قمم مكة و”مظلومية” السعودية
قمم مكة و”مظلومية” السعودية
كتب : عبدالرحمن راجح
السعودية دولة مظلومة ويتم الاعتداء عليها من قبل «الحوثيين وايران» وتتعرض للقصف والتخريب على مدار الساعة، هذا ما تحاول السعودية إيصاله للعالم من خلال «قمم مكة» وامبراطوريتها الاعلامية ونهجها السياسي هذه الايام.
ففي مشهد درامي ومسرحي يقف ناطق التحالف السعودي -الاماراتي تركي المالكي في مدرج مطار مكة ليستعرض ويشرح لضيوف محمد بن سلمان من القادة العرب والمسلمين مايسميه «الخطر الحوثي» على مكة وما تتعرض له السعودية من «عدوان» حوثي -إيراني وذلك باستعراض ما يقول إنها بقايا صواريخ باليستية يمنية وطائرات مسيرة وأسلحة خفيفة،
المشهد المسرحي هذا ليس الاول حيث كانت السعودية قد ذهبت بعرضها هذا الى واشنطن ونيويورك العام الماضي وتولت وقتها ممثلة امريكا السابقة في الأمم المتحدة نيكي هايلي مهمة شرح المشهد المسرحي وإخراجه لقادة الأمم وممثلي الدول في مجلس الأمن والأمم المتحدة في تلك الفترة.
وقد أنفقت السعودية مئات ملايين الدولارات للترويج لهذه المسرحية التي يفترض أنها تشرح مظلوميتها التي تسببها الاعتداءات الحوثية الايرانية, وتأمل الرياض أن تؤدي قمم مكة إلى تحسين صورتها الأخلاقية التي فقدتها بشكل تام بين الشعوب العربية والإسلامية خاصة بسبب حربها اللا إنسانية واللاأخلاقية في اليمن من خلال استخدامها القوة المفرطة ضد المدنيين ومجازرها التي لا تُعدُّ ولا تحصى منذ انطلاق حربها على اليمن, وتحاول الرياض توظيف العامل الديني في الحرب باعتبارها تمثل الاسلام والعروبة وتصور أن الحوثيين يشنون حرباً ضد المقدسات الإسلامية في مكة المكرمة وأنهم يستهدفونها بالصواريخ كما أن الهجمات التي تتم على المراكز الاقتصادية للملكة تستهدف العرب والمسلمين أيضا باعتبارها كما تروج الممثلة الرسمية لهم..
تزييف الوعي وصناعة الاكاذيب والشائعات الذي تسعى السعودية إلى تعميمه على الجميع يرتكز على مظلومية الرياض والتروج بأنها تتعرض لاعتداءات وأنها تدافع عن نفسها في هذه الحرب التي بدأتها هي على اليمن ولازالت تصر على استمرارها والترويج لها حتى لو قتلت ثلثي الشعب اليمني..
والملاحظ في هذه المسرحية الهزلية التي يتبناها النظام السعودي في الآونة الأخيرة ويقف المالكي اليوم بانتظام في مطار مكة ليشرحها للقادة كل على حدة ويوهم العالم أن طائرات بلاده التي تقوم عشرات المرات بشكل يومي بقصف اليمنيين وارتكاب المجازر بحقهم بأنها تلقي عليهم الورود من السماء, كما أن المالكي والنظام السعودي يتناسون تماما أنهم الذين بدأوا الحرب..
كما يتناسون أن بإمكانهم هم وحدهم انهاء هذه المعاناة من خلال إيقاف الحرب وإيجاد حلول منطقية للصراع في اليمن وكذلك عدوانهم غير المبرر في اليمن وعدم التدخل في شؤونه الداخلية.
