تفاءل العديد من المراقبين عقب تصريحات وزيري الدفاع والخارجية الامريكيين نهاية شهر اكتوبر الماضي الداعية الى وقف الحرب على اليمن ، غير ان المتامل في تفاصيل تصريحات ماتيس وبومبيو يكتشف ان الهدف الامريكي ابعد ما يكون عن الجدية في التوجه نحو وقف الحرب ، وزير الدفاع افصح عن جوهر المشروع الامريكي وكانت تصريحات ماتيس بمثابة بالون اختبار موجه بالاساس نحو القوى الوطنية في صنعاء لاسيما انصار الله ، فحديثه عن حكم ذاتي لمن وصفهم بالحوثيين هو تلخيص لابرز اهداف الحرب على اليمن وفي حال قبل انصار الله وحلفائهم العرض الامريكي عندها فقط يمكن ان تعيد الادارة الامريكية النظر في موقفها من الحرب ولكن وفق مسار سياسي يؤدي بالنتيجة الى تحقيق ابرز واهم اهداف الحملة العسكرية التي قادها التحالف السعودي على اليمن بغطاء امريكي وغربي .
وبما ان النتائج الميدانية والعسكرية غير مرضية ولا توفر الارضية الكافية لتنفيذ المشروع التجزئة والتفتيت لليمن فقد فهمت التصريحات الامريكية في الرياض وابو ظبي على النقيض من ظاهرها وتم التعامل معها كصافرة انذار في الوقت بدل الضائع ليعقبها مباشرة تدشين مرحلة جديدة من التصعيد العسكري الذي القى فيه الاماراتي والسعودي بكل ثقلهم خاصة في جبهتي الساحل والحدود، كما تم فتح تحريك اضافية في حجة والضالع والبيضاء لانتزاع ما يمكن انتزاعه قبل وصول حالة الاحباط الامريكية والدولية الى مرحلة اللا عودة وبالتالي اقرار خارطة حل سياسي يعطي انصار الله والقوى الوطنية (بحسب التفكير السعودي ) مساحة كبيرة من الجغرافيا اليمنية تشمل الحديدة ومينائها وساحلها الطويل والواسع.
وفي كلمته الاخيرة تعليقا على مستجدات الحرب والعدوان توقف السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي مع طبيعة الموقف الامريكي ففي كل المرات التي صدرت فيها مواقف امريكية عن السلام يعقبها دائما المزيد من التصعيد العسكري وهو الامر الذي يكشف “النفاق” الامريكي فالحرب كما قال زعيم انصار الله تخضع بالاساس لإشراف وتخطيط من واشنطن وتعتمد على السلاح والدعم اللوجستي الامريكي، وكافة الأدوار الفعلية والمهمة في الحرب على اليمن تنفذها الولايات المتحدة، فيما يقتصر الحضور السعودي والاماراتي وادواتهم كعنصر تنفيذ وترجمة ميدانية لما يرسم في الغرف الامريكية وبالتالي لم يكن مفاجئا بالنسبة لليمنيين التصعيد الاخير كما لا يدل هذا التصعيد ان العدو يعيش اوضاعا جيدة “فظروفه صعبة، وسُمعته اليوم هي أسوأ سمعة في العالم والسعودية والامارات تعيشان ظروف صعبة والكلفة التي يتكبدها النظامين عالية جداً والوضع الاقتصادي في الرياض وابو ظبي صعب ويتجه نحو الإنهيار” والكلام للسيد عبد الملك الذي اشار ضمنا ان التحرك الاخير للتحالف السعودي مدفوع بالخوف من تصاعد الموقف الدولي المندد بجرائم ابو ظبي والرياض لاسيما بعد تصاعد حالة المجاعة في العديد من المحافظات جراء الحصار والتدمير الذي يطال كل ما له علاقة بحياة اليمنيين ومعايشهم .
الامريكيين بحسب قائد الثورة في اليمن يمارسون تحركا مزدوجا ففي العلن يفضلون اسلوب المناورة والتضليل بالحديث عن السلام ووقف الحرب وفي الواقع ينفذون “دورا اجراميا ووحشيا” بغرض تحصيل مكاسب اقتصادية وسياسية.
كما اشار السيد عبد الملك الى قضية بدت لافتة ففي كل مرحلة تصعيد عسكري ضد اليمن تبرز خطوات اضافية من التقارب بين انظمة الحكم في الخليج والعدو الاسرائيلي لدرجة انتقال الخطاب في تلك البلدان الى مستوى الحديث عن العدو المشترك والمصالح المشتركة لدول الخليج مع كيان الاحتلال .
وفي استشرافه لمآل المرحلة الجديدة من الحرب على اليمن عقب تصريحات وزيري الدفاع والخارجية الامريكيين استحضر قائد الثورة تجارب اليمنيين مع حملات تصعيد عسكرية وميدانية لم تتوقف منذ اكثر من ثلاث سنوات وكثيرة هي المعارك التي اعلنها “التحالف” تحت عناوين السيطرة على محافظات عديدة فقد اعلن مرات كثيرة حملات مشابهة للاستيلاء على صنعاء او الحديدة او صعدة وحجة او تعز او ذمار والبيضاء وانتهت كل تلك المعارك الى الفشل بفعل التحرك الشعبي.
وفيما يخص معركة الساحل الغربي اشار السيد عبد الملك الحوثي ان سقف دول التحالف السيطرة على كامل محافظة الحديدة ولكنهم فشلوا . وبرغم الإعداد الكبير والحشد العسكري الاستثنائي لا يزال أغلب محافظة الحديدة تحت سيطرة الجيش واللجان الشعبية. وحدوث اي اختراقات لصالح “التحالف” في بعض الجبهات لا تعني نهاية المعركة ولن تدفع اليمنيين للاستسلام بقدر ما هي دافع للمزيد من التحرك لرفد جبهات القتال .
“ليكن لدى شعبنا كل الاطمئنان، ولا قلق، مهما كانت إمكانيات العدو فلا قدرة له على السيطرة الا في حال قابل اليمنيون تحشيداته بالغفلة والجمود والتخاذل” بهذه العبارة ختم قائد انصار الله كلمته التي القاها عصر الاربعاء عبر قناة المسيرة تعليقا على مستجدات الحالة اليمنية.