صدام القدمي كتب مقالاً بــ عنوان ” الــهــاربـيــن مـن دنــان … الـُمهـنـجـمــين عـلــى بـائـع الـفـنـجـان ” .
يمني برس _ أقلام حرة
بقلم / صدام القدمي
الباعة المتجولين في سوق الحصبة و أصحاب البسطات الذين يبحثون عن لقمة عيش لأبنائهم لا يعلم الكثير من الناس ما الذي يعانونه .. يمر آلاف المواطنين من أمامهم لكنهم لا يعلمون ما بداخلهم .. لأنهم لا يجرؤون على البوح بمعاناتهم من تسلط المليشيات عليهم و نهب حقوقهم .
منظمات انسانيه و وسائل إعلامية لا تهتم أبداً بما يحدث للباعة في سوق الحصبة من إعتداءات همجية يتعرضون لها من قبل مليشيات أولاد الأحمر بين الفينة والإخرى ..
مبالغ مالية يفرضونها على الباعة المتجولين حتى بائعات اللحوح والكدم في سوق الحصبة يومياً و يدفعونها مُكرهين و رغماً عنهم .. لأنهم لم يجدوا من يحميهم من كائنات آل الأحمر الإجرامية بالرغم من أن وزراة الداخلية التي لا تبعد عنهم سوى بضع مئات الأمتار لكنها لم تستطيع بسط سيطرتها حتى على بضع مئات الأمتار خارج أسوارها ..
لقد رأيت بإم عيني يوم أمس ما الذي يحدث لهؤلاء المساكين من ظلم و نهب و استيلاء تمارسة مليشيات أولاد الأحمر بحقهم ..و كأن من المفروض عليهم أن يعملوا طوال الليل والنهار من أجل أن يدفعوا حق التخزينه لمليشيات الشيخ ثمناً لبقائهم في الشارع .
ففي أثناء مروري من السوق كان الوقت ما يقارب الواحدة ظهراً .. وهو الوقت الذي تخرج فية مليشيات الشيخ في الحصبة لتجمع الإتاوات من أصحاب البسطات البسطاء دون أي حق ..
كان مسلحو الشيخ حينها يطوفون على أصحاب البسطات واحداً تلو الآخر .. لجمع الإتاوات نقداً إضافة إلى النهب من فوق البسطات عياناً جهاراً .
فجأة .. سمعت إطلاق رصاص كثيف و الناس يهرعون في كل إتجاه خوفاً من أن تطالهم رصاصات الإجرام و العبث .. لكن تلك الرصاص لم تكد تتوقف حتى نالت من أحد أصحاب البسطات و إذا بالناس يأخذونه لينقلوه الى أقرب مشفى لإيقاف نزيف جرحه الدامي بينما يتجمع العشرات من أصحاب البسطات و رفقاء ذلك الجريح و يقطعون الطريق احتجاجاً لما نال رفيقهم من رصاص غدرٍ نالت منه ظلماً وعدوانا ..
بعد أن هدأت الأجواء وتوقف إطلاق الرصاص عُدت لأسأل ما الذي حدث ؟ وما هو السبب في ذلك ؟ خصوصاً بعد أن تذكرت أن لدي كاميرا أستطيع أن أوثق ذلك لنقل ما حدث .
كنت أسأل البعض من بائعي البسطات والكاميرا بإتجاهه لكن أغلبهم لم يكن يجرؤون أن يتحدثوا عمن هم الذين إعتدوا عليهم بالرغم من أنهم يعرفونهم جيداً لأنهم كثيراً ما يأتون يومياً لأخذ إتاوات منهم فهم يعرفونهم أكثر من أبنائهم إلا أنهم كانوا خائفين من أن يقولوا أن مسلحي أولاد الأحمر هم من إعتدى عليهم خوفاً على حياتهم أو على الأقل تجنب مضايقتهم .
قابلت عدة أشخاص من أصحاب البسطات البسطاء و إذا بأحدهم رأيته أكثر شخصاً منهم مستاءً لما حدث و بعد أن سألته ما الذي حدث ؟ أجابني بصوت مُفحم بالألم والحُرقة لأن من إصيب بالطلقات النارية كان قريباً له .. قائلاً أن مسلحين من عصابات أولاد الأحمر أخذوا بضع حبات من المانجو نهباً دون أن يدفعوا ثمنها وعندما سألهم لم فعلتم ذلك ردوا علية ضرباً بالرصاص حتى أقعدوه أرضا ..
فمن أجل حبات المانجو تلك يمُكن أن يقتلوا نفساً بشرية محرمة .. لا يتورعون أبداً في فعل أي شيء .. إنه الإجرام حقاً يمثلونه بكل إتقان ..
تصرفاتهم الإجرامية من نهب و تقطع واستيلاء تؤكد أن سلوكياتهم وتصرفاتهم تنطبق تماماً على تصرفات مشائخهم فهم تعلموا منهم وطبقوا ما رأوه في أرض الواقع من معلميهم ..
ما تمارسه مليشيات أولاد الأحمر في الحصبة جزءً بسيطاً من ممارستها الإجرامية في حاشد وغيرها التي كانت تعُرف بأنها مركزاً للنهابة والمتقطعين من مليشيات آل الأحمر طوال عقود من الزمن في السابق ..
يبدوا أن مليشيات أولاد الأحمر لم يعد بإمكانها التقطع في حاشد بعد أن قام الحوثيين بتأميين طرقاتها المعروفة سابقاً بالنهب و التقطع .. فلم يجدوا سوى سوق الحصبة بديلاً لممارسة إجرامها التي يبدوا أنها أصبحت كروتين يومي لا يمكن أن يمر يوماً دون ظلم الناس ونهبهم و التقطع عليهم .
نهب و ظلم و قتل و تقطع بحق مواطنين بسطاء هذا هو ما يحدث في الحصبة وسط العاصمة صنعاء و بالقرب أيضاً من وزارة الداخلية التي لا تبعد سوى بضع مئات الأمتار من مكان حدوث هذه الجرائم ..
منظمات حقوقية و إنسانية لا تجرؤوا على النزول إلى الحصبة لتتأكد مما يحدث للمواطنين من مضايقات و إعتداءات ضاقت بهم ذرعا ..
الصحف و القنوات والإذاعات المحلية وغيرها من الوسائل الإعلامية تتعامى عن كل جرائم آل الأحمر و تبحث عن موضوع ما لتغطيته بينما يوجد وسط العاصمة المئات من القضايا والمآسي تبحث عمن يتحدث عنها وينشرها للرأي العام لينظر ما الذي يعانوه المواطنين هؤلاء ..
كُتاب وصحفيين و إعلاميين يتحاشون الكتابة في مثل هذه القضايا والأحداث و كأن شيئأ ما يُصرفهم عن الحديث عنها .
فإلى متى يتغاضى كل هؤلاء عن واجباتهم و مسؤولياتهم الأخلاقية و المهنية و الإنسانية ..