وحتى لو سلم العرب والمسلمون جدلا للدعاية السعودية هذه بان بلادهم تتعرض لضربات قاصمة من قبل الجيش واللجان الشعبية في اليمن وهذا مؤكد طبعا فإنه يجب أن يعرف السعوديون أن هذه نتائج الحروب التي يصرون عليها وأن الحرب لن تجلب الا الخراب والدمار وان كرة النار التي يدحرجها آل سعود ستصل كما وصلت إلى بيوتهم ولن يستطيعوا الفرار منها مهما كانت أموالهم والدعم الخارجي الذي يتلقونه كما أنه يصدق عليهم المثل اليمني الذي يقول «ضربني وبكى وسبقني واشتكى» ثم ان حجم الدمار الذي لحق ببلادهم ويحاولون الترويج له بعد أربعة اعوام من تنطعهم وإصرارهم على الحرب ما هو إلا قطرة من بحر الخراب والدمار الذي لحق باليمن واليمنيين خلال هذه الفترة. وإذا كان عدد محدود من مراكزهم الاقتصادية او العسكرية تعرضت للقصف من قبل اليمنيين فإنهم دمروا اليمن عن بكرة أبيه وأعادوه أكثر من ثلاثين عاما للوراء حسب إحصائيات وبيانات الأمم المتحدة. واذا كان عدد قتلاهم من المدنيين لا يتجاوز عدد أصابع اليد حسب إعلامهم فإن عدد ضحايا وقتلى اليمن حسب إحصائيات الأمم المتحدة تجاوز الثلاثمئة الف ما بين شهيد ومتضرر بسبب العدوان والحصار الذي يفرضونه منذ اكثر من أربعة اعوام لذا فان استدعاء المظلومية أمر غير واقعي وغير مبرر نظرا لما لحق باليمن وأهلها من خراب ودمار وفيه شيء من الغرابة وعدم الواقعية ولن يصدقهم احد في ذلك مهما كذبوا وروجوا ودلسوا على الشعوب العربية والإسلامية وإذا كان ال سعود يصرون على ذلك فإننا ندعوهم ايضا إلى تنظيم رحلة للقادة العرب للسفر إلى صنعاء لمشاهدة مالحق باليمن واليمنيين من دمار شامل ومعاناة إنسانية هي الأكبر في العالم جراء حربهم غير المشروعة او السماح بتشكيل لجنة أممية للاطلاع على الدمار في اليمن وكذلك في السعودية جراء هذه الحرب العبثية، لذا فإنه من حق اليمنيين أن يردوا على هذا العدوان والخراب بما يستطيعون.
كما أن استعطاف الشعوب العربية والاسلامية من خلال الترويج لاستهداف مكة المكرمة من اليمنيين أمر غير مصدق وغير منطقي نظرا لعروبة وإسلام اليمنيين الذين يشهد لهم القاصي والداني كما ان الترويج للخطر الايراني والدعم الايراني للجيش اليمني في ظل التدخل السعودي في اليمن وقصفها للمدنيين بالصواريخ والقنابل وارتكاب المجازر بحقهم ايضا امر غير مصدق به من قبل اليمنيين أنفسهم قبل العرب كما أنها سياسة خاطئة تنتهجها الرياض للتغطية على جرائمها في اليمن ولن تفيدها بشيء بل ستزيد من التدخلات الأمريكية في شؤونها ومصادرة قرارها السياسي وتزيد من استنزافها المالي والأخلاقي فمن غير المبرر قطعا أن تقتل اليمنيين بهذه الطريقة باسم محاربتها لإيران أو صراعها مع إيران وكان المفروض أن تحاول إيقاف الحرب والتصعيد في المنطقة من خلال اتخاذ سياسة عقلانية تحقق فيها مصالح الجميع وتعيد السلام للمنطقة وتجنبها المزيد من الصراعات والحروب التي يستفيد منها الامريكيون والغرب أكثر من النظام السعودي نفسه, الذي اصبح يكتوي بهذه النار ويصرخ منها.
ويجب هنا أن نشدد على أن المسرحية السعودية والحديث عن مظلومية واعتداءات عليها لن تغطي الحقيقة الساطعة بغربال ولن تبيض وجه السعودية الإرهابي الذي أصبح يعرفه القاصي والداني وأصبحت السعودية الأكثر كرهاً وبشاعة لدى جميع اليمنيين والشعوب العربية والإسلامية. إن استمرار حربها وجرائمها في اليمن سيزيد لهب كرة النار التي تلعب بها وسوف يجلب لها المزيد من الدمار مهما تعددت القمم او تكاثرت المسرحيات الهزلية التي تروج لها اليوم. فهل تستجيب الرياض لصوت العقل والمنطق وتتوقف عن قتل اليمنيين بدم بارد؟ وتعود إلى جادة السلام؟ سؤال يجب أن يطرحه كل عربي ومسلم قبل الاستماع لأخبار وتقارير ونتائج هذه القمم والمسرحيات ومن المعيب مساواة الجلاد بالضحية.
كاتب وإعلامي يمني