الحوثي في المولد النبوي .. الإبتعاد عن جرح “دماج” و الإقتراب من عقل “حاشد” .
يمني برس _ أقلام حرة
كتب / ناسك شكور
العام الماضي .. احتفل انصار الله بالمولد النبوي في العراء بمكان بعيد جنوب العاصمة في شارع المائة و منطقة اسمها المحاقرة .. هذا العام احتفل الانصار فوق العشب الاخضر بأستاد المريسي بالمدينة الرياضية وسط صنعاء .. جلسوا على الكراسي الملونة .. يهتفون بالصرخة و هيهات منا الذلة في مدرجات الجماهير و مقصورة الضيوف و أرضية المضمار .. يلحون بالأعلام الخضراء و قبضات أكفهم ترتفع بخيلاء و زهو لا يضاهيه سوى : لبيك يا رسول الله .
بين عراء العام الماضي و عشب هذا العام .. تبقى البشرى تلوح بالإحتفاء العام القادم بمولد المصطفى في ميدان السبعين لتكمل صوامع و قباب جامع الصالح زوايا صورة الفانتازيا و هي تتنقل دراميا من مشاهد رملية التراب في المحاقرة الى فسيفساء النجيل العشبي في ملعب الجراف وصولا الى تهيؤات صدى الإسفلت حين يتردد بين جنبات فضاء فسيح كميدان السبعين بحدائقه و منصته و نصب الجندي المجهول .
في كلمة السيد عبدالملك كان هناك من ينتظر منه اي همس عن دماج .. الحدث الجديد بمستجداته المتداخله .. كانوا ينتظرون منه همسة تشفي و شماتة لينفذوا منها لكيل تخرصاتهم ضد الرجل و جماعته .. لكنه لم يمنحنهم أي هفوة و لو حتى جملة واحدة قابلة للتأويل وفق مزاج ذوي التوجهات الفكرية و السياسية المتقاطعة مع حركة انصار الله الحوثية .
حالة التوجس التي سبقت الحدث بفعل الإعلام البائس أرخت ظلالا إيجايبة فيما بعد من شأنه كما كل مرة أن يعزز ثقة المجتمع بأنصار الله كحركة ذات مصداقية مهما ألصق بها من الاتهامات و الشيطنة .. إذ لا شيء مما قيل حصل و لن يحصل من الأراجيف المتواصلة أي فعل .. ما سيحدث هو المزيد من الإلتفاف المجتمعي مع الحوثي و الانخراط في المسيرة القرآنية كحصيلة للترويج المجاني الفض لحركة انصار الله من الإعلام المضاد و التيارات الأيدلوجية المحركة لخطابه العدائي الأرعن .
أمطرت السماء بالغيث في صعدة قبل الناسبة بيوم واحد و هيأت أجواء صنعاء مناخا مناسبا لإقامة الفعالية في مناخ لائق .. غير ان الحشود البشرية الكاسحة تظل هي المفارقة اللافتة .. القدرة على ملئ فراغات نحو كيلو متر مربع في صعدة و أستاد رياضي و قاعة مغلقة هما الأكبر بين الملاعب و الصالات اليمنية في صنعاء .. و تنظيم حدث بهذا المستوى البديع و في وقت متزامن و ظرف سياسي و أمني حساس يكشف ما لا يراه الا القلة عن جماعة تحفر في الصخر كي تعلو للقمة و هاهي قد بلغت الشأن الرفيع بتضحيات و مشوار كفاح طويل ..لن يكون الأصعب منه الا المحافظة عليه .
جروح الحرب في دماج ما زالت تنزف منذ تقهقر خصوم الحوثي في كتاف و انسحاب الموقف على الوضع المتوتر في حاشد و برط و دهم و أرحب .. على مسار التداخل القبلي عسكريا في صراع ايديولوجي مسيس يراد له ان يصبح طائفيا عبر حرب أهلية تفتت ما بقي من تماسك نسيج المجتمع اليمني بإشعال فتيل الاقتتال في بؤر التوتر تحت عناوين تتخذ من المذهبية غطاء لتمرير مخططات الخارج للإنقضاض على البلاد بإضعاف الدولة و انهاك الشعب من خلال إستنزاف و اهدار الطاقات في جولات حروب طائشة توفر للعدو منافذ التسلل للعمق الوطني على حين غرة من الشرفاء و الأحرار .
لم يتحدث ابو جبريل مباشرة عن قبيلة حاشد و بكيل .. لكنه ضمن خطابه إشارات ذكية حملت تلميحات مفهومة القصد .. حين تناول التكفيريين مرة واحدة في جملة عابرة تشنع بجرائمهم .. رفع صوته المتحشرج بالتأكيد غير المباشر ان ما حدث مؤخرا من قتال في جبهات دماج و حرض و حاشد و كتاف و ارحب و برط و اليتمة كان دفاعا عن النفس و مواجهة مشروعة للحصار المفروض على صعدة من كل الجهات الأربع .
من حق السيد عبدالملك ان يقول ما يشاء .. مادام لغيره الحق ان يقولوا عنه كل ما هو خارج عن النص عمليا و اعلاميا .. بينما الحقيقة تكمن في انتصار اصحاب الحق بما يبين للمتابع من على الصواب و من هو المخطيء في حسابات ترك الفتوى لصاحب اليد الطولى اذا ما تطاول العته حدا يجعل الغباء هو الفيصل في الحكم على ما التبس من وضوح .
أستطيع الجزم بأن الحوثي أقرب الجميع الى العقل .. هاهو يبعث رسائل تطمنات للقبائل التي تشعر بالخوف منه .. يبدي استعداده صادقا للتخلي عن سلاحه متى ما وجدت الدولة القوية القادرة على حماية الشعب و توفر الأمن لأبنائه .. بذات الصدق و الوضوح الذي ابداه في كلمته .. حين قال بأنه و جماعته سيظطرون للدفاع عن الذات في مواجهة اي عدوان قبلي او ديني او رسمي داخليا والاحتفاظ بكل خيارات الرد للتصدي لأي مؤامراة او استهداف من الخارج .. أكد هكذا موقف و هو يستنهض ما فتر من نخوة و قوة شعبية و وطنية يحاول القائد الحوثي الشاب ان يستفز جموحها في مولد النبي كي يعيد العنفوان اليمني الى مساره الصحيح .. لبناء وطن مثقل بالمآسي و الكرب و انقاذ بلاد مثخنة بالخيانات و العملاء ……..
………. يتبع