حربٌ على أبناء القطيف.. القضاء على مهد الحراك السلمي في شارع الثورة
لطيفة الحسيني
تُصعّد السلطات السعودية خطواتها التعسفية إزاء أهالي محافظة القطيف وبلداتها. اعتقالات وإعدامات واقتحامات عشوائية في قُرى ومدن المنطقة الشرقية تتناقض مع كلّ المعايير الإنسانية والأخلاقية والحقوقية وصولًا الى القانونية المُعترف بها في كلّ دول العالم. الأجهزة الأمنية تُنفّذ ما يوعز إليها من أوامر ملكية أو أميرية، وتفرضها بقوّة السلاح والعنف على السكان الآمنين في بيوتهم الذين لا يملكون حرية الاعتراض بوجه تلك الأحكام الجائرة.
لا تقف خُطط السلطات عند قمع المُعارضين وكلّ من فكّر بالتغريد خارج سرب آل سعود، المسألة باتت أخطر، إذ إن المعلومات الواردة من شبه الجزيرة العربية تتحدّث عن طرحٍ طائفي تتجه السلطة الى تطبيقه رغمًا عن سكان القطيف.
مصدر خاصّ من داخل السعودية كشف لموقع “العهد الإخباري” أن القوات الأمنية على وشك تجريف مئات المنازل وسط القطيف، وعلى وجه الخصوص تلك الواقعة في شارع الثورة لتهجير آلاف السكان على غرار هدم حيّ المسورة في العوامية عام 2017.
في الظاهر، السلطة تدعي أن الخطّة إنمائية وتتضمّن مشاريع خيرية في محاولة منها لكسب تأييد الرأي العام، لكن ما خفي أعظم. المصدر يؤكد في هذا السياق أن “النظام السعودي يسعى لتغيير التركيبة السكانية الشيعية في المنطقة لإضعاف الشريحة الأكبر، أي أصحاب الأرض الحقيقيين من خلال توطين غرباء من خارج البلاد ودخلاء”.
يربط المصدر بين الخطّة المُزمع تنفيذها وبين الحراك الشعبي الذي كان يشهده الشارع عام 2012، فالمقصود هنا القضاء على رمزيّته، خاصة أن ابن سعود (ولي العهد محمد بن سلمان) يسعى لكمّ الأفواه ويُحاول جاهدًا إسكات أيّ صوت مُعارض من خلال سجنه أو قتله خارج نطاق القضاء”، ويُضيف “الهدف من تدمير البيوت وتهجير الناس هو أكبر بكثير ممّا يحاول التنويه له إعلاميًا، أي ملاحقة جماعات إرهابية حسب تعبيره، فالموضوع ببساطة هو أن النظام السعودي يشنّ حربًا طائفية من خلال قاعدة “فرّق تسدْ”، يُلهي الشعب بتوجهات دينية “إصلاحية”، غير أنه يتلاعب بالحكم ومقدرات الشعب وخيراته”.
بحسب المصدر، المسؤول المباشر عن مشروع تجريف المنازل هو الملك ووليّ عهده، أمّا من يُدير ذلك فهم العملاء والتجار التابعون لهم في القطيف بأمر منه. هؤلاء يودّون إيذاء كل أطياف الشعب الذين يعيشون في تلك البيوت، بمن فيهم أهالي الشباب التواقين لنيل أبسط مقومات العيش الكريم والتي سلبها آل سعود منهم قهرًا يومًا ما، في إشارة الى أهالي الناشطين ومن خرج الى التظاهرات المطلبية عام 2011 في شارع الثورة.
المصدر يوضح أن “السكان أُبلغوا بالمخطّط”، غير أنه يستدرك قائلًا “كانت هناك بلاغات عن وجود هذه النوايا الخبيثة، لكن الأهالي أبوا الخروج من بيوتهم لأسباب عدة منها أن التعويض الذي كان من المفترض دفعه لهم لا يتناسب مع حجم التضخّم وغلاء أسعار المنازل، وبالتالي الأسرة التي تخرج من بيتها لا يمكنها شراء بيتٍ آخر بالمبلغ الذي تتسلمه جراء الجرف، بل فقط يُمكنها الاستئجار”.
ويجزم المصدر بأن “النظام السعودي لم يكترث لهذه الأمور، بل يستمرّ في ظلمه بهدم وتجريف البيوت حتى في حال عدم رضى أصحابها”.
مُعطيات المصدر تشير الى مُخطّطات مُشابهة في أحياء وشوارع أُخرى، وهدم الحيّ التاريخي الأثري في العوامية خير شاهد وذكرى.