لا استبعد بل وأجزم أن منظومة الحكم التي ادارت البلاد طيلة خمسه عقود من الزمن قد مارست بالتدرج فسادا ماليا واداريا بل واخلاقيا متقنا ودقيقا للغاية بل أن ذلك الاتقان ليس وليد الصدفة او بجهود فرد هناك او مجموعه هنا بل كان وأصبح نظاما تقوده مراكز استخباراتية امتلكت جميع وسائل التخطيط والبرمجه والتنفيذ واوصلت اليمن خلال خمسة عقود فقط الى أن تسيطر على مقدراتها وخيراتها ثلة فاسده كونت هوامير ومراكز نفوذ اقتصادي ومالي متماسك عرفه المجتمع اليمني ولكنه لم يكن ليجرؤ أن يحرك ساكنا او حتى أن يحدث نفسه ذات يوم أن هؤلاء هم أس بلانا وانحطاطنا وللتذكير فمن قرأ تصريحات الدكتور باصره ربما بداية الالفيه حول العشرة الذين لو ازيحوا عن المشهد اليمني لتخلصت اليمن من جميع معاناتها ..
نتحدث فيما سبق عن الفترة اللاحقة لانقلابسبتمبر 62 م حتى سبتمبر 2014 م التي أزاحت عن كاهل الامه المستضعفة رؤس تلك الهوامير وانطلق الشعب مبتهجا أن قد خرج ثلاثي العبث حميد الأحمر ومن يمثلهم وعلي محسن الاحمر ومن يمثلهم من العسكر والإخوان وانتهاء بالخاين وبقايا رؤس التسلط والفساد المتجذر والعميق ..
لقد مارس ثلاثي السلطة المذكورين … واقصد بهم منظومات متوارثه لا أفراد والا فما كان مثلا لعلي محسن من دور حتى برز زمن منظومة المشروع الامريكي الذي جند لأفغانستان مطلع ثمانينات القرن الماضي والذي يعرف المتابع أصل المشروع ومنتهاه اليوم … لقد مارسوا جميعا ادوارا مرسومه ونفذوا خططا مدروسة أوصلت او عمقت الى درجه اللاعوده البلاد الى التماهي مع القرار الخارجي ولم يعد للسياده والاستقلال من مكان بالمطلق وهذا مالا ينكره إلا بليد او سمسار من سماسرة النظام المذكور هذه الأدوار غلفت بعناوين براقة وشعارات تسلب ذوي اللب البابهم فكانت عناوين الجمهورية والديمقراطية والحقوق والحريات والسيادة والاستقلال هي الصوت المدجن لثالوث الفساد المدعوم إقليميا وامريكيا وغربيا غير انها كانت للاستهلاك الا ان حتمية السقوط للزيف سنة كونية متعاقبة كون حبل الكذب قصير وسرعان ما انكشف وانفضح حتى سقط الكاذبون الى مزبلة العار والدمار ومن باب تأكيد ما ذكرناه عليكم باسترجاع ادوار اللجنه السعوديه الخاصه ورواتب اعلى رؤس السلطة في البلاد هذا في ما ظهر وانتشر ..
لكن السؤال المطروح هو كيف اتقن الثالوث الفاسد لعب الدور وأغرق البلاد في الفساد المقنن ؟ ..
