{ عَزِيزٌ عَلَيْهِ } محمد الرسول القائد
بقلم |جبران سهيل
في مثل هذا اليوم العظيم وقبل ما يربو على أكثر من ألف وخمسمائة سنة، ولد النبي محمد صلى الله عليه وآله ليتغير مع هذا الحدث المهم تأريخ البشرية، وبإنتظار بداية إعلان الرسالة السماوية التي كلفه بها الله عز وجل من بين الأمم،وليؤسس إرثا عظيما من الأفكار والمبادئ والتعاليم وخرائط العمل التي ما أن يتمسك بها الإنسان، أمة أو فرداً، حتى يصل إلى ما يبتغي من سموّ الروح وعلوّ الشأن والتحلي بسماحة القلب وإنسانية الفكر والسلوك في تداخله مع الأعمال والأفعال والنشاطات التي يحتك فيها مع الآخرين.
ومن المبادئ التي رسخها (صلاة الله عليه وعلى آله) في أمتهِ، الثبات على المبدأ، والإخلاص في العمل، والانضباط والتعاون، ورفض الظلم والقهر والمنكرات، وإبعاد الأحقاد جملة وتفصيلا، أما من لا يتّصف بهذه الصفات فهو إما غير مخلص لتعاليم نبيّه، أو أنه يجهل كيفية تطبيقها، وفي كلا الحالتين هناك حالة من الانقلاب والتخلي عن الالتزام والعهود.
يقدم الدروس الأخلاقية والفكرية والعملية،ينحت الروح بأروع أشكالها بما يجعل من الفرد والأمة في كامل الالتزام والوفاء للمواقف والأفكار والمبادئ التي غرسها النبي محمد علية الصلاة والسلام،في تربة الأمة الإسلامية، فقد صنع رجالا كانوا مستضعفين لا قيمة لهم ومعه واستجابة للدعوة الإلهيه اصبحوا عظماء تهابهم الملوك والدول ودون اسمائهم التأريخ بأحرف من نور ،في مقابل ذلك أصبح الإنسان مسؤولا أمام الله تعالى في سلوكه (الفكري والعملي) في آن واحد، فالمبادئ التي أظهرها الرسول الكريم إلى الوجود، لم تكن معتمدة في مجتمع الجزيرة، فهنالك الرحمة والحكمة والرأفة والعفة والزهد والعدل والمساواة والتواضع وقوة الإيمان والخصال الأخرى التي صارت في عهد محمد (ص) توجه السلوك الإنساني وصولا إلى بناء المجتمع المطلوب، لدرجة أن عشرات المفكرين العباقرة والمؤرخين من أغلب الأمم المتحضّرة درسوا تجربة النبي الأكرم (صلاة الله عليه وعلى آله) وأظهروا فحواها، واكتشفوا تفرّد هذه الشخصية النبوية على المستوى السياسي القيادي المبدئي المحاط بإطار إنساني لا يُبلى ولا يُخطئ.
وقد تنبّه المفكرون والمؤرخون من الأمم الأخرى إلى الملَكات والصفات التي تختص بها شخصية الرسول (ص)، فهو ما كان رجل دين فحسب كما يرى بعض المفكرين والمتابعين الغربيين، بل هو رجل حياة مليئة بالتفاصيل العملية الدقيقة، فمثلما كان النبي (صلاة الله عليه) يكد ويجد في ترسيخ المبادئ الإسلامية في النفوس كان يعلِّم الآخرين، أو هم يتعلمون منه سبلا وطرائق عملية ومعنوية لتسيير حياتهم اليومية، فسمة التواضع التي كانت تسم شخصية الرسول تتيح للجميع أن يتعلموا منه المنهج الإنساني القيادي القويم في السياسية والاقتصاد والإدارة، ما جعل في إمكانية قادتنا اليوم تبصّر هذه التجربة وهضمها وفهمها وتطبيقها واقعيا.
