“الغارديان” البريطانية: نحو 6300 بريطاني يشاركون في الحرب على اليمن!
“الغارديان” البريطانية: نحو 6300 بريطاني يشاركون في الحرب على اليمن!
كشف تحقيق استقصائي لصحيفة “الغارديان” البريطانية عن طبيعة الدور الذي تؤديه لندن في الحرب القاتلة التي تشنها السعودية في اليمن.
وأشارت الصحيفة إلى أن بريطانيا لا تدعم الرياض بالسلاح فقط، وإنما هناك نحو 6300 بريطاني يعملون في القواعد العسكرية السعودية من أجل صيانة الطائرات الحربية التي أُنهكت بالحرب، مؤكدة أن هذه المساعدات البريطانية هي التي تسهم في استمرار الحرب الوحشية، معتبرة ذلك انتهاكاً للقانون تقوم به حكومة بريطانيا.
وقالت الصحيفة: “لأكثر من أربع سنوات قصفت حملة جوية سعودية وحشية اليمن، ما أسفر عن مقتل عشرات الآلاف، وجرح مئات الآلاف، وتشريد الملايين، وخلق أسوأ أزمة إنسانية في العالم”، مشيرة إلى أن الأسلحة البريطانية لها دور بالكثير من عمليات القتل.
وكل يوم يتعرض اليمن للقنابل البريطانية التي تسقطها طائرات يقودها طيارون مدرّبون في بريطانيا، ويحتفظ بها ويعدّها الآلاف من المقاولين البريطانيين داخل السعودية.
وبحسب الأمم المتحدة فإن التحالف الذي تقوده السعودية “استهدف المدنيين بطريقة واسعة النطاق”، حيث ألقى القنابل على المستشفيات والمدارس وحفلات الزفاف والجنازات وحتى مخيمات النازحين الفارين من القصف.
وتؤكد الصحيفة أن السعودية تحالفت في حربها ضد “الحوثيين” باليمن مع بريطانيا والولايات المتحدة.
فبريطانيا لا توفر أسلحة لهذه الحرب فحسب؛ بل إنها تزوّد بالأفراد والخبرات اللازمة لمواصلة الحرب، حيث نشرت حكومتها أفراداً من سلاح الجو الملكي البريطاني للعمل كمهندسين ولتدريب الطيارين السعوديين، بينما تؤدي شركة “بي أي إي” سيستم، أكبر شركة أسلحة بريطانية، دوراً أكبر، وتعاقدت الحكومة في الخفاء لتوفير الأسلحة والصيانة والمهندسين داخل السعودية.
وتنقل “الغارديان” عن جون ديفيريل، وهو ملحق سابق في وزارة الدفاع البريطانية، وملحق دفاعي موفد للسعودية واليمن، قوله إن السعوديين لم يكونوا ليتمكنوا من شن هذه الحرب دون بريطانيا، وهو ما أكده مسؤول في الشركة البريطانية للقناة الرابعة البريطانية؛ حين قال: “من دوننا لن تتمكن طائرة نفاثة من الطيران في السماء خلال 7 إلى 14 يوماً”.
وتضيف الصحيفة أن الشركة البريطانية التي حصلت على عقد حكومي لتوريد السلاح للسعودية تعمل على تجميع الطائرات التي تُسقط القنابل أثناء الحرب.
وبمجرد وصول هذه الأسلحة إلى السعودية، تقول “الغارديان”، لا يعني نهاية المهمة البريطانية؛ حيث يفتقر الجيش السعودي إلى الخبرة في استخدام هذه الأسلحة لخوض حرب جوية متواصلة، لذا فإن الشركة -بموجب عقد آخر مع حكومة المملكة المتحدة- توفر ما يعرف باسم الخدمات “داخل البلد”.
عملياً فإن هذا يعني أن نحو 6300 مقاول بريطاني يتمركزون في قواعد العمليات الأمامية في السعودية، وهناك يدربون الطيارين السعوديين ويُجرون الصيانة الأساسية ليلاً ونهاراً على الطائرات المنهكة من الطيران آلاف الأميال عبر الصحراء بالمملكة إلى أهدافها في اليمن، كما أنهم يشرفون على الجنود السعوديين لتحميل القنابل على الطائرات، وتعيين الصمامات الخاصة بهم للأهداف المقصودة.
