سلطت كبريات الصحف العالمية حديثها الأحد بعد أن قالت السعودية ما بجعبتها وقدمت رواية صادمة للعالم، وتغير موقف الرئيس الأمريكي منها في غضون 24 ساعة فقط، فبعد أن كان وصفها بذات المصداقية عاد ليصفها في حوار للواشنطن بوست بالمليئة بالخداع والكثير من الأضاليل، فما الذي يحدث، وتغير؟
البيان الأوروبي المشترك بين فرنسا وبريطانيا وألمانيا تحدث عن ضرورة محاسبة المسئولين عما حدث، وأعلنت ألمانيا تعليق مبيعات الأسلحة إلى الرياض.
كبريات الصحف الأوروبية والأمريكية كانت أكثر وضوحا في تناولاتها بالإشارة إلى ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بكونه المتورط الأساسي بمقتل الصحفي جمال خاشقجي، ونشرت نشرت صحيفة صنداي تلغراف مقالا لروبرت لاسي بعنوان “آل سعود يجب أن يسألوا أنفسهم هل يجب بقاء المتهور محمد بن سلمان في السلطة؟”.
صحيفة الأوبزرفر البريطانية تناولت في تقريرها الخاص الملابسات المحيطة باختفاء خاشقجي ومقتله والجدول الزمني للأحداث، واستشهدت بقول مسؤول سعودي سابق يعيش حاليا خارج البلاد إنه “لا يمكن أن يكون (ولي العهد السعودي) الأمير محمد بن سلمان غير مطلع على (مقتل خاشقجي) قبل أن يتم أو بالأحداث التي تلته”.
وختمت تساؤلاتها بالقول إن ما سيؤرق المجتمع الدولي من الآن فصاعدا هو العلاقة مع محمد بن سلمان، حيث يجب على المجتمع الدولي أن يسأل نفسه “هل لدى (محمد بن سلمان) المصداقية والوعي للتعافي من هذه الجريمة الوحشية؟ وهل يمكن أن يصبح شريكا ذا مصداقية مجددا؟”
صحيفة التايمز نشرت تقريرا بعنوان “ولي العهد السعودي أمر بقتل خاشقجي، حسبما قال الرئيس السابق للمخابرات الخارجية البريطانية”.
وتقول الصحيفة إن سير جون ساورز، الرئيس السابق للمخابرات الخارجية البريطانية على يقين بأن جمال خاشقجي قتل بأمر من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.
وأضاف “لا أعتقد أنه كان ليتصرف بهذا الشكل إذا لم يكن يعتقد أن لديه رخصة من واشنطن للتصرف بالكيفية التي يريدها”.
وأفادت صحيفة الإندبندت البريطانية، بأن قضية خاشقجي أفسدت صورة السعودية حول العالم.
وعلى هذا النحو من التداعيات، قالت صحيفة تيليغراف البريطانية أنّ ولي العهد السعودي خسر مساعديه الرئيسيين إثر وفاة خاشقجي، وهو يحاول ترميم العلاقة الآن مع واشنطن.
الاعتراف السعودي يبدوا انه طريق طويل دخلته الرياض ولن يؤذن بانتهاء، وسيكون أوله اسقاط محمد بن سلمان، وهي رغبة دولية واضحة بعد حادثة إسطنبول، ويجرى تداولها في أروقة العائلة السعودية الحاكمة.
إسقاط بن سلمان اضحى منذ اعتراف السعودية بمقتل خاشقجي بوصلة الاعلام الدولي ومحور التصريحات السياسية، وهو خيار يدور في أذهان أطراف العائلة السعودية للخروج من المأزق.
صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، تحدثت عن المأزق العميق الذي أوقع بن سلمان المملكة فيه، وقالت في تقرير: إن حادثة اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي، داخل مبنى القنصلية السعودية في إسطنبول، بدأت تهزّ الأسرة السعودية الحاكمة، واصفة ما ترتّب على هذه الحادثة بأنها أسوأ أزمة تواجهها العائلة الحاكمة منذ تفجيرات 11 سبتمبر 2001، عندما اتُّهمت الرياض بالتخطيط للعملية.
وتابعت الصحيفة: إن “الرياض بعد أن شعرت بحجم الغضب الدولي على جريمة مقتل خاشقجي، أرسل الملك سلمان الأمير خالد الفيصل إلى تركيا لمعالجة الموضوع، غير أنه عاد ولديه رسالة واحدة؛ مفادها أنه من الصعب الخروج من هذه القضية، بحسب ما قاله الفيصل لأحد أقاربه عند عودته من تركيا”.
