أنصار “الصادق المهدي” يطالبونه بالثورة على نظام البشير
أنصار “الصادق المهدي” يطالبونه بالثورة على نظام البشير
تقارير – يمني برس
وثيقة عقد اجتماعي” للخروج من أزمات السودان، هي خلاصة الوصفة أو “الروشتة” التي قدمها زعيم حزب الأمة القومي الصادق المهدي أمام الآلاف من مستقبليه في باحة قبة جدة في أم درمان، بعد عودته إلى البلاد التي تعيش على وقع أزمات معيشية خانقة، لكنها لم تعجب الكثير من مناصريه الذين صرخوا مطالبين بـ”الثورة”.
وأنهى المهدي بوصوله إلى الخرطوم مساء أمس الأربعاء نحو عام من منفاه الاختياري، قضاه بين القاهرة ولندن منذ فبراير/شباط الماضي.
بدأ الحشد الكبير بما يشبه السباق بين الخطباء الذين ألهبوا حماس الأنصار المحتشدين وهم يحثونهم على “الثورة لاقتلاع نظام الإنقاذ”، في إشارة لنظام الرئيس عمر حسن البشير، لكن النهاية كانت صاخبة بعد أن أحدثت “وصفة” المهدي انقساما بين أنصاره، ودفعت بعضهم للاستقالة من الحزب عبر منصات التواصل الاجتماعي.
أجواء مشحونة
وزاد من الأجواء المشحونة خطاب ممثل تحالف نداء السودان في الداخل، رئيس حزب المؤتمر السوداني عمر الدقير، وهو يطالب المهدي بمواقف تبتعد عن التردد والمنطقة الرمادية.
كان المهدي يستمع لهذه الكلمات حاسر الرأس، وكأن سحابة من الحزن خيمت عليه بسبب وفاة شقيقه فيصل المهدي التي وصلت أنباؤها من لندن قبل ساعات من عودته إلى الخرطوم.
وحين جاء دوره في المنصة، آثر المهدي الابتعاد عن سياق التصعيد الذي اتسم به خطاب من سبقوه، عندما أعلن عما سماها “روشتة”، وقبل أن يتلوا تفاصيلها صمت برهة ارتفعت خلالها عقيرة المحتشدين ينادون بالثورة والخروج إلى الشارع.
عقد اجتماعي..وثورة
انتظر المهدي حتى هدأت النفوس وصمتت الأصوات، ثم قال إنه يقترح وثيقة عقد اجتماعي توقع عليها كل القوى السياسية والكيانات وتسلم لرئاسة الجمهورية، حينها لم يتردد الكثيرون بالصراخ: “لا”، لكنهم لم يلبثوا أن عادوا للإنصات إليه وهو يقدم وصفته لعلاج أزمات البلاد.
وشرع في تبيان الوصفة التي قال إنها تقوم على وقف العداء في مناطق النزاع، والسماح بمرور الإغاثات، وإطلاق سراح الأسرى والمحكومين، وتشكيل حكومة قومية، وعقد مؤتمر دستوري، وتنظيم انتخابات حرة ونزيهة.
وعمد إلى التحذير من أن الاحتجاجات الشعبية قابلة للزيادة، ونصح المحتجين بالتعبير دون عنف أو تخريب، وفي المقابل دعا السلطات للالتزام بالمواثيق الدولية والسماح بالتعبير السلمي للمحتجين.
وحرص المهدي على ترديد شعارات طلب من أنصاره ترديدها خلفه: “لا للحرب نعم للسلام”، “لا للاستبداد نعم للديمقراطية”، “لا للهيمنة الثقافية نعم للتنوع”، “لا لتقرير المصير نعم للسودان الواحد”، “لا للتعبير بعنف نعم للتعبير السلمي”.
وهتف أخيرا “الشعب يريد نظام جديد”، وهو الشعار الذي حظي بتفاعل أكبر من أنصاره الذين انفض سامرهم وهم يهمهمون فيما بينهم تشريحا وتحليلا لخطاب الإمام.
أزمات واحتباس الحراري
استمر المهدي بالحديث وسط أجواء بدت غير راضية بين الجمهور المحتشد، قائلا إنه لا بد من التطرق لقضايا إقليمية ودولية بالرغم من أن السودانيين يشعرون بأنهم يطؤون جمرة ويريدون إزاحتها.
لكن حماسة جماهيره تراجعت عندما انتقل لاستعراض أزمات إقليمية وعالمية، فتحدث عن الحرب في اليمن والأزمة الخليجية والنزاع بين السعودية وإيران، قبل أن يعرج إلى قضية الاحتباس الحراري، وحينها اضمحلت الحماسة واستكان الحشد الذي كانت هتافاته تملأ المكان.
خطاب الصادق المهدي قسم المحتشدين بين مؤيد لـ”وثيقة العقد الاجتماعي” ومعارض لها، فبينما رأى البعض أنه كان واقعيا في حديثه ووصفته لحل أزمات البلاد، ذهب آخرون لاتهامه بأنه مارس “إلهاء متعمدا عن المناخ العام في البلاد”، على وقع احتجاجات شعبية شهدتها مدينتان في يوم وصوله ذاته -أمس الأربعاء- هما بورتسودان وعطبرة.
استقالات من الحزب
وعلى إثر ذلك أيضا، أعلن عدد من المنتمين لحزب الأمة القومي تجميد عضويتهم واستقالاتهم من الحزب عبر فيسبوك وتويتر.
وغرد الصحفي خالد عويس على حسابه في توتير قائلا “بعد ما حدث الليلة، أعلن عن تجميد عضويتي في حزب الأمة القومي، هذا للإعلان والإفادة، مع انحيازي التام لجماهير الشعب السوداني”.
يشار إلى أن السلطات السودانية وجهت في مارس/آذار الفائت تهما للمهدي تصل عقوبة بعضها إلى الإعدام، بتوجيهات من الرئيس البشير الذي اتهمه بالتواطؤ مع حملة السلاح بعد أن اختاره تحالف “نداء السودان” رئيسا له.س
وأعلن جهاز الأمن السوداني تحريك هذه البلاغات الشهر الماضي مصحوبة بأوامر لتوقيف المهدي، لكن تدخلات حزبية وحكومية نجحت في إيقاف الإجراءات وسارع مسؤولون في الحكومة وجهاز الأمن لإعلان الترحيب بالمهدي وتناسي تلك البلاغات.