لماذا انتصر الحوثي علينا ونحن نملك القوة العددية والنوعية ونحضى باعتراف وغطاء ودعم ومساندة دولية
لماذا توارى اسم الشرعية اليوم من امام الرأي العالمي والدولي ؟
لماذا فقد الكثير من أبناء الجنوب ثقته بالشرعية وبالتحالف ؟
لماذا تحول الجيش الوطني والمقاومة الى مجرد جماعات وعصابات وشلل جهوية وعنصرية وحزبية هزيلة ومتناقضة ومتناحرة فيما بينها وفي المقابل تحولت ميليشيات الحوثي ومجاميعه القبليه الى جيش موحد وقوي بنظر العالم ؟
لماذا تنعم اليوم مناطق سيطرة الحوثي بالامن والنماء رغم انها محاصرة ويعيش فيها الناس بسلام واستقرار رغم استمرار قصفها من قوات التحالف العربي في المقابل انعدام الامن والاستقرار الخدمات وبروز ظاهرة الاغتيالات التي تطال من خيرة رجالنا وانتشار المخدرات ومروجيها ومتعاطيها وتفشي حالات الانحلال الاخلاقي والقيمي في مناطق سيطرة قوات التحالف العربي والشرعية ؟!
تحدثنا مرارا وراهنا كثيرا على تصدع جبهة الحوثي الداخلية ، خاصة بعد مقتل الرئيس السابق علي عبدالله صالح في ديسمبر ٢٠١٧م لنتفاجأ بعد عام بتفكك بنيوي كبير وانقسام عميق داخل اطار دول التحالف العربي نفسها انعكس على كل فصائل ومكونات الجيش والمقاومة !!
اليوم خرج الحوثي من مفاوضات السويد بتأمين الحديدة وضمان ادارته لها وبضوء اخضر لقواته بالتقدم نحو مأرب والتهام منابع النفط واستهداف العمق السعودي ليس بالصواريخ البالستيه ولكن بالزحف البري وصواريخ الكورنيت الموجهة والصغيرة وفي الوقت نفسه يحضى بالاشادات والتقدير والتكريم من قبل المجتمع الدولي وفي المقابل حصل تجاهل كبير تجاه الشرعية حتى في قرار مجلس الامن الاخير !!
أنا في تصوري ومن خلال تحليلاتي أجد الاسباب كثيرة في ذلك غير أن أهمها هو أن الحوثي يمتلك مشروعا يقدسه اتباعه ويحمل قضية يلتف حولها انصاره ولديه قيادة موحدة هي أقرب الى واقع ابناء الشعب أضف الى ذلك هو أننا أسهبنا وأجحفنا بل وفجرنا في خصومتنا معه حتى صورناه في أذهان الداخل والخارج على شكل شيطان وبمجرد أن عرفه من في الداخل وتعرف عليه من في الخارج تحطمت تلك الصورة المشوهة عنه والمبنية على افتراضات معظمها بدافع التعصب والفجور في الخصومة وابتنت له صورة لم يكن هو نفسه يتوقع ان تنغرس في اذهان المتابعين لوضع اليمن .
لو أننا تحدثنا للعالم عن تجاوزات الحوثيين في القضايا الامنية وعن خبرتهم المتواضعة في الجوانب الادارية والاقتصادية والسياسية وعن عزوف الكثير من قياداتهم عن مقتضيات الحياة العصرية كان أفضل بكثير من الحديث عن امور الدين والعقيدة وعن مجوسيته وسبه للصحابة ورمي نساء النبي ص بالموبقات ووووالخ فالامور هذه دائما ما تتضح جليا بمجرد القرب والاطلاع وبسبب دحض تلك الاكاذيب ترتسم للحوثي صورة في اذهان المجتمع اليمني والاسلامي مغايرة تماما لما يريد خصومه رسمها ، كما أن العالم ومجتمعات الدول المتحضرة لا تنظر الى هذه الترهات بل حتى دون التأكد من صحتها تعتبر ذلك هامشا وحقا مكفولا في سياق الحرية الشخصية للفرد بل حتى مفهوم الولاية وحصرها في اطار السلالة الكثير ممن تحدثت معهم عن استحالة التوافق مع الحوثيين لأنهم يحملون مشروع الولاية والاصطفاء الالهي دون غيرهم ليجيب عليا أحد الاصدقاء الالمان وهو مهندس مدني لا يفقه في السياسة الشيء الكثير قال : من حق أي انسان أو جماعة أو حزب أو أسرة أن تعتبر نفسها الافضل والاجدر بل يعتبر هذا الاعتقاد جانب من جوانب الدعاية الانتخابية ومن حق اي شخص ان يسوق لنفسه او لحزبه هكذا مادام لا يفرض ذلك على الناس بالقوة ، ومن حق اي حزب او طرف او جماعة أن تختار من يرأسها وان تضع له القدسية والمكانة التي تريد طالما والامر متاح وليس مفروض بالقوة ، ومادام الحوثي متمسك بالديمقراطية والنظام الجمهوري فالجميع يتهيب من فرضيات لا اساس لها في الواقع ، واضاف قائلا : تعرف يا صديقي ان هناك معارضين للانظمة الجمهورية في الجمهوريات الاوروبية كفرنسا وايطاليا والمجر وفي المقابل هناك معارضين للانظمة الملكية كذلك في اوروبا كالسويد وسويسرا والنرويج وبريطانيا وكلا مكفول حقه بالتعبير عن رأيه وتوجهه السياسي بل هناك احزاب ملكية في جمهوريات واحزاب جمهورية في ممالك ، والمهم في ذلك كله هو التعبير عنه بالطرق السلمية وان لا يستخدم اسلوب العنف والقوة في فرضه .
