ذكرى استشهاد هارون الأمة
بقلم| جبران سهيل
في هذه الأيام من شهر رمضان المبارك نستلهم ذكرى أليمة عاشتها الامة ونكبه لا تشبهها اي نكبة انه استشهاد بطل الاسلام حامل سيف ذو الفقار الإمام الوصي علي بن ابي طالب عليه السلام حين استشهد وهو ساجدا في المحراب لتكون بذلك نقطة تحول أثرت سلبا على الأمة منذ ذلك اليوم المشؤوم وإلى هذا الزمن،استشهد الإمام علي عليه السلام بضربه سيف غادرة على يد أشقى الأمة عبدالرحمن بن ملجم المرادي في اطهر بقعة مباركة وافضل وضع يكون عليه الانسان الا وهو وضع السجود وفي افضل وأكرم شهر عند الله سبحانه وتعالى وهو شهر رمضان المبارك وفي بداية العشر الأواخر من رمضان التي تتضاعف بها طاعات الانسان وعباداته لان فيها ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر.
صعدت روحه الزكيه إلى بارئها بعد حياة حافلة بالعطاء قضاها أمير المؤمنين في البر والتقوى والعبادة والجهاد في سبيل الله ولإرساء مبادىء الإسلام الحنيف واعلاء شأن الرسالة المحمدية هادية الإنسانية في كل زمان ومكان.
لقد مثلت حياة امير المؤمنين الإمام علي بن ابي طالب عليه السلام اسمى معاني التضحية والفداء والشجاعة والبطولة والصبر والإيثار والحق، التي تجسدت في شخصيته الفذة التي قل نظيرها،أن لم نقل انعدم مثيلها في التاريخ عدا شخص الرسول الكريم محمد(صلاة الله عليه وعلى آله )
لقد أخُتزِل الاسلام برمته في شخصية علي بن ابي طالب (عليه سلام الله)، فمن اراد ان يعرف الاسلام الحقيقي كما هو دون زيف وتحريف فلينظر الى شخصية وسيرة امير المؤمنين (عليه السلام). ويكفي عليا فخرا بأنه وليد الكعبة المشرفة والتي تشرف بها وافتخرت به، وان يأتي النداء من الله العلي القدير على لسان جبريل ” لا فتى إلا علي لا سيف إلا ذو الفقار “.
فعلي هو سيف الاسلام المدافع عنه والفدائي الأول فيه، لم يتردد يوما عن قول الحق والدفاع عنه مهما كان ولمن كان، ولم تهتز مبادئه التي آمن بها ونشأ وتربى عليها في حضن الرسول الاعظم محمد بن عبدالله صلى الله عليه وعلى آله وسلم مهما تكالب عليه الأعداء والحاقدين وحاولوا تصويره في شكل وقالب آخر.
لقد كان الإمام عليه السلام ومازال وسيبقى نورا ساطعا يضيء الدرب لكل المسلمين في مشارق الارض ومغاربها على الرغم مما قام به الاعداء الكثيرون له من محاولات كثيرة لطمس شخصيته وعدم اظهارها بوجهها الحقيقي على مدى التاريخ. ولكن مهما حاول هؤلاء الاعداء طمس الحقائق يزداد الناس تمسكا بعلي وبالمنهج الذي خطه للمسلمين بعد رسول الله وعلى ذات النهج والسلوك.
لقد كان الامام علي عليه السلام جبلا شامخا تتحطم عنده كل المحاولات الرامية إلى اضعاف الاسلام المحمدي الحقيقي والنيل منه والالتفاف على مبادئه السامية التي جاءت لنصرة الضعفاء والمظلومين والترفع بالانسانية لتعيش في حياة طاهرة نقية يتساوى فيها الغني مع الفقير والقوي مع الضعيف ليكون العالم اشبه بالمدينة الفاضلة التي يترفع ساكنيها عن الملذات الدنيوية قصيرة الأمد والزائلة حتما في يوم ما لتسمو انظارهم إلى حلم جميل وابدي لا ينتهي إلا وهو جنان الخلد والنعيم التي وعد بها الله سبحانه وتعالى عباده المؤمنين حقا والذي يمثل الإمام علي عليه السلام قائدهم الى تلك الجنان والنعيم بعد الرسول الاعظم محمد صلى الله عليه وآله وسلم لانه ولا سواه كان من السباقين للدخول في دين الإسلام دون أن يتمني بعبادة الأوثان أو دون ذلك من أعمال الجاهلية.
