على الرغم من تعقد الأزمة اليمنية أكثر وأكثر إلا أنها بالفعل ليست سعودية ولا إيرانية ، هذا هو الوهم الذى يأتينا مع كل برقية من وكالة أنباء عربية أو أجنبية ، ثم لماذاعلينا أن نعادى إيران ، لا هو فرض عين ولا هو فرض كفاية ، ولا هو حديث متفق عليه ولاهو مما ضعفه جمهور العلماء !.
نفتخر بنور الله الذى بما جاءنا من جزيرة العرب , ولكن ذلك لا يستدعى أن نتمسك أو نتبنى أو ندافع عن كل ما يأتينا من الرياض لأنها مجرد عاصمة عربية لها استراتيجيتها وسياستها التى قد تتوازى أو تتقاطع مع سياسات واستراتيجيات بقية العواصم العربية والإسلامية , فهى ليست المدينة ولا مكة , حتى لو إمتلكت جبالا من الدولارات ووهضابا من الريالات توزعها هنا وهناك كما تريد هى وليس كما تقتضى مصالح شعوب الأمة الإسلامية أو العربية إن كانت هاتان الأمتان حقيقة كما يعتقد الطيبون وليستا وهما كما يعرف الطيبون أيضا .
تقول الرياض ما تريد وتفعل أبو ظبى ما تشاء وتتصرف الدوحة كما تشتهى , ولكن تبقى الحقيقة المؤلمة والتى لا تخص تلك العواصم المستحدثة فقط ولكنها تمتد لتشمل أولئك الذين يؤمنون بنظرية الأمن القومى الغربى والآخرين الذين يتاجرون بها منذ إطلاقها أول مرة . فقد أثيتت الأحداث أنها نظرية تتعلق بأمن الأنظمة العربية أوليس كما ظن الطيبون والطيبات من العرب والمستعربين …
لأ أعرف أول من استخدم هذا المصطلح الضخم – الأمن القومى العربى- على وجه اليقين , ولكنى متأكد أن بريطانيا العظمى هى صاحبة فكرة إنشاء جامعة الدول العربية بعد الحرب العالمية الثانية 45 وقبل الإعتراف باسرئيل 48 .
من هنا نبدأ .. نقول تل أبيب يقولون طهران
الذى ينكر أن إيران تتبنى مشروع نفوذ إقليمى يقوم أساسا على التمدد شرقا فى المنطقة العربية فهو متحامق ينكر معلوما من السياسة بالضرورة , ولكن لماذا برقيات وكالات الأنباء العالمية وصحف العرب وفضائياتهم ونخبتهم بالأخبار لا تعمى عن المشروع التركى وهو أخطر وأكثر دموية فى نفس المنطقة وقد ثبت يقينا أن تركيا هى مأوى وممر السلاح والمسلحين والارهاب والارهابيين , بل هى بالفعل تحتل أرضا عربية فى سوريا والعر اق التى تتواجد فيهما إيران وتقاتل مع جيوشهما برغبة حكومتى البلدين وباتفاقات دولية . ألا يكفى العرب ما لحق بهم من الخزى وهم الذين مولوا وساندوا سرا وعلانية انفصال كردستان العراق عن بغداد , بينما إيران هى التى قتلت هذه الفتنة فى مهدها ! ألا يكفيهم أنهم تركوا بيروت للمحتل الإسرائيلى حتى تقدمت إيران فأنشأت ودعمت حزب الله الذى مرغ وما زال أنف الصهيونى فى الوحل ؟ إذن لا مجال لنظرية زائفة يقال لها – أمن قومى عربى – أما لو عدنا للخلف قليلا فلا تنسى احتلال بغداد وتهديد دمشق عاصمتى الخلافة , وقيام جامعة الدول العربية بنفسها دون وكالة باستدعاء حلف الناتو لتدمير ليبيا وتقاعسها بفعل فاعل خليجى فى كارثتى سوريا واليمن .. الأمثلة كثيرة ….إذن مقرر الأمن العربى ولد وعاش ومات حلما لشرفاء القوميين العرب من المثقفين , وبسببه لقيت القضية الفلسطينية مصرعها حيث ترك الفلسطينيون أنفسهم للزعامات العربية من أجل وهم قضية العرب الأولى , حتى تنافست على اللقب عواصم عربية أخرى كانت يوما تتنافس على من يحررالقدس أولا !