في اليمن يحكمنا فرد واسرته ٣٣ سنة تحت يافطة النظام الجمهورية وتنشب خلال نفس الفترة اكثر من ١٦ حرب مدمرة تحت عنوان الحفاظ على الجمهورية والديمقراطية والوحدة ، يتقاسم الاخوة والعشيرة والقبيلة الواحدة و الاصهار الدولة حكما ومالا حتى الاحزاب ومجلس النواب والحكومة والمحافظين وووو الخ تقاسموا تلك المناصب والمقامات والمسؤوليات التي من المفترض أن تأتي عبر الشعب ومن خلال الانتخابات وكل ذلك تم تحت عنوان النظام الجمهوري والحفاظ على المكتسبات ! ، قسمت الصحراء الى قطاعات نفطية للخواص والمقربين ونشأت شركات نفطية عملاقة للاقارب ، استخرج النفط بمئات الالاف من البراميل اليومية وبيع وتبخرت موارده وصمت حينها الناس حتى لا تتأذى الجمهورية والديمقراطية ! نهبت الجبال والوديان وبيعت بالمليارات وبنيت عليها الفلل والقصور للخواص والحاشية والمقربين تحت عناوين اراضي الدولة وعقاراتها والمواطن ومع ذلك لم يجرؤ أحد على الحديث او البوح بذلك خشية ازعاج الجمهورية والديمقراطية !! ، بيعت الأراضي اليمنية وتمت المتاجرة بسيادة البلد وقراراتها المصيرية وكما الحال فالجميع كانوا يخافون من ان تتضرر من حديثهم الجمهورية والديمقراطية !!
عندما كان المنحطين السعوديين في الصيف يأتون الى صنعاء ليخالفوا انظمة المرور ويعربدوا ويسخروا بفلوسهم ويحتقروا اليمنيين ويذهبوا الى إب ليتزوجوا بأصغر البنات لايام ثم يتركوا ضحاياهم في الفنادق بعد اخذ الصور ومقاطع الفيديو المخلة والفاضحة ليعودوا الى قواعدهم سالمين متباهين ببطولاتهم الشيطانية المزعومة وموثقين ذلك بالصوت والصورة دون رقيب او حسيب او مسؤول يغار على بلده وعرضه وشرفه ، كان في الوقت نفسه المواطن اليمني في السعودية يطارد ويهان ان لم يسجن ويقتل في الحدود وتتعفن جثته وتأكلها الهوام ، كان يحرم من ابسط حقوقه في المملكة كإنسان ويصادر ما تحصله بعرق جبينه لاطفاله واسرته الذين تركهم املا بالعودة اليهم برزق الحلال لسد جوعهم وحاجتهم الى وطن يعبث فيه المنشغلين عنه وعن احتياجاته وعن كرامته بالدفاع عن الجمهورية والديمقراطية !! وحتى لا تسيء الى الجمهورية والديمقراطية كان عليك ان تصمت !!
احترقت اليوم تلك الاوراق وتبخر وتناثر تلك المزاعم والترهات كالحفاظ على النظام الجمهوري وعلى الديمقراطية بل حتى مزعوم ومسمى الشرعية والاعتراف الدولي كآخر تقليعة لتلك النفايات الفاسدة ليظهر مواطن اليوم مستفيدا عن تجارب الماضي ومتسلحا بعقلية لا تنطلي عليها الترهات والتهريج ، خاصة وادعياء النظام الجمهوري والديمقراطية الشرعية اليوم يتأوهون تلذذا في مضاجع أصحاب السمو والمعالي وسعادة السفراء .
وهنا يكمن مربط الفرس بالنسبة لنا كجنوبيين يجب أن نعلم بأن الشرعية الحقيقية هو الامن والاستقرار ، الشرعية الفاضلة هي القيم والمبادئ المشرفة ، الشرعية والنظام الجمهوري والديمقراطية هي ما تحقق تطلعات الشعوب وآمالهم وما تحفظ كرامتهم وما تثمر الاعتزاز والفخر بالانسان اليمني وبالوطن وبالتاريخ ، الجمهورية والديمقراطية ليس ما تفرضه من هي فاقدة لتلك المسميات من الاساس .