الجامعة العربية تتهاوى أمام التطبيع
.
يمني برس – تقارير
منذ احتلال العراق وربما قبل ذلك لم تأخذ الجامعة العربية قراراً واحداً ينسجم مع تطلعات الشعوب العربية، حيث كانت هذه الجامعة دائماً منعزلة عن الشعوب وملتصقة بالأنظمة السياسية التي أثبتت فشلها في إدارة الأمة العربية، ويكفي أن تلقوا نظرة على ما يجري في العالم العربي ليتبين معكم حجم الفشل السياسي الذي تعاني منه هذه المنطقة، ولطالما لم تعد الجامعة العربية تملك أي قدرة على اصدار قرارات تخدم قضايا الأمة، فما هي الحاجة إليها؟.
أموال يتم صرفها على هذه الجامعة وعلى المبنى القابعة فيه وعلى الأعضاء دون أن يكون لها أي معنى أو فعالية، حتى انها فقدت قدرتها على التنديد والرفض للقرارات التي تخالف توجهات الشعب العربي، ومثال ذلك موقفها من التطبيع الاماراتي والبحريني مع اسرائيل، فعوضاً عن التنديد بهذا القرار وهذا الاتفاق رأينا الجامعة تباركه وتدعي أنه يحقق السلام في المنطقة، في الوقت الذي يقوم فيه الاسرائيليون بقضم المزيد من الأراضي الفلسطينية وحصار الشعب الفلسطيني وقصف مدنه وتشريد أبنائه وقتلهم، أين السلام الذي رأته هذه الجامعة.
لا نستبعد إطلاقاً أن تقام احدى دورات هذه الجامعة في تل أبيب في يوم من الأيام، بعد كل هذا الانحياز القذر نحو العدو الصهيوني على حساب القضية الفلسطينية التي نشأت الجامعة العربية على أساسها، وهذا ممكن لطالما أن فلسطين تخلت عن رئاسة مجلس جامعة الدول العربية بدورته الحالية، ردا على تطبيع الإمارات والبحرين مع إسرائيل، وفق تصريحات وزير الخارجية رياض المالك يوم الثلاثاء الماضي، ولا نستبعد أيضاً أن يتم طرد فلسطين من الجامعة العربية كما فعلت هذه الجامعة مع سوريا في اوج حاجة دمشق لها وهي تحارب الارهاب.
وفي مؤتمر صحافي عقد في مدينة رام الله، أعلن المالكي أن دولة فلسطين عضو في الجامعة العربية وعملت من أجل تعزيز دورها ومكانتها، وأنها لن تتنازل عن مقعدها في الجامعة لأن ذلك سيخلق فراغا يمكن أن يولد سيناريوهات مختلفة نحن في غنى عنها في هذه المرحلة الحساسة..
من جهتها رحبت حماس بالقرار الفلسطيني قائلةً إن ذلك “رسالة احتجاج واضحة على سياسة جامعة الدول العربية”. وقال المتحدث باسم الحركة فوزي برهوم: “إن الجامعة انحرفت عن مسارها السياسي، واستمرت في سياساتها القاصرة والخاطئة في التعامل مع الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي”، وأضاف: “هي رسالة أيضا إلى كل المطبعيين الذين ارتكبوا خطيئة سياسية كبرى بحق الشعب الفلسطيني وشعوب المنطقة”.
وأكدّ برهوم على أن هذا القرار الفلسطيني منسجم تماما مع المزاج العام لشعبنا ولشعوب الامة المتعلقة قلوبها بفلسطين، “والذي يجب أن يكون مدعاة لتصويب هذا المسار الخاطئ للجامعة والعمل على دعم وتعزيز نضال وصمود الشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال ومخططاته وضرورة إنهاء أي شكل من أشكال التطبيع مع العدو”.
لقد تجلى موت الجامعة في غياب المحاولة وقناعة قيادتها أنها لن تقوم بجديد أو مفيد، وبالتالي لا جدوى من المحاولة، على الرغم من أن المحاولات، حتى ولو عبرت عن فشل، دليل ما على الحيوية، وهو على ما يبدو ما تفتقده جامعة الدول العربية اليوم كلياً.