لماذا نعادى إيران ؟!
بحجة حرية الملاحة فى باب المندب ذهب العرب إلى اليمن قاتلين سفاكى دماء مع أن إحتلال إيران بالفعل لثلاث جزر اماراتية وتهديد الملاحة فعليا فى مضيق هرمز لم يكن كافيا حتى لممارسة ضغوط سياسية عليها ولو للتفاوض بشأنها ,ليس ذلك فقط ولكن قضية الاحتلال هذه لم يتأثر بها عدد الايرانيين فى الإمارات وحجم استماراتهم ولا قيام شركة موانئ دبى بتطوير ميناء بندر عباس الايرانى مثلا , والمطلوب منا نحن فى كل العالم العربى الآن أن نصطف كالقطيع وراء الرغبة فى معاداة إيران !
وبحجة وهم الصراع السنى / الشيعى الذى رفع راياته الحمراء دعاة ومشايخ الوهابية يجب علينا أن نتجهز لقتال إيران , بينما نفس هؤلاء الدعاة والمشايخ كانوا يرقصون بالسيوف فى أثناء زيارات شاه إيران الشيعى الصفوى للمملكة من قبل , أى شر يراد لنا ؟ وما هى مصلحتنا فى أن نتحول إلى بيارق وخدم لمشروع ليس مشروعنا كمواطنين ودول وشعوب تحررت من المحتل الأجنبى ليحتل إرادتها حكام طغاه وتنهزم فى عهودهم الأمة , إن كانت هناك أمة بالفعل !
وبحجة إقامة حياة ديموقراطية فى سوريا وليبيا تهاوش علينا قادة وزعماء الخليج واختلفوا من ينهش جثث شعوبنا أولا ولكن كما قال كما قال حمد بن جاسم , أفلتت الصيدة فى سوريا بعد أن تدمرت ولكنها ما زالت تتدمر فى ليبيا . وبحجة إعادة شرعية مزيفة فى اليمن أنفق الخليج 200 مليار دولار وحاصر 28 مليون عربى مسلم فلا عادت الشرعية ولا هى ستعود , ولا تضررت إيران ولا هى ستتضرر والمطلوب منا أن نسبح بحمد السعودى وأن ندعو للإماراتى فى صلاتنا وأن نتقرب إلى الله بتقديم الشكر لأمير قطر !وأن نصطف لقتال إيران !
أين تريدونا ؟!
أجيال متعاقبة من الطيبين العرب عاشت على حلم تحرير الأقصى المبارك طاعة لسادتنا علماء الدين , وتأمينا على دعوات سادتنا مشايخ الوهابية على أحفاد القردة والخنازير فى موسم الحج , وتفاعلا مع خطب زعمائنا الملهمين الطغاة الذين خدعونا على مدى الأعوام منذ نشأة إسرائيل , حتى فاجأ الرئيس الأمريكى دونالد ترامب أحياءنا وأمواتنا بأن ما كان تحت الطاوله سصبح في العلن ولو استمر لفضح أسرارا لم يصدقها الطيبون المغيبون … قالها راعى البقر الأمريكى لمواطنيبه : إسرائيل كانت ستكون في ورطة كبيرة لولا وجود السعودية , هل تريدون لاسرائيل المغادرة ؟ وتردد صداها فى صدور مئات الآلاف من عائلات شهداء الحروب العربية الاسرائيلية على مدى 90 عاما .. إذن لمن قدمنا شهداءنا ؟ لقد نحرتم شهداءنا وساعدتم عليهم فى صراع كاذب مع اسرائيل , كنا نقاتلها بينما أنتم تمولونها وتدعمونها بل وتتآمرون علينا ….. فهل ما زلتم تريدون أبناءنا ؟ وأين ستنحروهم فى المرة القادمة ؟