائهم الزكية طريق النصر ويرسمون منهاج الحرية والكرامة.
في الحقيقة لقد تفاجأت اليوم وأنا أطالع الأخبار والمستجدات باستشهاد فارس جبهة ناطع المجاهد البطل عيسى العكدة الذي سطر بثباته وإيمانه وثقته بالله في هذا المحور قبل بضعة أشهر خلت بطولات خارج المألوف والمعتاد لم تحصل في تاريخ الحروب وميادين النزال،تجلى كل ذلك في مشاهد قل نظيرها وهو يتصدى بالحجارة لزحف نفذه العشرات من عناصر القاعده وداعش التي تقاتل في صفوف تحالف العدوان الامريكي السعودي بذات الجبهة وأجبرهم على الفرار يجرون ورائهم أذيال الهزيمة النكراء ويحصدون الخيبة أمام آلة السلاح التي كانت بمثابة حمم إلهية متشظية كان يقذفها من يديه باتجاه تلك المجاميع التي ولت الأدبار.
الشهيدالعكدة واحدا من سلسلة العظماء وممن سطروا بثباتهم وإيمانهم ووعيهم وثقتهم بالله وتجلت آياته فيهم حيث سطروا أروع الملاحم التي توصف بالمعجزة منذ بزوغ صدر الاسلام وفجره الأول وحتى اليوم في جندلتهم للطغاة والجبابرة والمستكبرين وقوى الشر والاجرام.
بطل الحجارة جسد حقيقة ومضامين المسيره القرآنية ومشروعها العظيم في أبهى حللها ومعانيها قولا وفعلا وواحد ممن تشربت ثقافة القرآن الى أعماق قلبه بل وترجم معنى استشعار المسؤولية الدينية والوطنية عمليا في مثل هذه الظروف الحرجة التي يعانيها منها شعبنا اليمني العظيم في ظل صلف العدوان وتمادية في ارتكاب المجازر المروعة بحق أبناء شعبنا اليمني للعام الرابع على التوالي .
وعلى خطى علم الزمان رجل القول والفعل سيدي ومولاي عبدالملك بدر الدين الحوثي حفظه الله وحرسه أثبت شهدائنا العظماء للجميع بأن الايمان المحمدي الأصيل إذا تمكن من شغاف القلب يجعل المستحيل ممكنا فجسدو بإخلاصهم وبصدقهم ووفائهم إباء حمزة وشجاعة علي وإقدام جعفر وثبات وصبر الحسين وموقف زيد عليهم سلام الله وارتضوا بكل فخر وعزة وشموخ أن يكون هؤلاء قدوتهم وأعلامهم مدركين انهم مكامن سر الانتصار.
المواقف البطولية للشهيد العكدة تعد دروسا حقيقة للايمان والولاء ومعنى الانتساب للمسيرة القرآنية إذ أنها ليست شعارات كما ينظر إليها المتسلقون وراكبو موجات التغيير، ولكنها قول وفعل، لها رجالها وأبطالها ممن قال تعالى فيهم” يحبهم ويحبونه”.
وقد شقوا طريق الحريه والكرامة رافضين الذل والخنوع والاستكانة والذل لكل طواغيت الأرض معبدين أنفسهم لله وحده.
قبل بضعة أشهر خلت تقلد العكده وسام الشجاعه من الدرجة الأولى ومنح رتبة عسكرية من قبل الرئيس مهدي المشاط..لكن كل ذلك لم يثنه عن مواصلةمشواره الجهادي بل ولم يجعل لها قيمة لديه ومشاعره في احاسيسه ووجدانه فلم يجلس ويقعد ويكتف بما قد صنعه وحققه في الميدان إنما كان لديه طموح أكبر وظلت نفسه تواقة للحاق بركب القافلة العظيمة واستطاع اللحاق بها ويحوز أخيرا على الوسام الإلهي واستحقه بكل جداره لأنه حمل في جوانح قلبه ثقافة هي بعيدة عنا نحن وهي ..يادنيا طلقتك ثلاثا لارجعة لي فيك..
وبحق فأن بطولته ومواقفه درسا وعبرة وعظة للاهثين وراء المناصب والساعين للاستحواذ على كراسي الدوار ومتاع الدنيا الزائلة ، هو بموقفه يجسد لنا الأسوة والقدوة يجب على الجميع التأمل فيها بجد وصدق لأن من يحاول أن يجعل من الانتساب الشكلي للمسيرة مطية وسلما للصعود وتحقيق مكاسب سياسية او مادية او دنيوية فلينتظر السقوط المدوي والشواهد الحية على ذلك كثيرة.
وفي ظل ما يعانية بلدنا من عدوان غاشم وهجمة بربرية واسعة وشاملة تكالب علينا فيها الشيطان وأتباعه من مختلف صقاع المعمورة في حرب غير متكافئة وفي هذه الميادين لاتعتمد استراتيجية المعارك فيها على أفضل المهارات والتداريب والخبرات والفنون القتالية إنما يعتمد فيها على ميادين العشق وهو أقوى سلاح
ونحن بأمس الحاجة إلى مثل هذه النماذج الصادقة الوفية المخلصة التي ستظل رموز فخر ومجد ومنابر للحرية والكرامة على مر التاريخ وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
فسلام عليك يارجل القول والفعل وسلام على الشهيد القايد ومشروعه العظيم الذي بنى رجالا وامة وقيادة لاتخشى في الله لومة لائم.
وسلام على كل شهدائنا الأبرار وقد أبلو في الله بلاء حسنا