فهو الوحيد الذي صنع دولة من السماء وبتعاليم ربه له وبالكتاب الكريم الذي جعله بين يديه كدستور تسير عليه دولة الإسلام الأصيلة الخالية من التزييف والتحريف والتشويه والعقائد الباطلة
هناك الكثير ممن هم ليس بمسلمين تحدثوا عن شخصية الرسول صلاة الله عليه ولكن قبل هؤلاء هناك أكبر شهادة شهد الله تعالى بها لنبيه، وشهادته أعظم شهادة، بأن النبي صلى الله عليه وعلى آله هو عظيم في قوّته النظرية، كما انه عظيم في قوّته العملية، حيث يقول الله تعالى بالنسبة للقوة النظرية لخاتم الأنبياء: (…وعلمّك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما)[2]، إذن فان النبي صلى الله عليه وآله بلغ مستوى الكمال في القوة النظرية والعقل النظري، لأن فضل الله تعالى عليه في هذا البعد كان عظيما.
وفي بعد القوة العملية أو العقل العملي، يقول الله تعالى: (…وإنك لعلى خلقٍ عظيم)[3]، فالعظيم يشهد لخاتم أنبيائه بأنه عظيم في عقله النظري وعظيم أيضاً في عقله العملي، أي أنه عظيم في علمه وعظيم في أخلاقه، وتكفي هذه الشهادة دليلاً على عظمة خاتم الأنبياء محمد صلى الله عليه على آله وكان في قمة التواضع حتى لأدنى شخص عنده، ولا نجد في التاريخ حاكماً أو نبياً أو رسولاً كان له هذا القدر من التواضع؛ نعم… نجد هكذا نماذج في حياة أئمة أهل البيت صلوات الله عليهم فهم بضعة منه، كما نجد هكذا نماذج في حياة الكثير من علماء الدين، وهم يحاولون أن ينهلوا شيئاً من هذا المنهل.
يقول المؤرخ الانكليزي المعروف وليم موير يقول في كتابه (حياة محمد): (امتاز محمد عليه السلام بوضوح كلامه ويسر دينه، وقد أتم من الأعمال ما يدهش العقول، ولم يعهد التأريخ مصلحا أيقظ النفوس وأحيا الأخلاق ورفع شأن الفضيلة في زمن قصير كما فعل نبي الإسلام محمد…).
ويذكر التاريخ كثرة أعداء الرسول منذ أن أعلن رسالته، ويذكر التاريخ بدقة تلك الحروب التي شُنَّت ضد الرسول (ص) كي تطفئ شعلة المبادئ الإنسانية العظيمة التي أوقد نورها في ذلك المحيط البشري المتردي، ما حدا بـ (السير جلال الدين برنت
ون) الذي درَّس في جامعة أكسفورد وكان من أشراف الانكليز ومشاهيرهم، إلى هذا الاعتراف الذاتي: لقد (شعرت أن لا خطيئة أكبر من إنكار هذا الرجل الرباني، بعد أن درست ما قدمه للإنسانية).
أما الفيلسوف الفرنسي الشهير (لامارتين) فيقول: إنّهُ (الرسول، والمشرِّع، والقائد وفاتح أقطار الفكر، ورائد الإنسان إلى العقل، وناشر العقائد المعقولة الموافقة للذهن واللب،ومؤسس دين لا وثنية فيه ولا صور ولا رقيات باطلة، ومُنشئ عشرين دولة في الأرض، وفاتح دولة واحدة في السماء من ناحية الروح والفؤاد، ذلكم هو محمد-ص-، فأي رجل لعمركم قِيس بجميع هذه المقاييس التي وضعت لوزن العظمة الإنسانية، كان أعظم من محمد، وأي إنسان صعد هذه المراقي كلها فكان عظيما في جميعها غير محمد }
ومن ينسى الموقف العظيم عندما دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة فاتحا فقال لأهلها بعد أن آذوه وعذبوه : ما تظنون أني فاعل بكم ؟ فقالوا أخ كريم وابن أخ كريم . فقال لهم اذهبوا فأنتم الطلقاء .وفي هذا الزمن ظهرت جماعات تحمل رايته وتدعي انها على نهجه بينما واقعهم عكس ذلك تماما بل بأفعالهم في حق من يخالفهم هم يحاولون تشويه صورة الرسول المشرقه فيحرقون البيوت ويقتلون الأبرياء ويعدمون الأسرى بل يتفنون في تعذيب وقتل من يقع بين أيديهم فيظهرون أمام العالم دون خجل وهم يذبحون البشر كما تذبح النعاج وينسبون ذلك إلى النبي محمد الرحمة المهداه
إنّ مما يدل على عظمة النبي صلى الله عليه وسلم : هو كثرة أسمائه وصفاته ، قال بعضهم : أعطاه اسمين من أسمائه : رؤوف ، رحيم .
