للعام الرابع على التوالي والشعب اليمني ممثلاً في جيشه ولجانه الشعبية يواجه أقوى دول العالم عسكرياً وسياسياً واقتصادياً وإعلامياً, بل وتخصصاً في الحرب النفسية وحبك الشائعات التي تحطم إرادة الشعوب ومع كل ذلك لم تهتز له شعرة واحدة وإنما قاوم وتصدى للعدوان بشجاعة وبسالة شهد له بهما أعدائه قبل أصدقائه لأنه- كما أشرنا في مقال سابق- استطاع أن يغير استراتيجيات الحروب ويقلبها رأساً على عقب فوضع بذلك مراكز البحث العسكرية العالمية في ذهول وجعلها تعيد نظرتها في كل تقديراتها وتتساءل: ماذا يجري في اليمن؟ وما يجري اليوم في الساحل الغربي من مواجهة لأقوى زحف يدفع به تحالف العدوان بهدف احتلال الحديدة قد حول الساحل الغربي إلى محرقة لقوات تحالف العدوان ومرتزقته المحليين وهو ما جعل قيادات الإمارات تستنجد بسيدتها الإدارة الأمريكية وتطلب تدخلها المباشر لإنقاذها وحفظ ماء وجهها.. ولأن الغرور قد ركب رؤوس بني سعود فإنهم يكابرون ويغطون على الحقائق بأموال شعب نجد والحجاز التي يتم بعثرتها هنا وهناك بهدف شراء الضمائر الميتة والنفوس الضعيفة على مستوى العالم كله غير مدركين أن الشعب اليمني بعظمته قادر على تغيير المعادلة لصالحه بتوكله على الله وبقدراته المتواضعة قياساً بما يمتلكه تحالف العدوان من قدرات عسكرية ومادية وإعلامية لا يستوعبها عقل..
لقد أخطأ النظام السعودي في تقديره حينما ظل يتعامل مع الشعب اليمني على أساس أنه أولئك النفر من العملاء والمرتزقة الموجودة أسماؤهم في كشوفات اللجنة الخاصة التي تدفع لهم موازنات شهرية وفصلية وسنوية من أجل أن ينفذوا له أجندته في اليمن لعرقلة بناء الدولة اليمنية الحديثة القوية والعادلة وهي أجندة رسمها النظام السعودي قبل خمسين عاماً وتحديداً حينما وضع يده على الملف اليمني الذي استلمه الملك السعودي الراحل فيصل بن عبدالعزيز من الرئيس الراحل جمال عبدالناصر في شهر أكتوبر عام 1967م بمدينة الخرطوم وتحت إشراف رئيس وزراء السودان حينها الراحل محمد أحمد محجوب..
وحين سقط أولئك النفر عندما قامت الثورة الشعبية يوم 21سبتمبر عام 2014م وكشف الشعب اليمني حقيقتهم تبين للنظام السعودي أنه كان ينفق أمواله على أناس ورطوه أكثر مما أفادوه فعاد ليتعامل مع الشعب اليمني من الصفر كما فعل عقب قيام الثورة اليمنية الأم (سبتمبر وأكتوبر) حين قاومها وحاول إسقاطها من خلال فتحه معسكرات للمناوئين لها فأستقدم المرتزقة من كل مكان وقدم لهم الأسلحة والأموال وأسس تحالفاً ضدها شاركت فيه دول كبرى ومتحالفاً مع بريطانيا التي كانت تحتل جنوب الوطن سابقاً ومع نظام الشاه في إيران وكل القوى المعادية الأخرى على مدى سبع سنوات..
إلا أن ذلك التحالف المعادي للشعب اليمني وثورته (سبتمبر وأكتوبر) ارتد إلى نحور حكام النظام السعودي وانتصر اليمن وشعبها لثورته ونظامه الجمهوري ورحلت جيوش بريطانيا صاغرة عن أرض اليمن وتحرر جنوبه الذي تحتله اليوم السعودية ومشيخات الإمارات.. ومع المتغيرات العالمية كان الشعب اليمني سباقاً في تحقيق وحدته في 22مايو 1990م والتي يريدون اليوم تدميرها وتفتيتها..
كما دشن اليمنيون الأحرار مرحلة ثورية جديدة يوم 21سبتمبر 2014م أعادت الحياة للثورة الأم (سبتمبر وأكتوبر) وأحيت مبادئها الستة التي تم تغييبها بفعل تدخل النظام السعودي في الشأن اليمني.. ولأن هذه المرحلة الجديدة قد أرست ولأول مرة في الجزيرة العربية نظام الشراكة الوطنية وطالبت برفع الوصاية الخارجية عن القرار السياسي اليمني وأكدت على استمرار التعددية الحزبية والسياسية على قاعدة الدستور والقانون ومجلس للنواب ينتخب الشعب أعضاءه انتخاباً حراً ومباشراً..
فإن مثل هذه الخيارات الوطنية قد عرت النظام السعودي وأحرجته أمام شعبه المغلوب على أمره والذي يخشى من تأثير التجربة الديمقراطية والتطور الحضاري في اليمن والمجاور لنظامه ولذلك لم يكن أمامه خيار غير التدخل المباشر من خلال شن عدوان بربري وظالم لإفشال كل هذه التوجهات الوطنية وفي محاولة منه لإعادة اليمن إلى بيت الطاعة, ولكنه على مدى ما يقارب أربعة أعوام من تجربته المريرة بعد شن عدوانه البربري على اليمن بدأ يشعر بخيبته وأصبح على يقين تام بأنه سيهزم بإذن الله لا محالة وذلك لسبب بسيط يتمثل في أن إرادة الشعوب المظلومة هي المنتصرة دائماً لأنها أساساً مستمدة من إرادة الله الواحد القهار.