“الرؤية الوطنية لبناء الدولة اليمنية الحديثة”.. الأهمية وأُفق التنفيذ
“الرؤية الوطنية لبناء الدولة اليمنية الحديثة”.. الأهمية وأُفق التنفيذ
يمني برس | ماجد الغيلي
تأتي “الرؤية الوطنية لبناء الدولة اليمنية الحديثة” لوضع النقاط على الحروف واستكمالا للمشروع الكبير الذي أطلقه الشهيد الرئيس صالح الصماد في يوم الـ26 من مارس 2018 تحت شعار (يد تحمي ويد تبني) في مرحلة يمر فيها البلد بعدوان غاشم وحصار جائر برا وبحرا وجوا.
وللرؤية 12 محورا هي محور المصالحة الوطنية والحل السياسي ومحور منظومة إدارة الحكم ومحور البناء الاجتماعي ومحور الاقتصاد ومحور التنمية الإدارية والبناء المؤسسي ومحور الأمن والعدالة ومحور الابتكار والمعرفة والبحث العلمي ومحور البنية التحتية وخدماتها ومحور الأمن القومي والسياسة الخارجية ومحور البيئة والتنمية العمرانية، وهذه المراحل يتم تنفيذها على مدى 12 عاما من 2019 – 2030 وفق مراحل معينة.
محاور الرؤية أُعدت من قبل فريق متخصص عمل ما أمكنه لتكون شاملة ومركزة لكل الجوانب المهمة التي ترتكز عليها الدولة، وكل محور له غاية وأهداف يتم تحقيقها حسب الأولويات.
التحديات والمعوقات التي تحول دون تنفيذ الرؤية
لا شك أن مشروعا كبيرا كهذا يهدف للنهضة باليمن على كل المستويات سيواجه بكل أنواع المؤامرات والمكائد على الصعيدين الداخلي والخارجي، فمن هم في الداخل ويروا أن مصالحهم قد تتأثر من هذا المشروع سيقفون ضده بكل ما أوتوا من قوة لأنه سيهدد مصالحهم ويجعل إمكانية تلاعبهم بالمال العام شبه محدود إن لم يكن محالا، وأما الخارج وهو العائق الأكبر فهو من سيحاول بكل جهده وبأمواله وعبر أدواته في الداخل إفشال هذا المشروع الذي يرى فيه خطرا عليه، فنهضة اليمن بالنسبة للجارة الكبرى -الذي يُشن هذا العدوان الكوني على اليمن بقيادتها- يعتبر كابوسا مخيفا يؤرق نومها، وكيف لها أن تسمح بهكذا مشروع تحرري وهي من تحارب اليمن لتعيده تحت وصايتها، كيف لها أن تسمح بمشروع نهضوي واسع يجعلها تبدو صغيرة أمام اليمن الحر المستقل المكتفي ذاتيا وصاحب القرار وهي لا قرار ولا حرية ولا استقلال لها إلا بأمريكا، كيف لها أن تسمح لليمن أن ينال بهذه الرؤية ما لم تنله هي خلال عقود من تأسيسها!
كما أن هناك تحديات أخرى تتمثل في محدودية الموارد للسير في تنفيذ مشروع الرؤية وندرة الخبرات الفنية وقلة المهرة اللازمة لتنفيذ الرؤية وهجرة البعض وعزوف البعض الآخر عن المشاركة لعدد من الظروف أبرزها ما يتعلق بالوضع الاقتصادي الصعب حاليا وعدم انتظام صرف المرتبات، بالإضافة إلى تحدي تأهيل قدرات جديدة وهو ما ينبغي استيعابه في الخطط التنفيذية، كما أن هناك عائقا كبيرا نستطيع تشبيهه بالاخطبوط ذو الأذرع المتعددة وهو توغل الفساد بكل أشكاله وسنوضح علاجه الناجع في هذا المقال والذي ضَمِنَتْه الرؤية في إحدى خصائها المتمثلة بالتجرد عن أي مصالح للسلطة باعتبار أن مشروع الرؤية بُني على أساس تجسيد مبدأ سيادة القانون ومنع تغول السلطة العليا واستئثارها بأي مزايا أو سلطات من شأنها أن تسمح باستغلال موقعها لتحقيق مصالح خاصة أو التفريط بالحقوق العامة.