الجواب بسيط جدا فقد أدار منظومته بخطوات متلازمة ومتشابكه في الجوانب الاقتصاديه والاجتماعية والثقافية كلها شكلت انحدارا في القيم والاخلاق التي كانت من مزايا الأمة اليمنية حين قام وعبر خطوات متباعدة بتجهيل الاجيال المتعاقبة ليصبح خريج التعليم الرسمي أكثر جهلا ممن لم يلتحق به او ما عرف بالجهل المركب مستغلا قشور المسميات الرنانة كالرياضيات والعلوم واللغات ووو .. الخ في ذلك والدليل أن منظومة التعليم الرسمي اليوم لازالت تدرس مفاهيم بدائية قد عفى الدهر عليها هذا من جانب كما أنه ادخل البيروقراطية والروتين الاداري في إدارة الشأن العام وهكذا واستغل بعض التناقضات المجتمعية وعمق من البعد المناطقي والمذهبي والعنصري وفرق المجتمع الواحد حتى أصبحنا نرى أن التعددية السياسيه أصبحت في اليمن اداة للتفرقه والتناحر حتى في القبيلة الواحده والاسرة الواحده رغم انها في العالم الخارجي اداة للخدمة العامه والتنافس على رفاهية الشعوب ..
المستورد بل والمحدد لثالوث الفساد الداخلي من قبل الخارج كان ينجح عبر خطوات التدرج في الانهيار لا عبر الصدمات المباشرة والتدليل على ذلك له شواهد متعدده فما كان عيبا بالامس أصبح مباحا اليوم كقضية السفور وتحرير المرأة على سبيل المثال فبالامس كان تعليم البنات مستقلا واليوم مختلطا والقضية ليست في اجتماع الجنسين إنما القضيه هي فيم يكون عليه الاختلاط وللقارئ أن يدلل على تلك الاجتماعات ليعرف المعنى الذي ذهبنا اليه ثم أن من المهم أن نعرف حقيقه المنفذون لتلك الانحرافات الفاسدة فما من شك أن المجتمعات الراقيه والمتحضره هي تلك المجتمعات التي تعتمد في إدارة شئونها على الاكفاء في جميع الامور من حيث العلم والمعرفة والخبرة وحسن السمعة وهذا ما غاب او غيب مطلقا فبدلا من ذلك صار المتحكمون والمسيطرون هم ذوي العاهات الاخلاقية البذيئة ملافظهم واشكالهم وسلوكهم حتى أصبح مدمنوا الخمر هم ( حمران العيون ) لذلك فقد انتج المسيطر الاقليمي والدولي على قرارنا على اراذل القوم كما أوضحنا وما برنامج خليك بالبيت للذين عرفوا بالكفاءة والنزاهة عنا ببعيد ..
اليوم ورثه ثورة 12 سبتمبر 2014 م تركه عظيمه من العاهات المجتمعية الاتكاليه الفاسدة بل والموغله في الفساد لذلك فالعدوان وهو يمضي في جرائمه قد أوكل لهذه العاهات مهمه الحرب الناعمه والحرب الاقتصاديه بل والحرب العسكريه حتى أصبح منهم من يحارب صفا الى صف مع المعتدي كمرتزق لا كصاحب قضية وهذا من أسباب اطالة الحرب والعدوان ..
وحتى لا نتصور الوضع بأنه كارثي ويصعب تجاوزه نقول ان ثلاثي الفساد المتقن الذي أشرنا الى نشأته وماهيته وادواره المرسومة لا زال في وضعيته السابقه خادما ومتلقيا للأوامر منذ ذلك التاريخ الى اليوم لان الآمر منذ 62 م هو نفس الآمر اليوم والمأمول منذ 62 م هو ذاته المأمور اليوم الا ان الفارق أن مأمور الامس تلبس بالقيم واستثمر اخلاقيات المجتمع اليمني ليحقق مآرب آمريه بالكذب والتدليس واليوم وقد فضحه الله وعرف الشعب حقيقه أدواره فإننا نلمس نهايته كمنظومه أتقنت الفساد الى حين بصمودنا وثباتنا والتفاف المجتمع حول قيادته القرآنية الصادقة فمن المستحيل أن يصمد زيف الفاسدين أمام صدق المصلحين وإن كان صراع الحق والباطل دائم بدوام الوجود الا ان مؤشرات المرحلة الراهنة تدل على زوال الباطل وانتصار الحق ..
وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا ..
صدق الله العظيم