يراقب المعنيون بالمأساة اليمنية المشاورات الجارية في السويد، والمفترض أنها بين الأفرقاء الداخليين، وهناك يتجلى للمراقب مشروعان وخياران يحتربان، مشروع بناء اليمن المستقل بعيدا عن استضعاف أهله ونهب ثرواته، وآخر يسير في ركاب الرجعية دول مجلس التعاون القبلية المدعومة أمريكيا وصهيونيا.
الوفد الوطني اليمني القادم من صنعاء بقيادة الدبلوماسي اللبق محمد عبدالسلام يواجه صلف العالم المستكبر المصطف مع نظام آل سعود الدموي، والناظر الى سلوك المتحاورين يشعر بالعالم الجديد المتغير، والصفعات المتتالية التي يتلقاها الأمريكي وأدواته، فالتحالف بما يمثل من دعم القوى الكبرى بات يستجدي أنصار الله ليقبلوا بالحوار، وهو الذي كان يعد بدخول صنعاء وصعدة خلال أسبوع واحد من شن عدوانه قبل أربع سنوات!
هو فجر جديد يلعب فيه أحرار من العرب – وعلى رأسهم هؤلاء الأباة اليمنيون- دورا يمرغ أنف أمريكا وأدواتها بالتراب، مذ زرعها المستعمر شوكا في حلوق أبناء البلاد العربية، تنفذ مخططات الكبار من ناهبي الشعوب، وترهن مقدرات الأجيال لصالح اقتصاد أعدائنا، واستمرار قوة الدولار الأمريكي الحامي بالتبع لاقتصاد “اسرائيل”، على الشباب العربي مراقبة ما يجري، وإن كان قد عدم الانعتاق من أدوات أمريكا بعد الربيع العربي، لكن ليس عليه أن يعدم الوعي والبصيرة، في مفاوضات السويد بعض أهل اليمن رهن نفسه لارادة السعودي، فمطالبهم ذاتها مطالب العدوان التي يطرحها على الطاولة، أن يبقي شعب اليمن تحت هيمنة آل سعود وما يمثلون من امتداد اسرائيلي أمريكي، الوفد الوطني يطالب باطلاق كامل الأسرى بمن فيهم اولئك المعارضين لأنصار الله في السجون الاماراتية العلنية والسرية، ما ينم عن تعال على الجراح، ووطنية أبوية ترأف باليمنيين كيمنيين بعيدا عن انتماءاتهم وايديولوجياتهم، لكن وفد الرياض بدون حياء مطلبه بهذا الخصوص الافراج عن الأسرى الحاملين للجنسيات الخارجية المعتدية، وفد صنعاء يتمسك بصرف رواتب كل اليمنيين، وتحييد اللعب بورقة قوت الناس وتجويعهم، ورفع الحصار وتوحيد البنك المركزي، بينما عملاء آل سعود يصرون على اغلاق المنافذ، ونقل البنك المركزي الى الاردن، في توسيع لدائرة الاعتماد غلى الأجانب! ولا يخجلون من المطالبة بانسحاب أبناء اليمن من أراضيهم! وتسليمها لوصاية محمد بن سلمان القاتل المنشاري لأصدقائه قبل أعدائه، ومع أنهم لا يسيطرون على المطارات الجنوبية لكنهم يريدون رهن فتح مطار صنعاء، بتفتيش رحلاته في مطار عدن المحتل، وتسليم كافة الموانئ للسلطات السعودية والاماراتية لنصل الى انكشاف ظهر الشعب اليمني بالكامل للعدو الاسرائيلي.
المتابع لمارثون المشاورات في الأيام الماضية يذهل من تمكن وفد صنعاء، وتمثيله الراقي للشعب اليمني، الأستاذ عبدالسلام رئيس الوفد حاضر دون تردد لابداء الموقف والقرار حول أي من القضايا المطروحة، ودون تحفظ يتحدث الى وسائل الاعلام، ما ينم عن الاستقلالية في اتخاذ القرار، في وقت كذبت الخارجية الايرانية اشاعة أمريكية حول تدخلها أو أن تكون فشلت في إرسال أحد كبار مستشاريها إلى السويد، من أجل المشاركة في المفاوضات بين الأطراف اليمنية، هذا اذا علمنا أن وفد عبد ربه منصور القادم من فنادق الرياض لا يغلق أفراده هواتفهم، ولا يمكنهم ابداء أي موقف قبل أن تصل تعليمات الغرف السوداء في الرياض، الغرف ذاتها التي تشرعن قتل وسحق الأجسام الطرية لأطفال اليمن، هي ذاتها التي أصدرت أمر تقطيع جثة خاشقجي على انغام الموسيقى، وبدل تضييع الوقت مع الكومبارس المسمى وفد الشرعية حري بحكومة الانقاذ اليمنية التمسك بحضور ممثلي دول العدوان الى الطاول بدل هذه المسرحيات.
عجبي والله! في كل ساعة يرحل طفل أو جريح أو جائع أو مريض يمني الى مثواه الأخير بفعل حصار صهاينة العرب لشِعب اليمن، ومن هذه الضحايا أقرباء مرتزقة بن سلمان، دون ان يهتزوا أو يغضبوا! وقد أعماهم مال آل سعود الحرام حتى أنساهم أهلهم وأحبائهم، وباتوا يستمرؤون من المعتدين والمحتلين التسبب بالمجاعات، والاغتيالات وحدوث الاغتصابات، ثم بعد هذا يمعنون في تزوير التاريخ وهم يرددون سمفونية كذبهم عن التدخل الايراني في اليمن التي لم يقتل فيها أو يأسر ايرانيا واحدا. أَفَمَن يَمْشِي مُكِبًّا عَلَىٰ وَجْهِهِ أَهْدَىٰ أَمَّن يَمْشِي سَوِيًّا عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ؟