بعد مرور قرن على الحرب العالمية الأولى، اجتمع حوالي 70 زعيما من مختلف أنحاء العالم في العاصمة الفرنسية باريس، الأحد 11 نوفمبر / تشرين الثاني، فى مراسم إحياء ذكرى توقيع الهدنة التى أنهت الحرب، في ظل توتر دبلوماسي، وأزمات بين كثير من هؤلاء القادة والزعماء.
وبدأت الحرب العالمية الأولى التي وصفت بالحرب العظمى في 28 يوليو / تموز 1914 وانتهت في 11 نوفمبر / تشرين الثاني 1918، وتجمع فيها أكثر من 70 مليون جنديا، وأودت بحياة ما يقارب الـ 17 مليون شخص ما بين جنود ومدنيين، ويشار إلى أنها أعادت صياغة سياسات أوروبا وتركيبتها السكانية لمدة 20 عاما، قبل أن يشهد العالم اندلاع الحرب العالمية الثانية.
وحضر اجتماع اليوم زعماء الدول العظمى حول العالم والتي كانت محورية خلال الصراع العالمي، وعلى رأسهم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلادمير بوتين، وكذلك المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل وملكة بريطانيا ورئيسة الوزراء تريزا ماي، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وعلى هامش الاجتماع هناك عدة قضايا كبيرة التي يشار اليها فيما يلي:
الحظر الأمريكي على إيران
دخلت الحزمة الثانية من الحظر الأمريكي ضد طهران حيز التنفيذ، يوم الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، حيث تطال قطاعي النفط والمصارف الايرانيين.
وكانت الولايات المتحدة أعادت فرض اجراءت حظر واسعة النطاق ضد إيران، اعتبارا من يوم 7 أغسطس/آب 2018، والتي كانت معلقة في السابق نتيجة للتوصل إلى خطة العمل الشاملة المشتركة بشأن البرنامج النووي (الاتفاق النووي).
لاقت اجراءت الحظر التي فرضتها الولايات المتحدة من طرف واحد بعد انسحابها من الاتفاق النووي الإيراني في أيار/ مايو الماضي، سخطا دوليا ورفضا أوروبيا وروسيا، مما جعلها أحد أبرز القضايا التي يناقشها الزعماء خلال اجتماع المئوية.
“صفقة القرن”
الخطة الأمريكية لحل النزاع “الفلسطيني-الإسرائيلي” أو ما يسمى بـ”صفقة القرن” الرامية الى تصفية القضية الفلسطينية، ستكون أحد القضايا الرئيسية التي سيتم مناقشتها في ظل تواجد الرئيس الأمريكي ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
يأتي هذا في ظل سعي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لإعلان “صفقة قرن” جديدة، تضاهي الخطة الأمريكية خلال الاجتماع.
وتلاقي “صفقة القرن” رفضا فلسطينيا، حيث أكد رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس “أن المرحلة التي يمر بها الفلسطينيون، قد تكون أخطر المراحل التي عايشوها، وأنهم “أمام لحظة تاريخية إما أن نكون أو لا نكون”.
وأضاف، أنه إذا كان وعد بلفور قد مر قبل قرن من الزمن فإن “صفقة القرن” لن تمر”.
ونشط الاحتلال الاسرائيلي خلال الأيام الماضية قبيل الاجتماع عربيا، حيث التقى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وسلطان عمان قابوس بن سعيد، كما زار عدة ورزاء إسرائيليين دولا عربية مختلفة مثل الإمارات وقطر والبحرين.
قضية مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي
أثارت قضية اختفاء ومقتل الصحفي السعودي المعارض جمال خاشقجي ردود فعل كبيرة من قبل زعما العالم حيث أدانت الدول الكبرى تلك الواقعة وطالبت بتحقيق دولي، وبرزت ملامح مناقشة القضية خلال الاجتماع، حيث نقلت وكالة رويترز أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أجرى مناقشات مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان بشأن الرد على مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي الشهر الماضي في إسطنبول.
وأضافت الناطقة باسم البيت الأبيض سارة ساندرز، أن المناقشات جرت خلال عشاء أمس السبت مع رؤساء الدول المجتمعين في باريس لإحياء الذكرى المئة لمعاهدة إنهاء الحرب العالمية الأولى.
وجلس ترامب خلال العشاء قرب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، كما انتشرت صور له يتبادل الحديث رفقة الرئيس التركي أردوغان، بحسب وكالة الأناضول.