الصحيفة الأمريكية أكّدت أن “القلق ينتاب أعضاء العائلة الحاكمة بشأن مستقبل البلاد في ظل قيادة ولي العهد، محمد بن سلمان، الابن المفضّل للملك سلمان، الذي يُعتبر الحاكم الفعلي للبلاد”.
وان الوضع داخل العائلة الحاكمة يجري: “بخلاف ما جرى عام 2001، عندما اجتمعت العائلة السعودية الحاكمة لحماية مصالحها، فإن الأمر هذه المرة لا يبدو ممكناً، وبدلاً من ذلك هناك قلق عميق؛ حيث يبحث أفراد العائلة المالكة، دون جدوى، عن طريقة لاحتواء ولي العهد، الذي عزّز سلطاته بشكل كامل وهمّش الجميع تقريباً”.
الأتراك الراغبون بقوة في إزاحة بن سلمان عن المشهد السياسي زادوا من الحبل الملفوف حول عنق ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وسرب مصدر امني لصحيفة دير شبيجل الألمانية، معلومات عن ان بن سلمان اتصل بخاشقجي عقب دخوله القنصلية السعودية في إسطنبول، وطلب منه العودة إلى السعودية، وعندما رفض الأخير، أمر مجموعة الاغتيال على ما يبدو بإعدامه .
تغير لهجة ترامب إلى النقيض تجاه الرواية السعودية يوحي بان موقفه أيضا سيتغير تجاه بن سلمان، وأن الأخير لن ينجوا من حبل الإقالات الذي لفه حول أبرز مساعديه ليفلت من العقاب، وكشف صحيفة أمريكية عن اتصال لبن سلمان أمس بصهر الرئيس الأمريكي جاريد كوشنر، عبر خلاله عن اندهاشه من تخلي أمريكا عنه، وهدد بالتوجه الى أماكن أخرى ، وقال لكوشنير ،انه لن ينسى الانقلاب الامريكي عليه رغم ماقدمه.
وبحسب الواشنطن بوست فإن ترامب اخذ في الآونة الأخيرة يتحدث عن بن سلمان كمن عرفه للتو ، ويتحدث للصحافه قائلا “بالكاد أعرفه”.
الإعلام الأمريكي والغربي اخذ في طرق جرائم النظام السعودي في اليمن مذكرا بأن محمد بن سلمان يتناسى بن سلمان أطلق عدوانا على اليمن، ولايزال غارقا في وحلها، وشق صف حلفاء واشنطن إلى نصفين بافتعال حصار قطر، إنه لا يضع يده في أمر إلا زاده سوءا.
سقوط بن سلمان سيقابل بارتياح كبير على الشارع اليمني خصوصا حيث لاتزال السعودية ترتكب الجرائم ضد المدنيين والأطفال والنساء بشكل يومي، بعد أن سقط بالأمس كبش قداء اللواء احمد عسيري الناطق باسم العدوان والذي ترقى في المناصب على دماء وأشلاء اليمنيين، كما هو حال مولاه بن سلمان المندهش من تخلي الأمريكيين عنه في محنته.
ويبدو أن موسم تساقط بيادق أمريكا قد بدأ تحت أي مسميات أو أسباب، وأن أمريكا على وشك إحداث تغييرات في مملكة الرمال لمحاولة ترميم صورتها عالميا وإعادة استخدامها في حروبها في المنطقة، ودون ان يعلوا صوت هيئة كبار العلماء بالدفاع عن ولاة الامر امام التدخل والإرادة الامريكية، وهو ما يعيد الى اذهاننا كلام للشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي حول ان الأمريكيين هم من يعينوا ويعزلوا الحكام في الممالك والدول التي سقطت تحت نفوذهم .
من المقرر أن يخرج الرئيس التركي رجب أردوغان بخطابه غدا لنقف على خواتيم قضية جمال خاشقجي، أم ليفتح سيناريو لوكربي سعودي، في ظل دعوات قائمة من احد انجال خاشقجي ويدعى عبد الله لمحاكمة دولية ،
ومن المؤكد أن أردوغان لن يفوت الفرصة لتأكيد زعامته الإقليمية وإسقاط بن سلمان مقابل إخراج السعوديين من ورطتهم في ملف خاشقجي ، ولن يكون الأمر سابقة أيضا ، هي صفقة جديدة سيعقدها الاتراك الى جانب عشرات الصفقات في السنوات الأخيرة حيكت على حساب دماء المدنيين في العراق وسوريا وليبيا والبحرين واليمن حيث لايزال القتل فيها مستمرا، والعالم المنافق صامتا ..