هل تحمل آلية تنفيذ “إتفاق الرياض” بذور تقسيم اليمن؟
هل تحمل آلية تنفيذ “إتفاق الرياض” بذور تقسيم اليمن؟
يمني برس:
كما كان متوقعا لم تكن الارض معبدة أمام الآلية التي فرضتها السعودية على أطراف الصراع في جنوب اليمن لتنفيذ “اتفاق الرياض” الرامي لوقف الصراع بين مرتزقة الإمارات والسعودية في جنوب اليمن، وذلك بعد ان أعلن ما يسمى الحراك الثوري لـ”تحرير واستقلال جنوب اليمن”، رفضه لاتفاق الرياض وآلية تنفيذه، وهو رفض تزامن مع تجدد الاشتباكات العنيفة بين مرتزقة الامارات والسعودية في أبين وعدن، بعد يومين فقط من التوقيع على آلية تنفيذ الاتفاق!.
الآلية التي فرضتها الرياض على المتصارعين في جنوب اليمن، لتنفيذ الاتفاق ، كانت تميل لصالح المجلس الإنتقالي، الأمر الذي أكد على وجود اتفاق ضمني بين الامارات والسعودية لترجيح كفة الانتقالي الجنوبي على كفة حكومة عبدربه منصورهادي، التي كانت ترفض حتى الامس القريب اضفاء “الشرعية” على ما كانت تعتبره “انقلابا” قام به الجنوبيون على حكومته بدعم من الامارات، وهو ما لغّم الالية نفسها، حيث لم تمر على فرضها من قبل السعودية سوى يومين، حتى انفجرت على الموقعين عليها.
مصادر محلية كشفت عن وقوع مواجهات عنيفة بين مقاتلي هادي ومقاتلي المجلس الانتقالي الجنوبي في محافظتي أبين وعدن جنوب اليمن، استخدمت فيها الاسلحة المتوسطة والقذائف الصاروخية ، كما قُتل مسلحان من قوات المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيا وأصيب 4 آخرون في مدينة عدن ، أثناء مداهمة منزل قائد عسكري في ألوية العمالقة الموالية لحكومة هادي.
الحادث الاخر الذي تزامن مع الحادث الاول والذي زاد من تشاؤم المراقبين من فرص نجاح الالية السعودية لتنفيذ اتفاق الرياض، تمثل بإعلان المجلس الثوري الأعلى لـ”تحرير واستقلال الجنوب” رفضه القاطع الألية التنفيذية لاتفاق الرياض ، متهما الإنتقالي بتسليم الجنوب مقابل مناصب وزارية، كما اتهم السعودية والامارات بفرض أجنداتهما التي تتناقض تماما مع حراك الجنوبيين، فهي تسحب منهم القرار السياسي والسيادي من خلال الآلية التنفيذية لاتفاق الرياض.
ودعا الحراك من اسماهم بـ”القوى الجنوبية الحرة” إلى مواجهة هذه المؤامرة والاستمرار في النضال حتى استعادة الجنوب، في إشارة إلى طرد السعوديين والاماراتيين من الجنوب، والذي وصفه بالاحتلال، مشددا على “ان الاتفاق وآليته غير قابلة للتحقيق إلا في حالة واحدة، وهي بيع القضية الجنوبية، وهذا ما لا يمكن أن نقبله او تقبله جماهير شعبنا”.
كان واضحا منذ اليوم الاول للعدوان على اليمن، ان السعودية والامارات كانتا ومازالتا، تعملان على تقسيم اليمن وبخطى حثيثة، وكل ما يفعله البلدان اليوم من استعراض لـ”جهود” الوساطة بين مرتزقتيهما ، لا يعدو سوى ذرا للرماد في العيون، فحتى الالية التي فرضتها السعودية لتنفيذ اتفاق الرياض عبر الضغط على هادي، كانت محاولة سياسية واضحة لاضفاء “الشرعية” على المجلس الانتقالي، بعيدا عن اي آلية عسكرية وامنية تعيد اوضاع الجنوب الى ما قبل “انقلاب” الحراك الجنوبي على هادي.
اغلب المراقبين للمشهد السياسي اليمني يؤكدون على ان اتفاق الرياض والالية الجديدة لتطبيقه التي اقترحتها السعودية ، كانت انتصارا للمجلس الانتقالي، الذي لم يتراجع عن أهدافه المتمثلة في استعادة الدولة الجنوبية، بل بات أقرب إلى تحقيق هذا الهدف بفضل هذه الالية، التي ستسمح له بالعمل على تنفيذ برنامجه السياسي من داخل الحكومة، التي اصبح من ابرز اركانها!!.
هؤلاء المراقبون يؤكدون على ان الاتفاق بصيغته الأخيرة يعطي المجلس الانتقالي سلطة نافذة في عدن، ويضع حياة عبد ربه منصور هادي وأي حكومة قادمة تحت رحمة المجلس الانتقالي، وبطبيعة الحال فإن الهدف الأبعد للانتقالي، وفقا لهؤلاء المراقبين، هو تحقيق الانتصار، وليس المشاركة في الحكومة فحسب.
هناك من يعتقد ان التشكيلة الحكومية الجديدة التي ستفرزها الالية الجديدة ، قد تفرز تحالفات سياسية جديدة تقضي على الاتفاق نفسه، وتحبط وتقوض أداء الحكومة، في الوقت الذي لا تزال فيه مسألة سقطرى تمثل العقدة في المنشار، ولا يعرف حتى الآن هل سيتم تقاسم المناصب ثم النفوذ بين الأطراف الداخلية والخارجية، أم سيتم وضع الأمور في موضع قابل للانفجار مرة أخرى؟، التجارب السابقة التي مر بها اهل الجنوب، ترجح كفة الاحتمال الاخير وهو الانفجار، بكل اسف، نظرا للمال السعودي والاماراتي الذي تسلل مع السلاح الى الجنوب وافسد النفوس وجعلها تتقوقع على اطماعها وجشعها، وهو ما جعل الاتفاق بينها على اي امر فيه مصلحة اليمن والشعب اليمني امرا اشبه بالمستحيل، وهذا ما تريده السعودية والامارات بالضبط.
(العالم)