مطالبات أوروبية بوقف تصدير الأسلحة لمجرمي الحرب باليمن
مطالبات أوروبية بوقف تصدير الأسلحة لمجرمي الحرب باليمن
يمني برس:
بعد إقرار باريس بأن سفينة سعودية ستقوم بتحميل شحنة أسلحة فرنسية الصنع بموجب عقد تجاري وتبريرها من جديد بأنها لا تملك “أي دليل” يؤكد استخدام هذه الأسلحة في العدوان على اليمن أخذت مساع حقوقية وبرلمانية فرنسية وأوروبية ترفض بيع الأسلحة للسعودية والإمارات باعتبارها تستخدم ضد المدنيين في اليمن طابعا أكثر جدية من أي وقت مضى.
قبل أيام قليلة نقلت وكالة “رويترز” عن مسؤول محلي فرنسي قوله إن “سفينة سعودية” غادرت ميناء لوهافر الفرنسي دون تسلم أسلحة كان مقرراً شحنها. وبحسب المصدر فإن السفينة السعودية التي كان من المقرر أن تُحمّل أسلحة في فرنسا أبحرت إلى سانتاندير بإسبانيا.
هذا الحدث وقع بعد أن سعت جماعتان حقوقيتان فرنسيتان لمنع تحميل الأسلحة على متن السفينة السعودية عندما كانت تحاول الرسو في شمال فرنسا حيث اعتبرتا أن الشحنة تنتهك معاهدة دولية للأسلحة.
ومؤخرا سربت مذكرة عسكرية سرية فرنسية نشرها الموقع المتخصص في الصحافة الاستقصائية “ديسكلوز” تثبت استخدام أسلحة -تشمل دبابات ومدفعية وبوارج – فرنسية في العدوان على اليمن وهو ما يتعارض مع تصريحات علنية سابقة للحكومة الفرنسية.
وتقول الوثيقة إن نحو خمسين مدفعا من نوع “سيزار” فرنسي الصنع استُخدمت على طول الحدود بين السعودية واليمن من أجل دعم القوات الموالية للرئيس المستقيل الهارب عبد ربه منصور هادي.
وتفصّل الوثيقة كيف أن آلافا من المدنيين اليمنيين معرّضون لخطر استخدام الأسلحة الفرنسية، كما بينت المعلومات -التي تضمنتها الوثيقة- أن 35 مدنيا قتلوا بين مارس/آذار 2016 وديسمبر/كانون الأول 2018 خلال قصف مناطق تقع في نطاق عمل المدافع الفرنسية.
دعوة برلمانية لوقف بيع الأسلحة للسعودية والإمارات
ودعا النائب في البرلمان الفرنسي “سيباستيان نادو” عن حزب “الجمهورية إلى الأمام” وهو حزب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون؛ وللمرة الثانية الحكومة الفرنسية إلى وقف مبيعاتها للسلاح إلى السعودية والإمارات؛ لإيجاد مخرج للنزاع اليمني.
وقال نادو في حديث لإذاعة “فرانس – انفو”: “مأساة إنسانية جارية في اليمن أمام أعيننا ونشارك فيها”. وأشاد بدور الجمعيتين الحقوقيتين الفرنسيتين في عرقلة تحميل الأسلحة على متن السفينة السعودية التي غادرت ميناء لوهافر دون شحنها السلاح كما كان مفترضاً. واعتبر أن ذلك يمثل” انتصاراً أولياً” للمنظمات الحقوقية التي تشتبه في استخدام السعودية والإمارات للسلاح الفرنسي في قتل المدنييين باليمن.
وأضاف النائب أن ما يحدث في اليمن ، وصفه خبراء الأمم المتحدة بأنه جريمة حرب وبالتالي يجب على فرنسا ألا تصدر أسلحة إلى دول لا تحترم القانون الدولي كما اعتبر أن مبيعات الأسلحة الفرنسية هذه تعطي “ذريعة شفهية للمملكة العربية السعودية في الاستمرار على نفس النهج في هذا النزاع اليمني”. وهو ما يجعل فرنسا في وضع تمارس فيه دبلوماسية التواطؤ.
و”سيباستيان نادو” هو النائب الذي كان قد تم استبعاده في ديسمبر/كانون الأول الماضي من الكتلة البرلمانية لحركة “الجمهورية إلى الأمام” على خلفية تقديمه شكوى لدى المفوضية الأوروبية لبيع أسلحة بشكل غير قانون ورفعه لافتة كتب عليها “فرنسا تقتل في اليمن” في الجمعية الوطنية.
ويأتي طلب النائب سيباستيان نادو في الوقت الذي تتزايد فيه الضغوط على الرئيس الفرنسي لخفض الدعم العسكري للسعودية والإمارات، اللتين تقودان العدوان على اليمن.
من جهته؛ عبر أوليفيه فور، النائب البرلماني والسكرتير الاول للحزب الاشتراكي الفرنسي عن أسفه لتذرع فرنسا “بسمعتها التجارية” في مواجهة الكارثة الانسانية في اليمن. حيث تعتبر الحكومة الحالية أنها قد تواجه صعوبات إذا تم تعليق العقود مع السعودية.
وتعتبر فرنسا ثالث أكبر مصدر للأسلحة في العالم بينما تعد السعودية والإمارات من بين أهمّ الدول التي تقتني وتشتري العتاد من فرنسا.
وقد دافعت الرئاسة الفرنسية عن إجراءاتها الخاصة بصادرات الأسلحة في إفادة قبل زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان (2018)، وفي هذا الشأن أشار مصدر في الرئاسة الفرنسية إلى وجود رقابة صارمة للغاية على صادرات الأسلحة، معتبرا أنها تلتزم بمعايير بالغة الدقة، بما في ذلك مخاوف بشأن الأوضاع التي ربما يتعرض فيها السكان المدنيون للخطر، حسب تعبيرها.