واليوم وفي هذه المرحلة الخطيرة التي يتم استهداف القضية الفلسطينية ويتم نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، ويقف أبناء شعبنا في الدفاع عن القدس العاصمة الأبدية لدولة فلسطين أولى القبلتين وثالث الحرمين ،وبدلاً من أن يتم تقديم الدعم والأسناد المادي والمعنوي وبشكل خاص الموقف السياسي في الحد الأدنى الذي يتمثل بمبادرة السلام العربية. يتم التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي من قبل دول عربية عضوة في جامعة الدول العربية.
وبدل إن يتم الدعوة إلى عقد اجتماع عاجل للجامعة العربية يرحب الأمين العام بقوله إن ذلك يدعم السلام. لقد وصل الأمر إلى هذا المستوى المتدني في التعامل مع القضية الفلسطينية ويتم القول إن الجامعة العربية سوف تعقد اجتماعها برئاسة دولة فلسطين خلال التاسع من شهر ايلول القادم.
علمنا أن مبادرة السلام العربية مسؤولية الجامعة العربية وفي نفس الوقت فإن مسؤولية الجامعة العربية ممثلة بالأمين العام تتحمل المسؤولية في مواجهة التطبيع مع “إسرائيل”، ولكن يبدو أن الجامعة العربية فقدت مصداقيتها ومبرر وجودها حيث لم تحقق أهدافها المرجوة.
أليس من المعيب أن تصل الأمور إلى حد تطلب فيه فلسطين من الجامعة العربية بيان إدانة للتطبيع الذي قادته الامارات مع اسرائيل بمباركة سعودية وصمت عربي، والأنكى من هذا أن الجامعة رفضت حتى أن تصدر هكذا بيان وعوضا عنه باركت التطبيع، وهذا الامر يضع الجامعة في موقع “العرّابة للتطبيع”، والممّررة لـ “صفقة القرن”، الهادفة لصفية القضية الفلسطينية.
فضلًا عن أنها تمنح شرعية للاحتلال ليكون كيانًا طبيعيًّا في المنطقة العربية بعد تفتيتها، ومزيدًا من الهيمنة الصهيو أمريكية على مقدرات وثروات الأمّة”، وفق المدلّل.
ليس من مصلحة الأجيال الجديدة محاولة نسيان الانجازات السلبية للجامعة العربية على كل الأصعدة منذ عودة مصر لقيادتها بعد اتفاقية كامب ديفيد وخاصة دورها المخزي أثناء غزو العراق من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، بحجة امتلاك العراق لأسلحة دمار شامل.
لذلك لم يفاجأ أحد بدور الجامعة العربية المتواطئ مع الكيان الصهيوني في حرب تموز ٢٠٠٦ كان واضحا الموقف السعودي ومن معها من الدول “العربية” بغطاء الجامعة العربية المسيطر عليها المال السعودي والقرار الصهيوني، لكن المقاومة اللبنانية خيبت آمالهم جميعا وحققت انتصارا على الكيان، وعليهم عندما عادوا ليلحسوا بصاقهم اثناء العدوان على غزة ببعض المساعدات الغذائية للمحاصرين في غزة.
بعد انطلاق موجة “الربيع العربي” الذي جاب الويلات إلى معظم البلدان التي هبت رياحه فيها، بداية من ليبيا إلى اليمن وسوريا وغيرهم. لقد كان دور الجامعة العربية في هذه البلدان من اسوأ الأدوار على الإطلاق . لقد أعطت الضوء الأخضر بتدمير البلدان ،وكأنها تمارس عكس الدور الذي تشكلت من أجله .إن تجميد عضوية سوريا التي كانت من أوائل الدول المساهمة بتأسيس الجامعة العربية ،في لحظة تاريخية حاسمة ومفصلة هو وصمة عار في تاريخ الجامعة العربية بقيادة نبيل (العربي).
وها هي الآن تبلع لسانها تجاه ما يجري في المنطقة الخليجية بين قطر من جهة والسعودية والإمارات ومصر والبحرين من جهة ثانية هذه الدول التي ساهمت بتدمير الجامعة، وعملت على تفكيك منظومة الدول العربية سرا أو علنا خدمة للكيان الصهيوني ومن معه.