قال الحسين بن الفضل : لم يجمع الله لأحد من الأنبياء اسمين من أسمائه إلا للنبي صلاة الله عليه وعلى آله ، فإنه قال عن نفسه (إنّ الله بالناس لرؤوف رحيم )الحج 65 وقال عن النبي محمد ( بالمؤمنين رؤوف رحيم ) التوبة 128 .
وصورة أخرى من عظمته : عندما سألته زوجته عائشة عن خديجة ألم يعوضك الله خيراً منها ؟ فأجابها : لا، فهي التي آمنت به وصدقته عندما كذبه الناس وعادوه ! فلم يستسلم للغيرة ولم يحاول أن يخدعها أو يجاملها . وهذا عظمته من صلى الله عليه وعلى آله وسلم .
فكان هذا النبي العظيم جديراً لأن يحظى بكل حب وبكل تقدير وبكل احترام وبكل تبجيل من جميع من اتبعوه وآمنوا به واتبعوا النور الذي جاء به وممن لم يؤمنوا به .
ولذلك ليس غريب أن يضعه مايكل هارت في كتابه العظماء المائة وفي مقدمتهم محمد عليه الصلاة والسلام فقال مايكل عن سبب اختياره لمحمد وكونه الأعظم فقال : ( إن اختياري لمحمد ليقود قائمة أكثر أشخاص العالم تأثيراً في البشرية قد يدهش بعض القراء وقد يعترض عليه البعض .. ولكنه كان ( أي محمد) الرجل الوحيد في التاريخ الذي حقق نجاحاً بارزاً في كل من المستوى الديني والدنيوي ) ..
” لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ” ( الأحزاب : 21 )
ويمكننا الآن أن نستنتج لماذا قال الله لمحمد صلى الله عليه وسلم ” وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ ”
الخلاصة.. إنّ الأمة التي قادها نبيّ من هذا الطراز الأعظم، والذي أورثها دروسا وتجارب لا تحصى في القيم والأخلاق والنتائج الشاخصة على مر التاريخ، حريّ بها وبقادتها أن يكونوا أوفياء لهذا الفكر الخالد والنبي القائد وهذه المبادئ الإنسانية العظيمة، لاسيما أن ما يجري اليوم في الدول العربية والإسلامية يؤكد أن قادة اليوم والمسؤولين وأصحاب المناصب الحساسية وقعوا في محذوريْن، فأما هم لم يطلّعوا أصلا على سيرة النبي وحياته وتجاربه ومواقفه ومبادئه، وأما أنهم اطلعوا لكنهم لا يؤمنون بهذه التجربة العظمى ومخرجاتها!!
وبعد هذا الجزء البسيط من سيرة وحياة النبي محمد عليه الصلاة والسلام يأتي ممن هم من أمته ومن المؤمنين برسالته ويقول دون حياء أو خجل أن الإحتفال بمولد هذا القائد العظيم والمعلم الحكيم وافضل الخلق أجمعين بدعه،فهؤلاء مرجفين ومردوا على النفاق من احفاد ابن سلول وحاشية يزيد ودولته التي ازالت الكثير من الأسس والمبادئ التي بناها محمد فكانت دولتهم نقطة تحول حرفت الأمه عن نهجها الصحيح ولا زالت هناك الكثير من الانظمة المعاصرة تسير على نهج يزيد وسياسته الباطله والبعيده عن مبادئ وثوابت الإسلام وعن نهج وسلوك نبي الإسلام محمد صلاة الله عليه وعلى اله .
بقلم ||جبران سهيل