وتكشف “الغارديان” أن نحو 80 من أفراد سلاح الجو الملكي البريطاني يعملون داخل السعودية، وفي بعض الأحيان يساعدون لصالح “بي أي إي” في صيانة وإعداد الطائرات، كما يدققون للتأكد من أن الشركة تفي بعقود وزارة الدفاع.
ليس هذا فحسب؛ إذ تقول الصحيفة إن هناك ضباط اتصال إضافيين تابعين لسلاح الجو الملكي داخل مقر القيادة والسيطرة يعملون على اختيار الأهداف في اليمن.
ولأن الطائرات وحدها لا يمكن أن تهزم على الأرض من يخوضون حرب عصابات كالحوثيين، نشرت السعودية قوات برية كبيرة عبر الحدود، وهنا أيضاً كان ثمة وجود بريطاني، بحسب “الغارديان”.
ففي مايو 2018، أُرسل عدد غير معروف من القوات البريطانية إلى اليمن لمساعدة القوات البرية السعودية، ومنذ ذلك الحين نشرت صحف متعددة تقارير عن إصابة القوات البريطانية الخاصة في معارك بالأسلحة داخل الأراضي التي يسيطر عليها الحوثيون.
وبموجب القانون البريطاني فإنه من غير القانوني ترخيص تصدير الأسلحة إذا كان يمكن استخدامها عمداً أو بتهور ضد المدنيين، وهناك أدلة دامغة على أن السعوديين ينتهكون بشكل صارخ هذه القوانين والقواعد.
ومع ذلك عندما تُطرح أسئلة في البرلمان حول دور بريطانيا بالفظائع التي تحدث في اليمن، فإن وزراء المحافظين يقتصرون عادة على ثلاثة ردود حساسة.
أولاً: يزعمون أن بريطانيا تدير “واحدة من أقوى أنظمة تصدير الأسلحة في العالم”، وثانياً: يقولون إنها قد تسلح السعودية لكنها لا تختار الأهداف في اليمن.
أما ثالثاً فيقولون إن التحالف الذي تقوده السعودية يحقق بالفعل في انتهاكاته المزعومة للقانون الإنساني الدولي.
هذه الإجابات من وجهة نظر الصحيفة تجاوزها الزمن، خاصة أن الوقائع على الأرض تكذب هذه الادعاءات، مشيرة إلى أن المتعاقدين البريطانيين يؤدّون دوراً رئيسياً في الحرب، وينفذون نحو 95% من المهام الضرورية لخوض الحرب الجوية، بحسب ما ذكره موظف سابق بالشركة البريطانية، وهو ما أكده أيضاً مسؤول بريطاني سابق عمل في السعودية خلال الحرب على اليمن.
وتتابع الغارديان بأن داخل قواعد العمليات الأمامية السعودية هناك الآلاف من المقاولين البريطانيين الذين يعملون للحفاظ على حركة آلة الحرب؛ فهم ينسقون توزيع القنابل، وقطع غيار الطائرات، وهم يديرون الأسلحة، ويعملون في نوبات لضمان إرسال القنابل بالوقت المناسب لشن غارات جديدة.
إلى جانب أفراد سلاح الجو الملكي البريطاني يدرّب المقاولون البريطانيون الطيارين السعوديين على شن غارات خطرة في الجبال الشمالية الوعرة في اليمن وعلى مدنها.
كما أنهم يديرون أنظمة إلكترونيات الطيران والرادار لضمان وصول الطائرات السعودية من وإلى أهدافها، وإجراء الصيانة العميقة للطائرات اللازمة لإبقائها تحلق حول اليمن.
وتحرص الحكومة البريطانية على التأكيد من أنه ليس لها دور في الاستهداف، وتصر على أن السعودية هي الوحيدة التي تختار ما ستضربه في اليمن، ولكن لا يوجد خلاف حول حقيقة أن المقاولين البريطانيين يمكّنون المملكة من الوصول إلى أهدافها، وأن بريطانيا تدرك جيداً ما هذه الأهداف.
“ترجمة الخليج أونلاين”