أهمية الرؤية
تكمن أهمية الرؤية في انتشال اليمن من الوضع الكارثي الذي هو فيه للوصول به إلى التعافي التدريجي ثم التطور على كل المستويات وصولا إلى المنافسة للدول المتقدمة على مستوى الإقليم، خاصة وأن الفريق الكبير الذي سيقوم بالتنفيذ موجود وعنده الخبرة كل في مجال تخصصه في مختلف مؤسسات الدولة بالتعاون مع الكفاءات وأصحاب القدرات والمخلصين من أبناء الشعب في مختلف المناطق والمحافظات.
يد تحمي ويد تبني.. دلالاتها وأبعادها
لا يتحقق بناء بلا حماية ولا حماية من غير بناء، اليد التي تبني تشمل كل مجالات البناء ومختلف مستوياته، ولا تقتصر على الإعمار كما قد يتصور البعض، فالبناء المراد به هنا بناء كل ما ورد في محاور الرؤية بناء صحيحا وقويا من الاقتصاد إلى الصحة إلى التعليم إلى الأمن والعدالة وغيرها وصولا إلى تحقيق الغاية والأهداف من كل ذلك.
واليد التي تحمي ليست تلك اليد التي على الزناد فحسب ولا من هم في مختلف جبهات المواجهة مع العدو الخارجي ومرتزقته، كما لا تقتصر على منتسبي الأمن ووزارتي الدفاع والداخلية، إنه مفهوم واسع جدا، اليد التي تحمي هي اليد التي لها مشاركة مباشرة أو غير مباشرة في مختلف مجالات الحماية وكل مواطن مسؤول لأنْ يحمي مكتسباته كل من موقعه.
لو توفرت اليد التي تحمي بالشكل المطلوب لما كان للفساد متنفس، الحماية كفيلة بأن تكبل الفساد والفاسدين وتخنق أنفاسهم، في حقيقة الأمر الحماية بالنسبة لمكافحة الفساد الذي استشرى وعانى اليمن ويعاني منه كثيرا -كغيره من البلدان العربية والإسلامية- بمثابة “الديتول” المطهر للجراثيم والسم القاتل للحشرات الضارة، ولذلك من يقوم بالحماية يجب أن يتمتع بالقدرة على الفهم والاستيعاب وبمقدوره الرقابة والمتابعة والتقييم كل من موقعه في مختلف مؤسسات الدولة وغيرها، وبهذا نستطيع القول أن الحماية سلاح فتاك، بغيره لا يكون بناء ولا تنمية ولا ثمرة، يقال “عندما يغيب القط يلعب الفأر”، فاليد التي تحمي عندما تكون غير متوفرة في أي من مرافق الحكومة أو مؤسسات الدولة يحل عوضا عنها العبث والإسراف والفساد.
هل استمرار العدوان سيؤثر على تنفيذ الرؤية؟
استمرار العدوان لا شك أنه سيؤثر لكنه لا يمنع من تنفيذها، وبما أن هذه الرؤية قد أصبحت توجها عاما لدى القيادة السياسية في صنعاء فلا يهم ما سيفعله العدوان، وماذا سيفعل أكثر مما قد فعل! والشعب إذا أراد شيئا كان، وهذه الرؤية تعكس تطلعات هذا الشعب وتجسد إرادته وتسعى لتحقيقها لتكون واقعا معاشا، والعدوان طالما استمر فلن يكون إلا حافزا أكبر لبذل المزيد من الجهود في سبيل إنجاحها، فمن رحم المعاناة يولد الأمل والتفوق والطموح والإبداع ومن قلب المأساة يولد الفرج ويتحقق الظفر والنصر المبين.
المصدر: موقع المنار