ثورة 26 سبتمبر.. أهداف سامية أفشلتها الوصاية الخارجية
.
بقلم / مازن هبة
أهداف ثورة الـ 26 من سبتمبر بحق كانت أهداف سامية ولو تحققت لكان اليمن أحد بلدان العالم الأول اليوم، والكثير من قياداتها كانت تحمل الإرادة الصادقة للتغيير نحو الأفضل لكن المشكلة أنهم نتيجة فقدان الثقة بأنفسهم وشعبهم رهنوا قرارهم وثورتهم للخارج منذ اللحظة الأولى، وبعد انتصارها أكلت الثورة أبنائها كما تأكل القطة صغارها، بدءً باغتيال صوت الثورة وأيقونتها الشاعر الثائر محمد محمود الزبيري ووصولاً إلى محاكمة وإعدام نائب رئيس الجمهورية محمد حسن الرعيني والقائد العسكري هادي عيسى والشيخ علي محسن هارون وحسين الاهجري ومحمد العميسي، وعبدالحميد الرياشي، والنقيب حسين العواضي، بعد تلفيق تهم كيدية ضدهم منها التخابر مع إسرائيل، والحقيقة الواضحة وضوح الشمس للجميع آنذاك أن إعدام القوات المصرية لهم وسحلها بعضهم في شوارع صنعاء كاللواء هادي عيسى كان بسبب معارضتهم للوصاية المصرية على اليمن وتنديدهم بوضع السلطات المصرية الرئيس اليمني عبدالله السلال حينها تحت الإقامة الجبرية في العاصمة المصرية القاهرة والزج بعدد من وزراء حكومته في السجن الحربي المصري..
ابحثوا بصدق عن الحقيقة وقيموا الوقائع تقييم صحيح وستجدوا أن الوضع في اليمن أيام الإمام أحمد يحيى حميد الدين وما بعده كان بحاجة إلى ثورة لأن أسرة الإمام يحيى حميد الدين حولت الإمامة إلى مُلك عقيم وهي ليست كذلك حسب مبادئ المذهب الزيدي وعلماء وفقهاء الزيدية المنصفين يقرون بهذا، ولكن نظام عفاش وشركائه ظل يسوق لـ33 عام أن ثورة 26 من سبتمبر كانت نتيجة تفشي الجوع والجهل والمرض، وهذا غير صحيح؛ لأن وضع اليمنيين المعيشي كان أفضل مئات المرات من بقية شعوب العالم، فقد كان لدى اليمن اكتفاء ذاتي وهو البلد ربما الوحيد الذي أرسل باخرة قمح كمساعدة إنسانية إلى ألمانيا.
وبالنسبة للصحة فالجميع يعلم أن أجدادنا يتمتعون بالصحة أفضل منا بألف مرة إلا أن الأوبئة التي لم يكن العلم قد وجد علاجاً لها كانت تفتك بجميع الشعوب وليس الشعب اليمني فحسب.
أما الوضع التعليمي فكان أفضل من الكثير من الشعوب العربية ولم يقصر الإمام يحيى في هذا المجال بل كان يرسل مئات الطلبة المتميزين للدراسة في مصر كونها البلد العربي الأفضل تعليماً وهم من عادوا ليثوروا عليه.
على العموم أخذت أسرة الأمام يحيى حميد الدين جزاء تملّكها وحصد ثوار الـ26 من سبتمبر وبال الارتهان للخارج، وما يجب علينا نحن بعد 57 عام كما قال الرئيس المشاط هو أن “نستلهم من ثورة الـ 26 من سبتمبر أن لا شيء أخطر على الثورات والنضالات من خطورة رهن القرار وفتح الباب واسعا أمام التدخلات الخارجية”؛
ولا داعي لإطالة الجدال حول ثورة 26 سبتمبر فقد أصبحت من الماضي ويجب علينا جميعا الاصطفاف معاً وتوحيد جهودنا حتى نحقق بثورة الـ 21 من سبتمبر – التي لازالت مستمرة – الأهداف السامية لثورة الـ 26 من سبتمبر.