صنعاء تودع عَلَمَها المغمور !!
كتب:الحسين بن أحمد السراجي
علمٌ من أعلام الوطن ورجل من كبار رجالاته الوطنيين الذين أفنوا حياتهم في خدمة الدين والوطن يغادر الحياة ويطوي صفحة ناصعة من صفحات العطاء والبذل والإيمان والعدالة والتقوى .
وطني الحزين :
آهٍ كم وطني برحيل العظماء حزين !! كم وطني بمغادرتهم مكلوم !! كم وطني بفقدهم مفجوع !! كم هي حجم مأساته ؟! أي إيلام أصاب هذا الوطن بخسارة كباره وعمالقته ؟!
العلامة الجليل القاضي عبدالملك بن أحمد بن حسن الوزير العالم الوقور الهادئ المتزن الذي لا يخالطك الشك وأنت تسمع منه إلا أنه كبير بغزارة علم وتواضع قلَّما يوجدان في شخصية سياسية علمائية مثله !!
نال رحمه الله ثقة الجماهير اليمنية فانُتخب عضواً في مجلس النواب لثلاث دورات متوالية كان خلالها السياسي المحنك والعالم الحصيف والقاضي النزيه الذي يعرف موقعه والمسئولية الملقاة على عاتقه فيتصرف وِفقهما !!
يتربع على كرسيه بمجلس النواب يستمع النقاشات والمداولات .. يخوض غمار السجال حين يتعلق الأمر بقضية اجتماعية أو مسألة دينية وفي لجان التأصيل الشرعي يكون صاحب القول الفصل !!
توافقي ينال احترام وثقة الجميع متفقين ومختلفين في الماضي والحاضر فمكانته العلمية محفوظة وموقعه السياسي والقضائي لا يغطيه سواه حتى ليقال ليس لهذا الرجل شبيه !!
تلقاه وعلى محياه لمسة نورانية وفي كلامه اتزان ديني وفي تعامله سلوك أخلاقي وبابتسامة هادئة تخبرك عن حقيقة من لقيت !!
طوال العقود التي مضت من حياة الفقيد الراحل ربما لم يدخل في خلاف أو إشكال مع أحد فالشخصية التي عايشت الفقيد كانت هي المثالية بعينها !!
رحيل في هذه الظروف :
رحل العلامة الكبير عبدالملك بن أحمد الوزير رضوان الله عليه في هذه الظروف الحالكة من تأريخ وطنه الذي تكالب عليه الإستكبار !! رحل حاملاً همَّ وطنه الجريح المحاصر .. رحل العلامة الوقور ممتطياً صهوة جواد كله علم وقيم وإخلاق واتزان ومسئولية !! رحل بعد ما يزيد عن 90 عاماً من العمر قضاها في طاعة الله وخدمة دينه وشريعته وأمته ووطنه .
من حقيق القول فإن الراحل الكبير ورغم موقعه السياسي في مجلس النواب وموقعه العلمي والقضائي فإنه عاش مغموراً غير مشهور كبقية من لم يمتلكوا عشير عشيره !!
لم تكن لي لقاءات كثيرة بالفقيد فلقاءاتي به اقتصرت على مؤتمرات واجتماعات علمية وعلمائية ومناسبات وطنية وإعلامية عابرة وخلالها كنت ألمس غزارة إيمانه وتواضعه وعلمه وتقواه !!
وداع صنعاني :
غادر الحياة رضوان الله عليه يوم أمس الجمعة واليوم ودَّعت صنعاء ابنها الصادق المخلص إلى مثواه الأخير وقد اتَّشحت بالسواد ولبست ثوب الحزن وحقَّ لها الحداد !!
شهد جامع خضير بالزمر الصلاة على جثمانه الطاهر وشاركت جموع غفيرة في حمل الجثمان وتشييعه وتشرفت مقبرة المشهد بشعوب باحتضانه سلام الله عليه بين رفاتها .
خالص العزاء لك يا وطني في رحيل علم من أعلامك .. وخالص العزاء لأنجاله وأحفاده الكرام ولجميع أفراد أسرته ولكل محبيه ومن عرفه والأسى في قول الحق سبحانه (( الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ . أُولَٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ )) البقرة 156 – 157 .
سلام الله عليك أيها العالم الوقور , السلام عليك يا من ملأ الله مُحياه سكينة وهدوءً وابتسامة تملأ الدنيا , سلام عليك منا جميعاً ورحمة من الله وبركات .