21 من سبتمبر ثورة شعب في وجه العدوان الاقتصادي
21 من سبتمبر ثورة شعب في وجه العدوان الاقتصادي
يمني برس- خاص
انبثقت ثورة الـ 21 من سبتمبر من صميم الحاجة اليمنية لوقف العبث الممتد عبر السنين الطوال، ومن عمق الحاجة الماسة أيضا إلى إعادة الاعتبار للاقتصاد اليمني الذي تعرض للعزل الممنهج عن واقع الحياة، بعد أن استمرت قوى العمالة والارتهان لعقود طويلة وهي تستمرئ العبث والفساد، وترهن قرار اليمن السياسي والاقتصادي للخارج، وتراكم عوامل الضعف والوهن والفقر حتى فشلت في بناء الدولة اليمنية وأحالتها إلى دولة هشة ظلت كل تقارير العالم تصفها وتصنفها – طوال المراحل الماضية – ضمن الدول الأكثر فسادا وفقرا وتخلفا.
إن ما يميز هذه الثورة أنها جاءت حين جاءت وهي متوشحة بإرادة خيرة ترمي إلى الوصل بين نضالات الإباء والأجداد وبين نضالات الأبناء والأحفاد، وتنشد الوئام والسلام بين مختلف القوى اليمنية، وترنوا إلى حشد كل الطاقات نحو صون السيادة وتحرير القرار اليمني من كل صيغ الارتهان والتبعية، ونحو محاربة الفساد، وإرساء دعائم الأمن والاستقرار، وترسيخ قيم المواطنة المتساوية والشراكة والتوافق، والانحياز المطلق للشعب.
وفيما كانت ثورة الشعب تحث الخطى نحو خلق البيئة الداعمة لعملية النهوض باليمن اقتصادياً واطلاق مشروع بناء الدولة، كانت السعودية – وبإيحاءات أمريكية وإسرائيلية – ترى في هذا المشروع تهديدا لنفوذها ووجودها، وكأنها ترى في الإبقاء على (اليمن الضعيف) و(اليمن الحديقة الخلفية) الضمانة الوحيدة لوجودها وأمنها واستقرارها، ومع أن هذه الاستراتيجية السعودية خاطئة وغير مشروعة.
وبتشجيع ودعم أمريكي وبريطاني وإسرائيلي، قررت السعودية الحرب على بلادنا ظلما وعدوانا بلا أي مبرر حقيقي ومن دون أي مسوغ، ولم يكن لها من هدف سوى إجهاض المشروع الوطني لثورة الشعب اليمني العظيم، ففتحت خزائنها المتخمة بالمال والنفط، وأنشأت التحالفات الواسعة، وحركت الجيوش المتعددة، وحشدت مرتزقتها من مختلف الأصقاع، ووضعت كل إمكاناتها وتحالفاتها العسكرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية الهائلة تحت تصرف هذه الحرب.
ولعب تحالف العدوان في استخدام الورقة الاقتصادية بعد فشله الذريع في الجبهة العسكرية، فلجأ العدوان إلى استخدام وسيلة التجويع والخنق الاقتصادي واستعملها كأحد الأسلحة في حربه اللاأخلاقية في جريمة حرب بنص القوانين والأعراف الدولية والإنسانية، ومنذ فترة مبكرة باشر العدو جملة من الإجراءات وفي مقدمتها الحصار المطبق، وحظر السلع التجارية والتضييق على التجار، ونقل البنك المركزي، وقطع المرتبات، والعبث بالعملة والسيطرة على كل موارد وثروات اليمن النفطية والغازية والسمكية، وفوق ذلك استهدف بالتدمير الجزء الأكبر من البنية التحتية المؤثرة على الاقتصاد كالطرقات والمصانع والمزارع وغيرها من مصادر الدخل العام والخاص.
وراهنت السعودية وتحالفها المشؤوم على الممارسة الوحشية والقتل الذريع بحق شعبنا، وعلى الحصار المطبق والتدمير واسع النطاق للاقتصاد اليمني، مثلما راهنت أيضا على ما كان قد راكمه عملاؤها عبر عشرات السنين من عوامل الضعف والوهن، وفي أن اليمن في نظر السعودية دولة هشة، والجيش مفكك، والاقتصاد ضعيف ومنهار، والقوى السياسية متباينة ومختلفة وغير ذلك من الرهانات والأوراق القابلة للاستعمال والتوظيف، التي كانت تمني السعودية نفسها بها لاحتلال اليمن بكل سهولة ويسر وفي بضعة اسابيع.
