الدوله اليمنية الحديثه .. بين الرؤية والتطبيق
لطف لطف قشاشة
من المؤكد أن المجلس السياسي الاعلى حين تقدم بمشروع الرؤية الوطنيه لبناء الدوله اليمنية الحديثه كان يدرك حجم التحديات التي تعترض خطواته الداخليه لترتيب البيت اليمني برؤيته التي اراد من خلالها ارسال مؤشرات إيجابية للدفع بالوضع الراهن والمتأزم للامام حين حملت رؤيته عناوين تطمين وتحفيز في ذات الوقت لمن لازال يتوجس رهبة وخيفه من توجه حركة انصار الله بالذات وسياساته في عدة مواضيع كالتعدديه السياسيه والحريات العامه والتوجه المدني التي تم تسويق الامر للداخل والخارج على حد سوا بأن مستقبلا مظلما ينتظر البلاد فيما لو وضعت الحرب أوزارها على نتائج تعزز من تمدد وسيطرة الحركه على الوضع العام خاصه في المناطق التي يسيطر عليها المجلس السياسي الاعلى في البلاد ..
لذلك تقدم برؤيته تلك ليوجه عدة رسائل منها هذا ومنها أنه يمضي قدما في تعزيز قوة إدارته للوضع السياسي بنفس قوة إدارته للمواجهه العسكريه وأنه يمثل توجها مدنيا سيسهم حاليا ومستقبلا في بناء دوله يمنيه تتمتع بمشاركه واسعه لالوان الطيف السياسي والاجتماعي في البلاد ..
ومن المؤكد أيضا أن كثير من المهتمين قد اطلعوا على ما تناولته الرؤية ومنهجية إعدادها وخطواتهها التنفيذية الإستراتيجية المزمنة وما حملته بين دفتيها من رؤى وافكار وأهداف تصب بمجملها الى الخروج باليمن من مستنقع الفساد الشامل الرسمي والشعبي وجبر الضرر الناتج عن الصراعات السياسيه والعسكرية والتي بلا شك أن نتائج العدوان الحالي واحدا منها ..
ما يهمنا في الموضوع برمته اننا وبحكم الانتماء للقضية الام قضية الوجود التي نسعى لان يكون بدوله نعتز بترابها وتاريخها ويهمنا أن تتعافى من كبواتها التي أحدثتها سياسات انظمة متعاقبة افسدت وسلمت اليمن للهيمنة الاقليمية والدولية وكذلك فهي استجابة لطلب مقدمي الرؤية بإبداء الرأي والملاحظة حول ما تضمنته الرؤية الوطنيه لبناء الدوله اليمنية الحديثه ..
وخلاصة القول أن هذه الرؤية ومن حيث المضمون فقد حملت إيجابيات متعدده لو لم تكن الا انها قدمت في زمن لا صوت يعلو فيه على صوت البندقية ما يعني ان اهتمام المجلس السياسي الاعلى بتقديمها وتزمينها ما هو الا حلقه مضيئه من حلقات الحكمه اليمانية ولكن ذلك لا يعني انها قد قدمت رؤية شامله وعلاجات ناجعة يمكن الركون والوثوق عليها وبها لتكون هي الحل الاول والاخير فالرؤيه لازالت بحاجة الى اعاده قراءة في بعض بنودها ومن وجهة نظري الشخصيه فإن قضية شكل الدوله وامتدادها الجغرافي الذي ستطبق فيه الرؤية فيها غموض كامن لانه حسب فهمي لا يتعدا حدود ج . ع . ي هكذا اراها وربما هي كذلك عند مقدمي الرؤية ويؤكد هذا الرأي مرجعية التنفيذ والرقابة والضامن لتنفيذها ونجاحها والذي لم يخرج عن سلطه المجلس الاعلى وحكومة الإنقاذ في صنعاء وهذا بنظري يعد اختزال لنضالات شعب الجمهوريه اليمنية خاصة في الجنوب وتسليم لمعضله القضيه الجنوبيه ليد دعاة الشرعيه المزيفة ومن ورائهم التحالف الغاشم والاستكبار العالمي الذي يقود عدوانه على اليمن ليستعيد قراره وهيمنة وحينها نكون
بهذا القصور قد ضيقنا من عمقنا الإستراتيجي المتعلق بالأمن القومي اليمن .
هنا يجب التاكيد على اعاده النظر في حساب اولويات الرؤية خاصة في مرحلتها الاولى بحيث تشمل وضع الحلول الكامله لكوارث العدوان والتي اهمها سعيه الحثيث لتجزئه البلاد واقلمتها وكذا إعادة منظومة الحكم السابق الفاسدة للواجهة من جديد وهذا مالا يمكن القبول به كونها تتعارض مع اهداف ثوراتنا المتلاحقة وتفرط في تضحياتنا الجسيمه ..
وهنا علينا ان نضع في اول اولوياتنا هاتين المعضلتين والتان تشكلان كارثه ستدفع مستقبلا الى مزيد من الازمات والحروب وما تبقى من عناوين قدمتها الرؤية فهي مكملة للوصول الى بناء دوله يمنيه حديثه تتظافر فيها جهود المخلصين والشرفاء من ابنائها للقضاء على منظومة الفساد وتعيد للعملية السياسيه اعتبارها وتحافظ على الحقوق والحريات العامه والعدالة والمساواة طالما امتلكت قرارها السياسي والسيادي المستقل ..
والله من وراء القصد ..