بعد التقرير الصادر عن وكالة المخابرات المركزية “سي آي ايه” حول معرفة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان مسبقاً بما جرى في قنصلية السعودية في اسطنبول والذي كان نتيجته مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي، بدأ العالم ينتظر تحركات البيت الأبيض حيال هذه القضية، وكان التركيز على كيفية تعاطي الرئيس دونالد ترامب مع ولي العهد السعودي بعد نشر نتائج التحقيق، لكن ترامب أصدر بياناً عبّر فيه عن التزامه بالحفاظ على العلاقة الاستراتيجية بين البلدين والحفاظ على عقود الأسلحة مع الرياض، ورفض اتخاذ أي إجراء ضده.
بعد هذا البيان بدأت الصحف العالمية تثير موضوع عقود الأسلحة وذهب البعض إلى اعتبارها “العصا السحرية” التي استطاع من خلالها آل سعود ضمان “صمت” ترامب حتى اللحظة، وكذلك جرى الحديث عن دور السعودية المهم في تنفيذ الاستراتيجيات الشرق أوسطية التي تتبناها أمريكا، خاصة في دعم النظام الصهيوني ومواجهة محور المقاومة.
ما هي خفايا “صمت” ترامب عن تصرفات السعودية
تم الحديث مؤخراً عن تكهنات تفيد بأن هناك علاقات تجارية سرية بين شركات ترامب والسعودية والإمارات تؤثر بشكل مباشر على الطريقة التي يتصرف بها الرئيس الأمريكي في قضية مقتل خاشقجي، وكشف أمير سعودي بارز قبل أيام لموقع “الخليج اونلاين” عن تهديدات جدية وجّهها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لمنعه من اتخاذ موقف واضح إزاء إمكانية ضلوعه في إصدار أوامر اغتيال الكاتب الصحفي السعودي جمال خاشقجي.
وقال الأمير السعودي، المطّلع على ما يحدث داخل العائلة، نقلاً عن مصادر مقربة من ولي العهد،”: إن “ابن سلمان هدد ترامب بأنه في حال انقلب عليه، فإنه سيكشف أوراقاً ومعطيات ومعاملات مالية ستدين الرئيس الأمريكي شخصياً وتجعل مستقبله في الحكم هو الآخر على المحك”.
في وقت سابق من هذا العام، قدرت صحيفة “بلومبرج” ثروة ترامب بنحو 2.9 مليار دولار، وتستند إلى حد كبير هذه الثروة على قيمة العقارات، لكن النقطة المثيرة للاهتمام هي أن جزءاً مهماً من هذه الخصائص يعتمد على “أجزاء من شركته” الموجودة في الشرق الأوسط.
في الواقع يبدو أن الداخل الأمريكي متوجس من تعاملات ترامب التجارية مع السعودية وخاصة أنصار الحزب الديمقراطي ومسؤوليه، حيث يعتزم هؤلاء التحقيق في علاقات ترامب المالية مع السعودية وروسيا، وفي هذا الصدد قال الرئيس المقبل للجنة الاستخبارات في مجلس النواب الأمريكي آدام شيف، يوم أمس الأحد: إن الديمقراطيين يعتزمون التحقيق في علاقات الرئيس دونالد ترامب المالية مع السعودية وروسيا، وتحديد ما إذا كانت هذه العلاقات “اليد الخفية” التي تحرّك الخارجية الأمريكية بشأن هذين البلدين.
واتهم شيف ترامب بأنه “غير صادق”، بشأن دور ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في إسطنبول التركية يوم 2 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وتساءل شيف: “ما الذي وراء ذلك؟.. هل هناك دافع مالي يتعلق بشؤونه المالية الخاصة؟”، وأضاف في تصريح لـ”سي إن إن”: “هل مصالحه المالية الشخصية وراء السياسة الأمريكية في الخليج؟ وتجاه الروس؟: لا نعرف، ولكن سيكون من غير المسؤول عدم المعرفة”.
العلاقات التجارية بين ترامب والسعوديين
وفقاً لصحيفة نيويورك تايمز، فإن العلاقات التجارية بين ترامب والحكومة السعودية – ومديري الأعمال السعوديين – تعود نسبياً إلى تسعينات القرن الماضي على الأقل، وفي هذا العقد وصل ترامب عدة مرات لدرجة “الافلاس التجاري”، لكن في كل مرة كان ينقذه عمل مربح مع السعوديين من الغرق في مستنقع من الديون.
في عام 1991، عندما خسر ترامب ما يقرب من 900 مليون دولار في مشاريع مراكز الترفيه، باع يخته بمبلغ 20 مليون دولار إلى الأمير السعودي الوليد بن طلال، بعد عدة سنوات، لعب الوليد بن طلال أيضاً دوراً رئيسياً في حل مشكلة الديون الهائلة لترامب، حيث قام بشراء أسهم في فندق “Tramp Plus” لإزاحة بعض الديون عن كاهل ترامب.
ووفقاً لصحيفة نيويورك تايمز، قرر الأمير السعودي بن طلال في ذلك الوقت أن يشتري واحداً من أكبر فنادق ترامب ” فندق بلازا نيويورك” بأكثر من 300 مليون دولار.
قال فريق أوبراين ، الصحفي الذي كتب سيرة حياة ترامبنيشن في عام 2005: “كانت هذه صفقات من جانب واحد ولمصلحة الأمير لكون ترامب كان يعيش ضائقة مالية صعبة، لكن بعد ذلك لم يكن هناك أي مؤشر على استمرار العلاقة التجارية السعودية مع ترامب لإتمام صفقات مربحة”.
في عام 2001 ، اشترت السعودية أحد طبقات برج ترامب العالمي في نيويورك مقابل 4.5 ملايين دولار.
كانت مُهمة العملاء التابعين إلى السعودية مهمة بعد أن فاز ترامب بالرئاسة، وأنفقت اللوبيات السعودية العام الماضي 270 ألف دولار لحجز غرف في فندق ترامب في واشنطن.
تم استخدام هذه الغرف لنقل الأشخاص من واشنطن إلى اللوبيات لإفراغ القانون المتعلق بضحايا 11 سبتمبر 2001 من محتواه.
ملفات أخرى كثيرة جلّها يتعلق بالأمور الاقتصادية بين الرئيس ترامب والسعودية كان يحاول دائماً إخفائها، ولكون العالم اليوم لا يريد تمرير حادثة خاشقجي دون حساب قد يكون لذلك تبعات قاسية على علاقة ترامب مع السعودية وقد يكشف أسراراً لن يتوقعها أحد.