وفي ظل عجز السعودية وتحالفها عن تحقيق اية إنجازات عسكرية على الميدان، وتلقيها الهزائم النكراء، لجأت الى العدوان الاقتصادي، واستهداف لقمة العيش للشعب اليمني، فتعمدت السعودية عبر مرتزقتها إلى تعطيل البنك المركزي، وتجفيف منابع الايرادات، من خلال عرقلة حوالات الالاف من المغتربين اليمنيين الى اليمن، واستهداف وتدمير البنية التحتية والمنشئات الاقتصادية في اليمن من مصانع وصوامع غلال ، وكل ما يشكل موارد للشعب بعيدة عن فيد ونهب المستعمر ومرتزقته ، وفرض القيود المختلفة على الصادرات الزراعية والحيوانية، واستهداف وتعطيل حركة الصيد وتعطيل صادرات القطاع السمكي، وصولاً الى نقل البنك المركزي من صنعاء الى عدن، وطباعة المليارات من العملة الوطنية بصوره مستمرة دون أي احترازات اقتصادية، وسحب العملة الأجنبية من الأسواق، والمضاربة بها.
وفي مؤامرة قذرة لتدمير الاقتصاد اليمني هدف العدو من ورائها الى فرض حصار خانق على ابناء الشعب اليمني حتى يستسلم ويخضع للمخططات الاستعمارية الصهيوامريكية، حيث انقطعت المرتبات عن الموظفين وتدهورت الاوضاع المعيشية لعامة المواطنين في ظل ارتفاع أسعار المواد الغذائية والمشتقات النفطية، في رهان خاسر لاخضاع الشعب اليمني وثنيه عن ثورته والتنازل عن الكرامة والعزة والقبول بالوصاية الخارجية.
ولم يقتصر الاثر السلبي لتلك المؤامرة على المناطق الخاضعة للمجلس السياسي الاعلى فقط، بل شمل المناطق الجنوبية التي ترزح تحت الاحتلال الأجنبي ، حيث ارتفعت أسعار المواد الغذائية والمشتقات النفطية بشكل أكبر من سعرها في المناطق التي يتواجد فيها الجيش واللجان الشعبية، وبدأ يلمس المواطن في تلك المناطق الآثار السلبية لتلك المؤامرة، حتى وصل به الحال أخيرا الى اللجوء إلى الشارع للاحتجاج على ممارسات تحالف العدوان في حقه، في صورة معبرة عن النوايا الخبيثة التي يحملها مرتزقة العدوان السعودي بحق الشعب اليمني.
لقد وجدت ثورة الـ 21 من سبتمبر نفسها ووجد الشعب نفسه أمام مرحلة جديدة ملؤها التحديات الكبيرة والصعوبات الجسام، فأسقط الشعب اليمني بصموده وتحديه رهانات العدوان في الجانب الاقتصادي، وتجاوز الشعب بصموده العام الرابع وعلى مشارف اكمال العام الخامس ليسقط رهانات العدوان في استخدام الورقة الاقتصادية لمحاولة النيل من كرامة وعزة وشموخ هذا الشعب المجاهد.
وخلال سنوات مضت من عمر ثورة الـ 21 من سبتمبر لم تدخر القيادة الثورية والسياسية وحكومة الانقاذ الوطني جهدا في سبيل التخفيف من معاناة المواطن سواءً من خلال المبادرات السياسية والتعامل الإيجابي مع فكرة تحييد الاقتصاد التي اطلقها قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي، وكذا المجلس السياسي الأعلى أو من خلال التواصل الدبلوماسي مع الدول والمنظمات، وتقديم التسهيلات أمام العمل الإنساني بشكل عام، والعمل على جلب المزيد من المساعدات إلى جانب الإجراءات الصارمة التي اتخذها المجلس السياسي الأعلى في محاربة الفساد، وتصحيح وتطوير أداء المؤسسات، والعمل بكل ما في وسعه على صون وتنمية الموارد المتاحة وتوفير نصف راتب بين الفترة وأخرى رغم شحتها.
واستطاعت القيادة السياسية وحكومة الانقاذ الوطني وبتوجيهات قيادة الثورة من تخطي مرحلة صعبة من العدوان الاقتصادي واستطاعت ان تكيف الظروف وتصدر القرارات والتوجيهات المناسبة في محاولة للتخفيف من المعاناة عن طريق الضغط على مرتزقة العدوان لايقاف قراراتهم العشوائية بحق الاقتصاد اليمني، واتخاذ اجراءات موزاية للتخفيف من حدة الآثار والاضرار الاقتصادية على الشعب اليمني قدر الامكان، والضغط على المجتمع الدولي للتخفيف من هذه المعاناة، وهو ما جعل صنعاء والمحافظات الشمالية –بفضل الله تعالى- أكثر أمناً واستقراراً وأكثر انضباطاً في الجانب الاقتصادي أكثر من المحافظات التي مازالت ترزح تحت وطئت الاحتلال السعودي الاماراتي الامريكي الاسرائيلي.
يتبع…..