رسالة تهديد سورية واضحة لنتنياهو: تحسس يديك قبل قطعهما
يمني برس | رأي اليوم
بعد فشل بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، إقامة منطقة عازلة في جنوب سورية، وتشكيل فرع “لقوات لحد” من بعض فصائل المعارضة السورية المسلحة، للتمركز فيها، ها هو يلجأ إلى السناتور ليندسي غراهام، المقرب من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، على أمل دفع الأخير إلى إصدار قرار يعترف بالسيادة الإسرائيلية على هضبة الجولان المحتل (1200 كم مربع).
السناتور غراهام الذي زار الهضبة المحتلة برفقة نتنياهو والسفير الأمريكي ديفيد فريدمان، تعهد أمام الاثنين بأنه عندما يعود الى واشنطن سيعمل على إقناع الرئيس ترامب بإصدار قرار بالاعتراف بضم إسرائيل للهضبة المحتلة، ومساعدة السناتور الصهيوني تيد كروز لتمرير قرار في الكونغرس في الإطار نفسه.
نتنياهو سيغادر إلى واشنطن لحضور مؤتمر “الإيباك”، الذي يشكل رأس حربة اللوبي الإسرائيلي في العاصمة الأمريكية، ويَعقد مؤتمره السنوي يوم 26 من الشهر الحالي، ومن المتوقع أن يلتقي الرئيس ترامب في البيت الأبيض، ويعتقد منافسه بيني غانتس، رئيس كتلة الأزرق والأبيض، إن إعلانًا من البيت الابيض سيصدر بالاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الهضبة المحتلة أثناء زيارة نتنياهو دعمًا للأخير في حملته الانتخابية، وتعزيز فرص فوزه فيها.
الخارجية السورية أصدرت بيانًا أدانت فيه تعهدات غراهام هذه، ووصفتها بأنها تعكس الغطرسة الأمريكية في أبشع صورها، ولكن رد الفعل الأهم ورد في الرسالة غير المباشرة التي بعث بها السيد فيصل مقداد، نائب وزير الخارجية السوري، عبر الجنرال كريستيان لوند، قائد قوات الطوارئ الدولية، وأكد فيها بأن سورية لن تتردد في استخدام القوة لتحرير الهضبة إذا لم تنسحب منها القوات الإسرائيلية.
ومن المفارقة أن مارتن انديك، مساعد وزير الخارجية، والسفير الأسبق في تل أبيب، كتب تغريدةً نشرها أمس على حسابه في “التويتر” أن الجولان “أرض سورية، ومن يهدد بضمها يلعب بالنار”، مضيفًا “أن خمسة رؤوساء وزراء أبدوا استعدادًا للانسحاب من الهضبة مقابل معاهدة سلام مع سورية، ولكن سورية غير مستعدة الآن لمثل هذه الصفقة”.
ما لا يدركه نتنياهو، وكل السياسيين الإسرائيليين من خصومه بما فيهم الجنرال غانتس منافسه الأكبر، أن سورية خرجت من أزمة السنوات السبع الماضية أكثر قوة وصلابة، وبرصيد عال من الخبرة القتالية، وقدرات هجومية ودفاعية عالية، والأهم من ذلك أنها تنتمي إلى محور المقاومة الذي لم يخض أي معركة إلا وخرج منها منتصرًا بما في ذلك المعارك التي خاضها ضد دولة الاحتلال الإسرائيلي منذ عام 1973.
الجيش العربي السوري مدعومًا بغطاء جوي روسي، وقوات تابعة لـ”حزب الله”، استطاع أن يفرض سيطرته بالكامل على الجنوب السوري، واستعادته لسيادة الدولة وقضى على القوات الموالية والمدعومة من قبل دولة الاحتلال، وأعاد فتح معبر نصيب جابر الحدودي مع الأردن، ولم يستطع نتنياهو إطلاق رصاصة واحدة تنفيذًا لتهديداته بمَنع هذا الإنجاز الكبير.
الأهم من ذلك، ومثلما أكدت مصادر سورية عالية المستوى لمراسل هذه الصحيفة في بيروت الزميل كمال خلف، أن القيادة السورية أرسلت تعزيزات إلى قاعدتها العسكرية في القنيطرة، على حدود الجولان قبل أيام، ووضعت دفاعاتها الجوية في حالة تأهب قصوى، استعدادًا لمواجهة أي عدوان إسرائيلي.
جبهة الجولان ستفتَح في المستقبل المنظور وستعود الهضبة، مثل كل الأراضي المحتلة إلى أهلها العرب، سوريين كانوا أو لبنانيين أو فلسطينيين، تمامًا مثلما عادت معظم الأراضي السورية التي كانت خارج سيطرة الجيش العربي السوري.
الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على هضبة الجولان من قبل ترامب، أو الكونغرس، لن يغير من كونها أراض سورية محتلة، وسيكون هذا الاعتراف لعبًا بالنار فعلًا وسيتم ليس حرق أصابع اللاعبين وإنما قطع أياديهم أيضًا، تمامًا مثلما تم حرق وقطع أصابع كل الذين حاولوا تفتيت سورية وتغيير هويتها العربية الجامعة والمقاومة على مدى سبع سنوات عجاف.