معركة الحديدة.. التصعيد الأمريكي السعودي الاماراتي ودلالاته؟
معركة الحديدة.. التصعيد الأمريكي السعودي الاماراتي ودلالاته؟
837
يمني برس- تقرير*
لا يمكن وصف العدوان السعودي الاماراتي المتواصل على مدينة الحديدة اليمنية سوى بأنه عبثي، ولا يرتكز على أي مبررات سياسية أو ميدانية. ليس الأمر مرتبطاً فقط بالموقف الأميركي الأخير الداعي إلى وقف الحرب في اليمن، بل أيضاً بالسدّ المنيع المتمثّل في خطّ الدفاع الذي أقامه الجيش اليمني واللجان الشعبية على تخوم المدينة.
وتشهد اطراف الحديدة تصعيدا جديدا للمعارك وهجوم بري تقوده القوات المدعومة من السعودية والامارات بالتوازي مع غاراتٍ جوية عنيفة يشنها تحالف العدوان على مدينة الحديدة وضواحيها بالتزامن مع طرح اميركي جديد لإنهاء الحرب في اليمن.
رئيس اللجنة الثورية العليا في اليمن محمد علي الحوثي دان استهداف الأحياء السكنية في مدينة الحديدة، وأكد أن هجمات قوى العدوان ترمي الى إعاقة جهود وقف الحرب وإحلال السلام.
واعتبر الحوثي التصعيد العسكري دليلا على زيف التصريحات الأميركية المطالبة بوقف القتال، وتؤكد أن واشنطن هي القائد الفعلي للحرب.
وقال الحوثي إن تحالف العدوان يحاول صرف الأنظار عن مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي الذي تورط فيه قادة النظام السعودي، مؤكدا أن هجمات العدوان ضد المدنيين في الحديدة دليل على عجزه عن تحقيق أي نصر ميداني.
الناطق الرسمي بإسم حركة انصار الله محمد عبد السلام كتب في تغريدة له على موقع تويتر، تعليقا على الهجمات الفاشلة: “تحالفٌ مأزوم عاجز عن إحراز أي تقدم يذكر لا في الحديدة ولا في غيرها رغم كثافة الغارات التي يعمد إليها في كل مرة ،وما قيل عن عملية إنزال جوي في صعدة، فدراما هزيلة لتحالف هزيل لم يكن منه لقرابة 4 سنوات سوى ارتكاب المجازر والجرائم. عظيم التحية لشعبنا الصامد ولأبطال الجيش واللجان الشعبية”.
وتأتي الهجمات الأخيرة بعد أكثر من أربعة أشهر من الإخفاق المتكرّر، الذي أثبت أن العمليات العسكرية استنفدت نفسها، ولم يعد بالإمكان تحقيق إنجازات بواسطتها. أما الدافع للعمليات الراهنة، فهو محاولة استغلال الوقت الضائع قبل بدء المفاوضات السياسية.
ويبدو ان كلّا من الرياض وأبو ظبي تشعران بالحاجة إلى التعويض عن فشلهما على الصعد كافة، عبر السعي للاستيلاء على مواقع متقدمة على الساحل الغربي، لا سيما ميناء الحديدة، والتحكّم بالمنفذ الرئيس لإيصال الإمدادات لأكثر من ثلاثة أرباع الشعب اليمني في الشمال والوسط، وحرمانهم من موقع بحري مطلّ على البحر الأحمر.
دوافع الهجمات الأخيرة على الحديدة ليست مقتصرة على مصالح تحالف العدوان، بل هي خليط من تخوّف الرياض وأبو ظبي الحقيقي من الهزيمة في اليمن وأثرها المدوي عليهما، واعتبارات محلية متّصلة بالقوى اليمنية الموالية لـلتحالف، والتي تخشى أن تأتي التسوية على وجودها ودورها، بعدما أنعشتها تجارة الحرب طيلة السنوات الماضية.
لا شكّ في أن الدعوة الأميركية إلى وقف الحرب على اليمن ـــ على فرض جدّيتها ـــ هي إقرار بالمعادلة التي فرضها الصمود الأسطوري للشعب اليمني. إقرار سيتبعه طريق سياسي تفاوضي طويل وصعب، بهدف تثبيت تلك المعادلة. وهذا يتطلّب نَفَساً طويلاً وحنكة سياسية، لأن الجولة التفاوضية المقبلة ستتخلّلها مناورات ومحاولات خداع، وإغراءات بإعادة الإعمار وتحسين الوضع الإنساني، ورهن الأمرين بالتنازلات السياسية على أمل إفراغ معادلة الصمود من مضمونها، وتحقيق إنجازات بالسياسة عجز العدوان عن تحقيقها بالحرب.
بمعنى آخر، لن تكون المعركة السياسية أقلّ ضراوة وشراسة من المعارك العسكرية. الأيام والأسابيع المقبلة ستكشف جدية الموقف الأميركي، وما إذا كان استجابة مؤقتة لضغوط الرأي العام، لا سيما بعدما دخلت الحرب على اليمن في حسابات الانتخابات الأميركية، وأضحى على إدارة دونالد ترامب مقاربتها بطريقة مختلفة عن السابق، أم أنها تعبير عن إدراك واشنطن حجم المآزق التي أوقعت حليفتها (السعودية) نفسها فيها، من دون أن تنجح في وضع استراتيجية للخروج.
وتواصلت منذ السبت محاولات القوات الموالية لتحالف العدوان تحقيق تقدم باتجاه مدينة الحديدة، لكن الجيش اليمني واللجان الشعبية أعلنا أنهما تمكّنا من إفشال تلك المحاولات. وأكد الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة، يحيى سريع، أنه تم كسر هجمات العدو ومرتزقته، والتي تواصلت من ليلة السبت حتى مغرب يوم امس باتجاه كيلو 16، وباتجاه شرق وغرب مطار الحديدة، مسنودة بغطاء جوي كثيف.
وأشار سريع إلى أنه “تمّت مفاجأة العدو بعمليات عسكرية نوعية ناجحة”، أسفرت خلال الساعات الـ24 الماضية عن “سقوط 215 من مقاتليه بين قتيل ومصاب، وتدمير وإعطاب 20 مدرعة وآلية عسكرية متنوعة”. وشدد على أن “ما يروّج له العدو في وسائل إعلامه من انتصارات وهمية ما هو إلا تضليل إعلامي سبق أن استخدمه وثَبُت فشله”.
بالتوازي مع ذلك، أعلنت القوة الصاروخية في الجيش واللجان الشعبية إطلاق صاروخ باليستي من طراز “بدر1-P” على تجمع للقوات الموالية للسعودية في الساحل الغربي. وأفاد مصدر عسكري في صنعاء بأن الصاروخ “أصاب هدفه بدقة، مُخلّفاً أعداداً من القتلى والجرحى في صفوف العدو”.
وجاء هذا التطور بعد ساعات من إطلاق صاروخ مماثل على تجمع آخر للميليشيات المدعومة إماراتياً في الساحل الغربي أيضاً.
ومع تزايد الدعوات الاميركية وما بعدها الاممية لوقف العدوان السعودي على اليمن، وفي حال تحديد موعد لها -ان كانت الدعوات جادة- فهل يعني هذا زيادة الاجرام والقتل والمجازر والانتهاكات كلما اقترب الموعد، للضغط على اليمنيين لقبول تنازلات معينة مقابل وقف العدوان؟ الايام القادمة هي الفيصل.