علي العقيلي كتب مقالاً بعنوان : الوقوف في طوابير الانتظار ظاهرة اعتاد عليها الشعب .
يمني برس _ أقلام حرة
بقلم / علي العقيلي
الوقوف طويلاً في طوابير الانتظار الطويلة ظاهرة أصبحت أساس من أساسيات البقاء على قيد الحياة في اليمن .. فمن لم يقوى على البقاء في طوابير الانتظار لا يقوى على البقاء على قيد الحياة .
حكاية هذا الشعب مع طوابير الانتظار حكاية طويلة، وليست فقط مقتصرة على طوابير الانتظار على محطات الوقود، بل حتى على المستشفيات في اليمن رغم أن المرض لا يقوى على الانتظار، إلا أن المرضى في اليمن ينتظرون في طوابير طويلة من المرضى أمام غرف العمليات والعناية المركزة، وأمام غرف الترقيد، وينتظرون لساعات وأيام وقد يصل الانتظار لأسابيع، فمنهم من ينقله الطابور إلى الموت ومنهم من يصل به إلى المستشفى .
حتى في الحياة الاجتماعية في اليمن، على وجه المثال الزواج، يقف العديد من الشباب الأشقاء في الأسرة الواحدة في طوابير طويلة ليتمكن جميعهم من الزواج، بالذات الأشقاء المتعددين حيث تكون الأسرة عاجزة عن تزويجهم خلال فترة قصيرة أو دفعة واحدة، لهذا يجب عليهم أن يقفوا في طابور الانتظار حتى يتم تزويج الأكبر فالأكبر حتى يصل الدور الى الأصغر .
ولا ننسى بأننا في اليمن نقف أيضاً في طوابير الانتظار حتى على الطريق لنتمكن من العبور، بسبب الانفجار السكاني الهائل وضيق الشوارع وازدحام المدن كأمانة العاصمة، فتتوقف السيارة لدقائق في طابور الانتظار لتتمكن من العبور، وقد تضل ساعات وهي تمشي ببطء شديد في طابور العبور .
حتى هذه المرحلة الانتقالية التي تجاوزت العامين هي نوع من الانتظار الذي أصبح أساس من أساسيات البقاء على قيد الحياة في اليمن، وأكثر ما أخشاه أن يقضي أبناء الشعب اليمني أعمارهم في الانتظار ما بين فترة وفاق وتسوية !!.
ولا ننسى بأنه حتى أصحاب الشهادات العليا خريجي الجامعات والمعاهد يجب أن يقفوا طويلاً في طوابير الانتظار القصيرة، على الرغم من العدد المحصور لطلبة العلم في اليمن .
اليوم تشهد كل محافظات اليمن طوابير طويلة على محطات الوقود بسبب الأزمة خانقة في مادتي البترول والديزل، دون معرفة الأسباب في هذه الأزمة أومن يقف ورائها ؟؟.
يتقطع قبلك أسى عندما ترى جموع الشعب الغفيرة تزدحم على محطات الوقود، ويقضي الناس معظم أوقاتهم في طوابير الانتظار لساعات أو أيام، يتعطلون عن أعمالهم علّهم أن يتمكنوا من شراء حاجتهم الضرورية من الوقود لتستمر به حياتهم .
مأساة كبيرة عندما تصبح مادة الوقود الضرورية من بترول وديزل أصعب ما يمكن الحصول عليه في اليمن .. وفساد إداري فاحش عندما يصبح المواطن في البلد المنتج والمصدر للنفط لا يستطيع الحصول على حاجته الضرورية من الوقود إلا بشق الأنفس وبعد الوقوف طويلاً في طوابير الانتظار وبأسعار مرتفعة .. وفشل حكومي ذريع عندما ترى الحكومة تقف عاجزة أمام أزمة خانقة يعيشها شعبها دون أن تفعل شيء، أو تفصح عن أسباب الأزمة أو من يقف ورائها .
هكذا ودون سابق إنذار أو أحداث حرب أو صراع واضح يبرر وجود هذه الأزمة أضحى الشعب اليمني أمام عقبة اعتقد أنه قد اجتازها ولن تعود في طريقه مجدداً، ولكن فجأة عادت ليجد نفسه أمام مهمة كبيرة تكمن في الوقوف طويلاً في طوابير الانتظار أمام محطات الوقود، ولا شيء يؤرقه ويشغل فكره أكبر من الحصول على مادة البترول أو الديزل .
هكذا أصبح الوقود أصعب ما يمكن شراءه هذه الأيام في اليمن، يحتاج إلى وقت طويل يصل إلى أيام واحتجاز للسيارة أو الشاحنة وذهاب إياب مالكها أو مرابطته على محطة الوقود حتى يتمكن من شراء حاجته من الوقود، بعد أن كان أسهل ما يمكن الحصول عليه في اليمن خلال الأيام الماضية .