ما وراء دعوة امريكا للسلام في اليمن ؟ الدلالات والابعاد
ما وراء دعوة امريكا للسلام في اليمن ؟ الدلالات والابعاد
قرأة تحليلة خاصة لـ يمني برس : زين العابدين عثمان
تستمر موجة دعوات الادارة الامريكية للسلام باليمن في التدفق والتتابع ، فبعد ان دعى وزير الدفاع الامريكي جيمس ماتيس في مؤتمر عقد قبل ايام في البحرين لما اسماه بالخطط الرئيسية للسلام ، وزير الخارجية الامريكي مايك بومبيو يجدد الدعوة ذاتها ومضيفا باقول” بانه حان الوقت لايقاف الحرب باليمن ويجب ايقاف العمليات القتالية ” ، طبعا هذه الدعوات وهذا الصعيد المشترك والمتناسق بين الوزيرين الامريكيين لم يأتيا من فراغ سيما وان لهجته مغايرة الى حد كبير عن سابقاتها والتي تعكس حرفيا عن تحولات فعليه طرأت في الموقف الامريكي تجاه الحرب التي تقوم بها السعودية والامارات باليمن منذ مطلع الثلاثة الاعوام الماضية.
لكن ورغم اننا نرى هذا التحول الجديد في الموقف الامريكي لا زلنا نشك كثيرا في مصداقية دعوات سلام الادارة الامريكية تلك خصوصا وانها تضمنت حزمه من البنود والشروط المسبقة في اطار خطة اعدتها امريكا بنفسها للحل وهي تلك التي اوضحها “ماتيس” في مؤتمر البحرين المتمحورة في جزئين رئسيين للحل وهما ظرورة انشاء مناطق حكم ذاتي باليمن (أقلمة وتقسيم اليمن) وفي ظرورة تسليم قيادة صنعاء للسلاح ،وهذا بطبيعته سرعان ماقوبل برفض قاطع من مكون انصار الله .
لذلك فالتساؤل القائم الذي يجب ان يطرح هو لماذا تعمدت امريكا على وضع خطة الحل باليمن وشروطها المسبقة التي هي مرفوضه سلفا من مكون انصار الله ومن كل القوى الوطنية والتي رفضت اصلا في جميع المحافل التفاوضية السابقه?ولنفترض ان امريكا لديها نوايا حقيقية لانهاء الحرب باليمن لكن ماهو الداعي لهذه الحزمة من الاشتراطات التعجيزية التي لا تفضي لاي قاعد حل على الاطلاق ?
لازلنا لانعلم بالشكل الدقيق ماذا وراء دعوات السلام الامريكية الحالية ولكن لدينا يقين بان امريكا لم تسعى قط الى اي سلام حقيقي يفضي لانهاء اي صراع في اي بلد خصوصا اذا ما كان هذا الصراع تديره هي بالوكالة لحفظ مصالحها الرأسمالية والقومية في دول المنطقة اوغيرها والتي تتعرض لجملة من التهديدات، فامريكا بالكاد تعمل على افتعال هدنات وفواصل وقتية يمكن ان نعتبرها(استراحة محارب) التي عادة ما يتخللها التحضير لسيناريوهات تصعيدية اكبر واشد تدميرا وعنفا من ناحيتها في تلك البلدان وهذا ليس غريبا لانه طبق في الحرب باليمن فخلال كل هدنه لجلسة تفاوض بين انصار الله واطراف العدوان تبعها تصعيدات ميدانية كبيره للاخير ..
لهذا فالسلام التي تضعه امريكا ليس موثوقا به ابدا والعراق وافغانستان نموذجين معبرين لذلك فلهم اكثر من 17 عاما وهم يدورون في فلك حرب مدمرة يديرها البيت الابيض عبر الوكالة والتي لازالت مفاعيلها التدميرية تجري الى اليوم ، لذلك يمكن القول ان غصون السلام الذي ترفعها ادارة ترامب حاليا تجاه الحرب باليمن ليست سوى غصون تظليلية الهدف منها تمرير مخططات اكثر تدميرا ، فالمصالح الامريكية فوق كل اعتبار وطالما ان هذه المصالح تقتضي انهاء اي تهديد يؤثر عليها فامريكا لن تكف عن مواصل اشعال الحروب الطاحنه على تلك التهديدا، وبطبيعة الحال فانصار الله القوة الناهضة التي توجه بوصلة العداءومقاومتها للمشاريع الامريكية والاسرائيلية فهي ضمن قائمة التهديدات المؤثرة جذريا على مصالح امريكا باليمن والشرق الاوسط،لذلك فامريكا ستسعى بكل جهد على اقتلاع مخالب وانياب انصار الله المتمثلة في الاسلحة الدفاعية وايضا تقليص مستوى جغرافيتهم اما عبر مواصلة الحرب على اليمن او عبر حرب المفاوضات التي ستعقد الشهر المقبل.
لذلك في الاخير نقولها وقلوبنا ممتلئة بالشك بان المفاوضات المقبلة التي يحظرها المبعوث الدولي “مارتن غريفث” مع توازي دعوات السلام الامريكية ربما انها لن تكون كافية لاحلال السلام النهائي باليمن، فقد تكون وان نجحت هدنة وقتية تنظمها امريكا لتمرير سيناريوهات جديدة تتضمن قص مخالب انصار الله وذلك عبر تحقيق ملف تسليم الاخير للسلاح وايضا القبول بخطة فدرالية لتقسيم اليمن ، فامريكا التي خسرت عسكريا بالرهان على التحالف السعودي لتحقيق مآربها ،هي تريد حاليا تحقيق هذه المآرب سياسيا وتحديدا عبر المفاوضات المقبلة،والوزير ماتس عندما تحدث عن ملف تسليم السلاح وفدرلة اليمن هو تعمد هذه الشروط الاستباقية على امل ان يدرس انصار الله خطة الحل هذه ويخرجون بنتيجة القبول بذلك .
وكما هو الواقع فمكون انصار الله رفض قطعا هذه الخطة ورموا باورقاها عرض الحائط مما يعني ان هناك نسبة كبير لاحتمال مواصلة امريكا في دفع التحالف السعودي للحرب على اليمن الى مالانهاية وهذا وهو الاحتمال ذو النسبة الاكبر لان يحصل ، لكن ورغم ذلك تضل مسألة ايقاف الحرب تلك مسألة يكسوها احتمال النجاح سيما وان هناك تغير جذري بالموقف الامريكي وايضا عدم قدرة امريكا في مساعدة النظام السعودي الذي غرق في دماء المدنيين اليمنيين وافتضاح اجرامه الكبير في الشارع الامريكي، لذلك فنجاح مسألة ايقاف الحرب على اليمن لايمكن اهمالها رغم اننا نعتقد بانها ستفشل وتخفق وهذا مالا نريد ان نستبق قوله ولندع الايام القادمة تشكف التفاصيل اكثر .
وكملاحظة اخيره ودتت قولها لكم انه لوكان لامريكا ارادة سلام باليمن فيكفيها فقط ايقاف دعم طائرات شحن الوقود التابعه لها لمقاتلات السعودية والامارات وستتوقف الحرب على اليمن تلقاءيا وفي ظرف ثلاثة ايام