في ظاهرِ الأمور يعتقدُ الكثيرون في العالم ان مشاوراتِ السويد تجري بين وفدَين: وفد قادم من صنعاء، والآخر قادم من الرياض.
على أحسن تقدير، قد ترى بعضُ الدول ان وفدَ الارتزاق القادم من الرياض يمثل مصالحَ الرياض وأبو ظبي في المشاورات القائمة..
لكن في العمق وحقيقة الأمور فوفدُ الرياض لا يمثلُ ما يدّعونه بالشريعة ولا يمثل مصالحَ دول تحالف العدوان الظاهرة على السطح، بل يمثل مصالحَ ورغباتٍ، ويعملُ تحت توجيهات واشنطن..
واشنطن هي المحرِّكُ الأساسيُّ والوحيدُ للعدوان على اليمن وصاحبةُ المصلحة الوحيدة في استمرارها، ومعها ربيبتُها إسرائيل، فلا السعوديّة ولا عيال زايد لديهم مصالحُ حقيقيةٌ للدفاع عنها على الأراضي اليمنية.
تصريحاتُ المسئولين في واشنطن تُنبِئُ بقوة عن مدى المسئولية الأمريكية والتورُّط الأمريكي في شن الحرب وتشريعها وحمايتها وديمومتها، فأَن يقولُ وزير الحرب الأمريكي ووزيرُ الخارجية بأن مناقشةَ الكونجرس لإمكانية إيقاف التعاون مع السعوديّة على خلفية العدوان على اليمن ما هو إلا إضعافٌ للدور الأمريكي في الشرق الأوسط وتقويةٌ لمحور إيران، فهذه دلالةٌ قويةٌ على أسباب التصعيد العسكري المتواصل.
تماماً عندما أعلن السفيرُ الأمريكيُّ بأنه سيقومُ بإغلاق مطار صنعاء ونقل البنك المركزي أثناء مفاوضات الكويت..
العقلُ الأمريكيُّ يعملُ على تحقيق مصالحه الجيوستراتيجية عبر السيطرة على البحر الأحمر في مواجهة القوى الوطنية اليمنية الداعية للحرية والسيادة والاستقلال وفي مواجهة الصين وروسيا وإيران؛ ولذلك يتم طرحُ حلول تعجيزية كالانسحاب من مدينة الحديدة وغيرها من القضايا غير القابلة للنقاش، فما بالك ان تكون مدخلاً للحل.
خلالَ مفاوضاتِ سلام أَوْ مشاورات، يقوم الأمريكي بضخ كم هائل من الأجواء السلبية والتصريحات الاستفزازية عبر القول بأن يمن المستقبل لن يشكل تهديداً إيرانياً ضد الإمارات والسعوديّة في حقيقة الأمر لم يكن اليمن إيرانياً قبلاً ولن يكون ولم يشكل تهديداً في مرحلة من مراحله وخصوصاً بعد ٢١ سبتمبر، حيث سعت قيادةُ الثورة لطمأنةِ المتوجسين ومنهم السعوديّة بعدم تشكيل أي تهديد ضدها.
واشنطن دورُها في كُـلّ العالم إثارةُ الأزمات والاسترزاق منها وتعملُ على ديمومتها، اليمن ليس استثناءً، ولن يكون، نعم هناك ضغوطٌ قويةٌ ضد الإدارة الأمريكية تعملُ على امتصاصِها عبر الإيحاء بأن المشاورات تمضي نحو الأمام والقليل من التصريحاتِ بأن أمريكا تدعم الحلَّ السياسيّ في اليمن، وخلف الستار هي من تحدّد الأهدافَ وتضربُها وتصيغُ الخططَ العسكرية وتشرفُ على تنفيذها بكل قوة.
خلاصةُ الأمر هو ما قاله السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام، إنه لولا الولايات المتحدة لتحدثت السعوديّة الفارسية خلال أسبوع، مؤكّدا أن الرياض تحتاجُ واشنطن أكثرَ من حاجة الأخيرة لها.
ومن نافلة القول استطراداً على هذه العبارة أنه لولا أمريكا لهُزِمَت دول العدوان بشقَّيه السعوديّ والإماراتي خلال أسبوع.
واشنطن لها مصلحةٌ جوهريةٌ مِن قتل الشعب اليمني، ولا يبدو في المدى المنظور ان الإدارة الأمريكية تسعى نحو حَلّ سياسيّ بل لتهدئة مرحلية قادمُ الأيّام كفيلةٌ بتوضيح الصورة أكثرَ، وما الدور السعوديّ ووفد الرياض إلا غطاء لهذه المصالح..