اجتمع أعضاء مجلس التعاون الخليجي امس “الأحد 9/12/2018” في العاصمة السعودية الرياض بحضور العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز الذي يترأس الدورة ال39 لأعمال هذه القمة والتي تشارك بها دولة قطر ولكن بتمثيل منخض المستوى اقتصر على وزير الدولة للشؤون الخارجية سلطان المريخي ما يعكس طبيعة العلاقات بين الدول الخليجية والظروف التي تمر بها المنطقة الخليجية منذ بدء حصار قطر في 5 يونيو 2017، أما السؤال الذي يبقى عالقا في الأذهان لماذا لم يحضر أمير قطر علما ان الملك السعودي وجه له دعوة رسمية؟
هناك مجموعة من الأسباب دفعت أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني لعدم المشاركة في القمة الخليجية الحالية نلخصها بالتالي:
أولاً: مر على حصار قطر حوالي العام والنصف من قبل السعودية والإمارات والبحرين ومصر بحجة “دعم قطر للإرهاب” وهذا ما نفته الأخيرة جملةً وتفصيلا، واتضح فيما بعد أن الغاية من الحصار كانت مختلفة تماما عن الحجج التي جاء بها، اذ كان هنا رغبة من قبل السعودية بإبقاء قطر تحت جناحها وعدم السماح لها بالتغريد خارج السرب، خاصة وان قطر تملك علاقات مميزة مع كل من تركيا وايران الدولتان اللتان تنافسان السعودية على زعامة المنطقة، وبالتالي كانت تسعى الرياض بحكم مكانتها وموقعها بي الدول الخليجية بالضغط على قطر للابتعاد عن هاتين الدولتين قدر الامكان، إلا أن قطر لم ترضخ للمملكة وعمقت علاقاتها بشكل أكبر مع طهران وأنقرة.
أما الهدف الثاني فكان يتعلق بموضوع الضغط على قطر لمنعها من دعم الاخوان المسلمين وطردهم من بلادها ومحاربة هذه الايديولوجيا، ولكن قطر أثبتت أنها تملك قرار مستقل فيما يخص سياستها الداخلية والخارجية، وبالمحصلة لم تستطع السعودية اجبارها على فعل أي شيء لا تريده، وعوضا على أن تحاصر السعودية قطر انقلبت المعادلة وأصبحت السعودية على وشك العزلة الدولية بسبب سياسة ولي العهد محمد بن سلمان في الداخل والخارج.
ما نريد أن نقوله أن هذا الحصار لا يزال مستمرا واستمراره زاد من الشرخ داخل البيت الخليجي وفي ظل عدم وجود اي حل في الافق لهذه المعضلة يرى الأمير القطر أن حضوره لن يغير شيء في طبيعة هذا الصراع العديم الجدوى.
ثانياً: جدول أعمال القمة الـ39 لا يتطرق أبداً إلى موضوع الحصار وقيل أن قمة الرياض الـ39 ستبحث عدداً من الموضوعات المهمة في مسيرة العمل الخليجي المشترك وما تم إنجازه في إطار تحقيق التكامل والتعاون الخليجي في المجالات السياسية والدفاعية والاقتصادية والقانونية.
من المستغرب جدا تجاهل أهم موضوع في هذه القمة وعدم التطرق له لا من قريب ولا من بعيد وكأن العلاقات الخليجية تشهد أفضل مرحلة في تاريخها، التعامي عن حل هذه المشكلة سيعقدها أكثر وسيدفع قطر للابتعاد عن جيرانها أكثر وأكثر وما خروجها من اوبك مؤخرا إلى رسالة واضحة في هذا الاطار.
ثالثاً: الشعب القطري غير راض عما تفعله السعودية مع بلادهم ومعهم، فحتى اللحظة لايزال المنفذ البري الوحيد “سلوى” الذي يربط قطر مع السعودية ومنها إلى العالم اجمع مغلق من الجانب السعودي وكانت قطر تحصل من خلاله على الأدوية والمواد الغذائية، كما حُرم الطلبة القطريون من إكمال دراستهم، ورفضت جامعاتهم في دول الحصار التعاون معهم، بالإضافة إلى حرمان مستثمرين قطر من أملاكهم.
كما تم استخدام الوازع الديني من خطباء وعلماء دين للتحريض ضد قطر، وتم تسييس الحج والعمرة، وتسخير خطب الجمعة بشكل مكثف لتشويه قطر ورسم صورة قاتمة عنها، وحاولت دول الحصار خلق انقسام داخل المجتمع القطري، ودعمت ونظمت الندوات التحريضية ضد قطر في أوروبا والولايات المتحدة.
كل ماذكرناه وأكثر لم يوضع له حل او حتى خارطة طريق للوصول إلى حل منطقي، فكيف سيذهب الأمير تميم وبلاده تتعرض لكل هذا.
وكان واضح موقف الشعب القطري من القمة واعتبروها بدون جدوى اذا لم تنهي الحصار المفروض عليهم، وفي هذا الاطار قال السياسي القطري جابر الحرمي، أن هناك غُمّة تلف دول الخليج ومن باب أولى أن تعمل القمة الخليجية على إزالتها، وتساءل عن سبب عقدها دون التطرق لهذه الغُمّة.
في حين اعتبر مساعد رئيس التحرير في صحيفة الوطن القطرية، عبد الرحمن القحطاني، أنه من غير المنطقي أن يتم عقد قمة في دولة حاصرت دولة عضوة في مجلس التعاون الخليجي وتآمرت عليها وضربت في صلة الرحم والأعراف الإنسانية، وذكر العديد من الانتهاكات منها: منع الحج والعمرة، والغذاء والدواء، والتخطيط لغزو عسكري لقطر.
في حين قال عدد من السياسيين من دول الحصار إن دعوة قطر لحضور القمة لا تتجاوز حدّ الالتزام بالأعراف الدبلوماسية والبروتوكولات، وخصوصاً أنها لا تزال عضوة في مجلس التعاون الخليجي، ولا تحمل أي إشارة على رغبة الدول الأربع إنهاء مقاطعتها للدوحة.
الواضح ان السعودية تريد صناعة بروباغندا اعلامية مفادها ان الرياض ليس لديها مشكلة مع قطر وقد دعتها للقمة ولكنها رفضت وبالتالي يمكن للسعودية استغلال هذه النقطة لصالحها أمام الغرب الذي يحمل السعودية مسؤولية هذا الخلاف.