وأعلن أردوغان قبل ساعات من المغادرة إلى باريس عن وجود تسجيل صحافي يزعم تسجيل لحظات قتل وتعذيب الصحافي السعودي داخل القنصلية السعودية في إسطنبول.
وقال أردوغان إن تركيا شاركت هذه التسجيلات مع عدد من الدول بينها الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة”.
وكان اختفى الصحفي السعودي جمال خاشقجي خلال زيارته إلى القنصلية السعودية في إسطنبول في 2 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، وبعد صمت دام 18 يوما، أقرت الرياض بمقتله داخل قنصليتها إثر ما قالت إنه “شجار مع بعض المتواجدين داخل القنصلية”، وأعلنت توقيف 18 سعوديا للتحقيق معهم، بينما لم تكشف حتى الآن عن مكان الجثة.
مفاوضات بريكست
تواجه حكومة رئيسة الوزراء البريطانية تريزا ماي تحديات كبيرة من أجل مفاوضات الانفصال عن الاتحاد الأوروبي “بريكست”، وهي ما جعلت 14 وزيرا يستقيل من الحكومة منذ أن دعت ماي إلى انتخابات مبكرة في شهر حزيران/ يونيو من العام الماضي، آخرهم وزير المواصلات في الحكومة البريطانية، جو جونسون.
وسيكون الاجتماع فرصة كبيرة لمناقشة بريكست بين قادة الاتحاد الأوروبي ورئيسة الوزراء البريطانية تريزا ماي، والتي قالت إنه، “لن يكون هناك “استفتاء ثان” بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي تحت أي ظرف من الظروف.
وأجرت بريطانيا استفتاء للخروج من الاتحاد الأوروبي عام 2016 وجاءت نتائجه بتأييد الخروج من الاتحاد الأوروبي فيما عرف اختصارا بـ”بريكست”، كان الاستفاء واحدا من أكبر الإجراءات الديمقراطية في تاريخ بريطانيا، بحسب “رويترز”.
ويذكر أن بريطانيا والاتحاد الأوروبي، في حاجة إلى الاتفاق بشكل نهائي على شروط “الطلاق” في موعد لا يتجاوز نوفمبر الجاري، من أجل تمرير الاتفاق بشأن انسحاب البلاد من الاتحاد واستخلاص جميع التصديقات اللازمة.
ومن المقرر أن يدخل “بريكست” حيز التنفيذ بحلول الوقت المقرر في 29 مارس / آذار2019. ويهدد عدم التوصل إلى الاتفاق بالانفصال “الصارم” (دون اتفاق) لبريطانيا عن الاتحاد الأوروبي.
معاهدة الأسلحة النووية
أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في وقت سابق، أن بلاده ستنسحب من معاهدة الأسلحة النووية التاريخية التي أنهت وجود الصواريخ النووية في أوروبا، واتهم روسيا بانتهاكها.
من جانبها ردت الخارجية الروسية، على الاتهامات التي وجهتها الولايات المتحدة في مسألة اتفاقية التخلص من الصواريخ المتوسطة والقصيرة المدى، مشيرة إلى أنها لا أساس لها.
ولم يستبعد وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، أن تناقش معاهدة التخلص من الصواريخ المتوسطة والقصيرة المدى أثناء اجتماع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال اجتماع باريس.
وهو ما صرح به مصدر من الوفد الروسي المرافق للرئيس فلاديمير بوتين خلال زيارته إلى باريس، حيث أكد أن بوتين ونظيره الأميركي دونالد ترامب، قد يناقشان معاهدة الأسلحة النووية متوسطة المدى، خلال اجتماع قصير بباريس اليوم.
وقال المصدر في تصريح لوكالات، إننا “نتوقع أن يتطرق القادة إلى هذا السؤال”.
وتم التوقيع على هذه المعاهدة في كانون الأول/ديسمبر من عام 1987. وتمنع الوثيقة كل من روسيا والولايات المتحدة من تطوير الصواريخ البالستية والمجنحة، التي يتراوح مداها ما بين 500 إلى 5500 كم.
ملف الازمة السورية
سيكون ملف الأزمة السورية وإحلال السلام على الأراضي التي تعاني ويلات الحروب منذ أكثر من 6 سنوات حاضرا خلال القمة العالمية.
وتعد روسيا وتركيا وفرنسا وأمريكا وإيران المشرفين الأساسيين على سير عملية السلام في الأراضي السورية، بين الفصائل المسلحة والجيش السوري، كما سيتم مناقشة التحضيرات لمؤتمر أستانا.