إفتتاحية الثورة.. عار المنامة وموقف اليمن الثابت
.
الثورة/ كتب / المحرر السياسي
جددت الجمهورية اليمنية تأكيد موقفها على مركزية القضية الفلسطينية ودعمها وإسنادها بكل الوسائل المتاحة للشعب الفلسطيني البطل بمختلف قواه وفصائله في تحرير الأرض والمقدسات وطرد المحتل وإقامة الدولة الفلسطينية على كامل التراب الفلسطيني، وعبرت عن رفضها المطلق لكل الخطوات المشبوهة الداعية للتطبيع مع الكيان الصهيوني لتصفية القضية الفلسطينية ومنع حق العودة وإقامة المؤتمرات والفعاليات لتسويق مشاريع الاحتلال والذل والعار تحت شعار الأمن مقابل الازدهار والمتمثلة في منح الفلسطينيين أراض أخرى بديلة وحوافز اقتصادية مقابل التوقف عن الدفاع عن أرضهم وعرضهم وكرامتهم ووطنهم.
وقد جاء بيان المجلس السياسي الأعلى ليؤكد الموقف الرافض لمؤتمر المنامة المشبوه الذي يعقد اليوم الثلاثاء حيث تتجمع الشبهات والأشباه من الرجال عربا وصهاينة وأمريكيين في المنامة عاصمة البحرين ، لتدشين أولى الخطوات العملية لصفقة القرن التي يسعى الأمريكيون والصهاينة من خلالها إلى تصفية القضية الفلسطينية وإجبار الفلسطينيين على التنازل عن القدس والمقدسات والتخلي عن حقوقهم في العودة وبناء دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس، مقابل خمسين مليار دولار دفعتها السعودية ودول خليجية أخرى لإنجاز الصفقة!
لم تعد الأرض مقابل السلام هي المعادلة ، ومعادلة الأرض مقابل المال هي خلاصة الصفقة ، ذلك أن مسلسل الانتكاسات المريع لم يتوقف عند حد فما كان قادة العرب ومعاشر الحكام العملاء يتحرجون قوله بات مُقالا ومُعلنا ، وما يتم طرحه اليوم في المنامة هو مشروع تآمري تسعى له الإدارة الأمريكية وبموافقة الحكام العرب وبتمويل بعضهم ، وما تم ترويجه سابقا من أن بعض الأنظمة ترفض المشروع كان في حقيقته اشتراطات في أثمان وعوائد المشروع المالية ، وما انكشف هو أنهم كانوا يحثون الأمريكيين ويستعجلونهم الصفقة!
منذ النكبة وما تبعها من هزات وانتكاسات متوالية بفعل مسلسل الخيانات التي ابتدأت بمشاريع الانكفاء عن المواجهة والتخلي عن السلاح ثم انتهت بالتطبيع العلني والعلاقات المجاهر بها كما نشهده اليوم ، وما يرافق ذلك من تكثيف وتخصيب لوعي التطبيع وما تقوم به الأذرع الصهيوأمريكية من ضخ لمفاهيم وتعريفات محرفة ومنحرفة عن القضية ، تساهم في خلق وعي جمعي مشوه يلغي معادلة الجماهير والشعوب ويهتك حائط الصد المنيع الذي تشكله الشعوب في مسار القضية الفلسطينية سلما وحربا ، وإذا كانت قد برزت ملامح بعض التشوه في عديد من المجتمعات والشعوب ، فإن ما دعا إليه المجلس السياسي الأعلى حول المناهج التعليمية وما يجب أن تتضمنه من مفاهيم وتعريفات خاصة بالقضية ، وما يجب أيضا تدشينه في مستويات أعلى من أنشطة وفعاليات موحدة للجاليات والملحقيات والسفارات العربية وفق برنامج سنوي هو من أنجع الحلول وأفضلها لإعادة بناء الحائط الذي تتمنى اسرائيل تهتكه.
ووسط حالة التردي والنكوص في مواقف الأنظمة العربية وما آل إليه حال الجامعة العربية والمؤتمر الإسلامي ورابطة العالم الإسلامي وغيرها من الهيئات والمؤسسات المعنية ، وما أفضت إليه حالة الانحدار من وضع هش ومختل شجع الصهاينة وأحلافهم في السعي إلى تصفية القضية ، فإن في طريق الصفقة المشؤومة ما يقابلها لا بالمعايير ذاتها بل بقوة الحق والإرادة ، ولن تقتصر مواجهتها على صعيد أو مسار معين وما ورد في بيان المجلس السياسي الأعلى برنامج عملي متكامل لمشروع مواجهة شاملة لا تقتصر على جوانبها العسكرية والسياسية فقط ، بل وتشمل أيضا الجوانب التعليمية والثقافية وغيرها والرامية إلى تجذير الهوة في وعي الأجيال والمجتمعات المختلفة تجاه القضية الفلسطينية وأسس الصراع ومرتكزاته مع العدو الصهيوني.
وقد حمل بيان المجلس السياسي الأعلى الصادر أمس الاثنين ، أبعادا ودلالات مهمة منها ما يؤكد مبدئية الجمهورية اليمنية في موقفها المتمسك بالقضية الفلسطينية كقضية مركزية وجامعة أولا ، وضرورة أن تبقى مرتكزا يوحد المسلمين والعرب جميعا شعوبا وحكومات وحركات وأحزابا ، ومنها ما يضع استراتيجية موحدة للمواجهة السياسية والعسكرية والثقافية مع العدو الصهيوني وكيانه الغاصب ، على أن واقع الاصطفافات المشبوهة التي أريد لليمن سابقا الانخراط فيها وهي تحاول اليوم حشد كل المشبوهات في سبيل تصفية القضية الفلسطينية مكشوف تتمايز عن اصطفاف مقابل ومضاد لها ، وبلادنا ليس لديها دون الموقف الذي أكده شعبنا في نضالاته والمنعطفات التي مر بها سلما وحربا ، وأنها لن تكون إلا رأس حربة في مواجهة الصفقة المشؤومة التي تسعى لها الصهيونية ويسوق لها حشد المأزومين والمهزومين من العرب وغيرهم!
حان الوقت لأن يواجه الجميع أنفسهم بالحقيقة ، وقد تم العمل بمختلف الخيارات وسلوك كل دروب التفاوض وثبت وبالتجربة أن الحل وبشكل قاطع هو في مقاومة فلسطينية أولا وموقف عربي مقاوم ومساند لها ثانيا وما دون ذلك خداع للنفس وهروب من المسؤولية ، ومن هذا المنطلق جاءت الدعوة الى عقيدة عسكرية مقاومة للجيوش العربية وتشكيل وحدات مقاتلة من مختلف البلدان لتحرير فلسطين تتجاوز حالة التشظي والشتات التي نعيشها إلى عمل استراتيجي تكون ركيزته فلسطين وهدفه تحريرها ، والحق منتصر لا محالة .