يَوم الوِلايَة نجَاةٌ وَهِدايَة
يَوم الوِلايَة نجَاةٌ وَهِدايَة
قال تعالى “إنّ علينَا للهُدى” وقال أيضاً في محكم كتابه العزيز “وعلى الله قصد السبيل” من منطلق هاتين الآيتين الكريمتين والآيات حول هداية البشر كثيرة أن الله سبحانه وتعالى تكفل بهداية الناس فهو الهادي إلى سواء السبيل وهو الذي كرّم الإنسان بالخَلق والخُلق وجعل أسباب النجاةِ والهدَاية واضحةً أمامه ولم يخلقِ الله الناس عبثاً تائهين ضالِّين أو مضلِّين إلا لمن أراد لنفسه عدم الهداية وآثر الضلال والإنحراف فتلك هي إرادته وذلك هو شأنه “فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر”
أنعم الله على الإنسان بالكثير من خيرات الأرض المتنوعة المذكورة في القرآن الكريم وأنعم عليه بالتضاريس التي سخرها للإنسان لينتفع بها في شؤون حياته وهيأ الله له المناخ وأنعم عليه ببركات السماء وبالأنعام يأكل منها والخيل والبغال والحمير يركبها وخلق أيضاً ما لا نعلم ، وكان أفضل ما أنعم الله علينا من ذلك كله هي نعمة الهداية فهي أجلُّ النعم والتي بسببها نضع أنفسنا في الإتجاه الصحيح الذي يجب أن نكون عليه في الدنيا والآخرة ، فمن عرف طريق الهداية واتبع النور الذي ليس أمامه إلاّ سعادة الإنسان في الأولى والأخرى فقد فاز بنعيم الدنيا والآخرةومن حاد عن ذلك واتبع الهوى والشهوات فقد أصبح من الخاسرين الضالين المضلين.
كان همُّ نبينا الأكرم صلوات الله عليه وآله الطاهرين هو ألاّ تضل الأمة وألا تنحرف عن هدي الله وكان يعزُّ عليه عنتُ المؤمنين وكان حريصٌ عليهم رؤوفٌ رحيم ، ولذلك كان وجوباً عليه أن يكون سبباً في هداية أمته وفي نجاتها من الضّلال وخَلاصها من أن تقع في صف الطاغوت وأولياء الشيطان ، فجاء الزمان والمكان الذي أعلن فيه المنهج الذي يجب أن يسير عليه المسلمون المؤدي إلى الهداية والنجاة التي أرادها الله لعباده ، وقد بيّن لنا عليه الصلاة والسلام المنهج والطريق الصحيح فقال :
” تركت فيكم ما إن مسكتم بهما لن تضلوا من بعدي أبدا كتاب الله وعترتي أهل بيتي” وقال أيضاً “مثل أهل بيتي كسفينة نوح من ركب فيها نجا ومن تخلف عنها غرق ”
هذه الأحاديث ترشدنا وتعرفنا أن إتباع أئمة أهل البيت عليهم السلام وتوليهم هو عين الهداية وهي النعمة الأعظم والغاية التي ينشدها جميع الخلق وهي ما أراد الله سبحانه وتعالى منا أن نتبع وأن نتولى رسوله ومن أمرنا بتوليه إذ قال في محكم كتابه ” يا أيها الرسول بلّغ ما أنزل إليك من ربّك وإِن لمْ تفعَل فمَا بلّغت رسالته”
ولذلك بلّغ النبي الأكرم صلوات الله عليه وآله ماأُنزل إليه من ربه بعد أن انصرف من حجة الوداع في مكان يسمى غدير خم دعا فيه أن يتجمع الناس وكان لدعوته أهمية كبيرة في التأكيد على وحدة المسلمين واعتصامهم بحبل الله وتذكيرهم بالحلال والحرام و بأمور دينهم ودنياهم وكان من أهم ما تحدث عنه بل أن السبب الرئيس في دعوته لجمع الناس هو إعلانه ولاية الإمام علي ففي ذلك نجاة الناس وهدايتهم في السير نحو الإستقامة على الطريقة وفي ذلك التأكيد على وجوب موالاة الله ورسوله وموالاة الإمام علي عليه السلام
فخطب فيهم بعد أن أثنى على الله وحمده فقال :
أيها الناس ألست أولى بكم من أنفسكم ! قالوا بلى يا رسول الله قال : إن الله مولاي وأنا مولى المؤمنين أولى بهم من أنفسهم فمن كنت مولاه فهذا عليٌ مولاه اللهم والِ من والاه وعادِ من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله ، والعن من خالفه وأدر الحق معه حيثما دار ، ألا فليبلغ ذلك منكم الشاهد الغائب والوالد الولد”
ولذلك فإن مصلحة العباد ونجاتهم وهدايتهم تقتضي طاعة الله ورسوله والتمسك بكتابه واتباع رسوله والإمام علي وأئمة أهل البيت عليهم السلام ، ولذلك وأمام ما تم ذكره نقول :
الحمد لله على تمام نعمة الهداية وكمال الرسالة ، الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله قال تعالى ” اليوم أكملت لكم دينكم وأتممتُ عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ” فإكمال الدين إذاً وإتمام النعمة تتجسد في تدبُّر القرآن الكريم والعمل به وإتباع قوله تعالى ” إنّما ولِّيكم الله ورسُولهُ والذيْن آمنُوا ، الّذينَ يقِيمونَ الصّلاةَ ويؤتُونَ الزكاةَ وهُم رَاكِعون”