ولا تخضع إجراءات الترخيص الخاصة بصادرات الأسلحة لضوابط برلمانية في فرنسا خلافا للعديد من حلفائها إذ تقرها لجنة يشرف عليها رئيس الوزراء وتشمل وزراء الخارجية والدفاع والاقتصاد.
وقد أظهر استطلاع أجرته مؤسسة “يوجوف” أنّ حوالى 75 في المائة من الفرنسيين يريدون تعليق بلادهم لمبيعات الأسلحة للسعودية والإمارات وفي هذا الشأن هدّدت جماعات حقوقية باللجوء إلى الإجراءات القانونية إذا لم توقف الحكومة مبيعات الأسلحة.
دعوة بلجيكية لتعليق مبيعات الأسلحة للسعودية
بدوره دعا وزير الخارجية البلجيكي ديدييه رينديرز مساء الجمعة إلى تعليق مبيعات الأسلحة للسعودية بسبب “امكانية” في استخدامها في حربها على اليمن إضافة إلى مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في مبنى القنصلية السعودية في إسطنبول.
وقال رينديرز لإذاعة “لا بروميير” “أعتقد أنه سيكون من الجيد أن نعلق عقود بيع أسلحة إلى السعودية” داعيا المناطق الثلاث في بلجيكا وخصوصا والونيا إلى اتخاذ قرار في هذا الاتجاه.
وفي والونيا وحدها تتركز ثلاثة أرباع الوظائف في قطاع صناعة الأسلحة البلجيكية وفي هذه المنطقة تتسم عمليات تصدير الأسلحة إلى الرياض أحد أكبر الزبائن بحساسية خاصة. وتتمركز في المنطقة مجموعتا إنتاج الرشاشات الثقيلة والبنادق الهجومية “إف إن هرستال”.
وقال رينديرز الذي يتولى حقيبة الدفاع أيضا في الحكومة الفدرالية إنه على رئيس السلطة التنفيذية في والونيا، فيلي بورسوس وهو عضو في الحزب الليبرالي الناطق بالفرنسية مثله تعليق صادرات الأسلحة إلى السعودية بسبب العدوان على اليمن موضحا أن “هذا ما تنص عليه العقود”.
وأضاف أن بورسوس “أعلن بنفسه ذلك قائلا إنه إذا كانت هناك عناصر تظهر فعليا استخدام أسلحة في نزاع جار كما يحدث اليوم في اليمن علينا أن نذهب باتجاه قرارات تعليق واعتقد أن حكومة والونيا ستفعل ذلك”.
وكانت حكومة فيلي بورسوس قد قالت، الخميس الفائت إن والونيا “لم تعد تمنح أي إجازة تصدير إلى السعودية” منذ قضية الصحافي السعودية جمال خاشقجي “أي الثاني من تشرين الأول/ أكتوبر 2018”. يشار إلى أن السلطات التنفيذية في بلجيكا (في المناطق فلاندر ووالونيا وبروكسل) تملك صلاحية منح منتجي الأسلحة والمعدات العسكرية إجازات تصدير.
وقفة احتجاجية في برلين ضد مبيعات الاسلحة
وفي السياق ذاته نظَّم مجموعة من الناشطين، يوم السبت وقفة في العاصمة الألمانية برلين؛ احتجاجاً على بيع بلدان الاتحاد الأوروبي أسلحة للسعودية والإمارات لدورهما في الحرب على اليمن.
وأقيمت الوقفة في ميدان “18 مارس” مقابل بوابة براندنبورغ الشهيرة ورفع المشاركون لافتات تطالب ألمانيا ودول الاتحاد بوقف تصدير السلاح لدول العدوان على اليمن. وارتدى 4 محتجين أقنعة تجسد وجوه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ورئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي.
وفي كلمة باسم المحتجين قالت كريستين هوفمان (ناشطة) إن الأسلحة المصنَّعة بألمانيا وغيرها من دول الاتحاد تُستخدم في اليمن الذي يشهد أكبر كارثة إنسانية. وأضافت: إن “الشركات الألمانية بموافقة الحكومة الألمانية تبيع الأسلحة للدول المشاركة في الحرب على اليمن مثل السعودية والإمارات ومصر والأردن”.
وأشارت إلى أن الأسلحة المنتَجة في ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا وإسبانيا تُستخدم في العدوان على اليمن مُحمِّلةً الدول المذكورة المسؤولية عن الكارثة الإنسانية بالبلد المذكور.
وفي الشهر الماضي طالبت الإمارات لأول مرة وبشكل رسمي وصريح ألمانيا بالوفاء بعقود تصدير الأسلحة المبرمة بين البلدين وذلك بعد قرار برلين حظر توريد الأسلحة لأبوظبي بسبب مشاركتها في العدوان على اليمن.
جاء ذلك في تصريحات أدلي بها السفير الإماراتي في برلين “علي عبدالله الأحمد” لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) حيث قال الأحمد: نعلم أن قطاع تصنيع الأسلحة الألماني مستعد لتسليم كافة البضائع ونحن ننتظر إيفاء كافة الأطراف بشروط العقود المتفق عليها.
وتعد كل من الإمارات والسعودية ضمن الدول المشمولة بحظر تصدير أسلحة ألمانية إليها وفقا لمعاهدة الائتلاف الحاكم الألماني التي اتفق عليها التحالف المسيحي، المنتمية إليه المستشارة “أنغيلا ميركل”، والحزب الاشتراكي الديمقراطي قبل عام. وتنص المعاهدة على عدم الموافقة على أي صادرات أسلحة جديدة للدول المشاركة “على نحو مباشر” في العدوان على اليمن.