اننا عندما نستذكر شخصية الامام علي (عليه السلام) علينا ان نضع نصب اعيننا المباديء والقيم التي استشهد من اجلها عليه السلام , ولتكن مناسبة متجددة للوقوف على واقع الدين الاسلامي حاليا ومما يحاول اعداء هذا الدين من تشويه صورته الحقيقية التي اوجدها الرسول الكريم محمد (صلأى الله عليه وعلى آله) ونشرها ابن عمه علي بن ابي طالب(عليه السلام) بسيفه وأبقاها ابن امير المؤمنين الحسين الشهيد عليه السلام، للعمل لإزالة مالحق به من تشويه وزيف.
اننا ما أحوجنا في هذا الزمان لشخص مثل علي بن ابي طالب ليقيم اعوجاج الحق وينتصر للمظلومين ويهز عروش الجبابرة والطغاة.
كم نحن فخورين لأنتمائنا إلى الخط القويم الذي اتبعه امير المؤمنين (عليه السلام)، وليتجسد هذا الانتماء بالعمل لرفع شأن الدين الاسلامي، وتوضيح الحقائق كما هي للآخرين , وابعاد الجور والظلم الذي لحق به.
عندما نبكي امير المؤمنين دما حزنا والما لفقده، فأن عزاؤنا هو ان ماخطه عليا لنا يتجدد يوما بعد اخر وينتشر. ونحن بأنتظار الأمل المنشود على يد اعلام الهدى وانصارهم من أشباه عمار ومالك وكيان عليهم السلام.
نستذكر هذه الشهادة ومعها حياته الكريمة التي عاشها من أجل الإسلام ونبيه والمسلمين، ومن أجل إعلاء شأن الأمة الإسلامية التي وهبها شجاعته للدفاع عنها وعن أبنائها، نقف متأملين في هذه الذكرى الجليلة الأليمة لرجل كانت ولادته وشهادته في بيت الله أثناء صلاته خاشعًا، ولمواقفه
وشخصيته التي كَتَبَ عنها الكثير من الكتاب والعُلماء والأدباء، وعدله الذي شمل المسلمين وغيرهم، وعطائه لجميع أبناء الأمة مُحققًا المساواة في توزيع الثروة بينهم على اختلاف أديانهم، وعلمه الذي غرف منه كل من جالسهُ وسمع منهُ وسألهُ، وقضائه الذي كان هدايةً وتقويمًا لجميع المُتقاضين وعِلمًا للقضاة، لم يتعصب لرأيه أبدًا ولم ينتقم من أحدٍ أبدًا ولم يرد سائلًا أبدًا.
إن الضلالية العَمياء تهدف لإبقاء الأمة في ظلام دامس ليقيدوها بانحرافهم وفسادهم، فهؤلاء لا يجرؤون على مواجهة الحق في النور بل في عتمة الليل، فتلك الفئة القاتلة استقبلت الباطل لتحقيق أهدافها ونيل بغيتها، فخسرت بذلك الدُنيا والآخرة، وفاز الضحايا بالشهادة والثبات على القيم والثبات على الحق، وأرست شهادتهم مداميك رسالة الأمة الخالدة، وظلت ذكراهم باقية في الدنيا وسعيدة في الآخرة.
نتساءل أيمكن درك الرسالة والرقيّ وإشراقات التأريخ بلا عليّ بن أبي طالب ؟
فهوالمصدّق الأول بنبوّة محمّد ونهجه القويم وهو سيف الرسالة الخالد ودرعها العظيم وهو القربان الأول ومُحكِم صرح الدين وعزّه وهو المعلن فيه الخاتم : « خرج الإسلام كلّه إلى الكفر كلّه » باب علم المصطفى،منهل الحكمة والقرآن الناطق وهو الحقّ صنوان بلا فارق، العابد بلا خوف ولا طمع،الموقن بلا كشف ولا قشع.