عبدالكريم الخيواني : المؤامرة التصالحيه على العداله والضحايا .
يمني برس _ أقلام حرة :
بقلم / عبدالكريم محمد الخيواني
خلال اسبوع من إنتهاء ندوة بروكسل التي انتهت بما سمي إعلان بروكسل للعداله التصالحيه تم إعلان ملتقى او منتدى خاص بهذه العداله وكلف مجلس النواب رؤساء الكتل بعمل مصفوفة للمصالحة الوطنية إعتمادا على إعلان .
بروكسل وكأنما كان المحلس بانتظار هذا الموضوع ومتفرغ لهذه القضيه وحدول اعماله خالي تماما بل وكأن نوابه لايعلمون بان مخرجات الحوار تتضمن العدالة الإنتقالية والمصالحة الوطنية، لكن وكما يبدو انه غير معني بمخرحات الحوار وتحديدا في قضية او محور العداله الإنتقاليه، والمجلس لم يهتم ببناء دوله فهو لم يحسن خلال عمره المديد سوا التمثيل باالشعب وأماله ..بل أن إحالة الموضوع وبهذه السرعة القياسية في موقف قلما رأيناه في تاريخ مجلس النواب …يؤكد الشكوك حول السعي لإحلال ما يسمى العدالة التصالحية بدلا عن العدالة الانتقالية.
هذه الهمة الملحوظة في أداء المجلس والغير معهودة منه .. تشير إلى ان هناك اطرافا معينه وراء الموضوع وأن هناك ترتيبات سياسيه وارادة عليا ذات قدرة وسطوه !!
ما سمي عدالة تصالحية جاء بشكل مفاجئ كندوة في بروكسل تم التحضير لها هنا بتوافق وتركيبة غريبة ،فمثلا يقال الوزير رشاد العليمي كان من ابرز الوجوه التي حضرت لها وايضا الدكتور القربي وزير الخارجية الأسبق ومنظمة يمنيه حديثة يرأسها جمال العواضي لم اسمع بنشاطها الحقوقي الازفي هذا الموضع والقضيه ومنظمة نرويجية أخرى هامشية لا علاقة لها بهكذا اهتمامات … في حين اشترك في التمويل اطراف داخلية وخارجية …وكان من أبرز الأطرف الداخلية رجل الأعمال العيسي الذي يقال ان وراء تمويله جلال هادي والبعض يقول ان جمال العواضي نجح في اقناعه بحكم ارتباطات العيسي النفطية المثيرة للشبهة وعلاقته بالحاكمين وذوي النفوذ من عيال السلطة سابقا ولاحقا …
الشاهد أيضا أن الأمر برمته “تحضيرا وتمويلا” ونشاطا غيربعيد عن أجهزة الأمن وقياداتها…اما خارجيا فالى جانب التمويل فهناك التسهيلات والموافقه على الإستضافه أوربيا وفي بلحيكا تحديدا علما أنهارالدوله التي تسمح قواتينها برفع قضايا على اي مجرم من اي دوله وملاحقته ويتوقع ان تكون باريس المحطه القادمه للتصالحيه والتصالحيين ولهذا سبب وجيه جدا ومهم ولاشك من مصلحه سنأتي على ذكره في سياق هذا الطرح الذي فرضته تسارع وتيرة الاحداث لإقامة حجه وكي لايحسب الصمت تواطؤا .
نستطيع في جو كهذا تفسير طبيعة الإستعجال الرسمي والبرلماني للعدالة التصالحية التي ورد في أول شروطها حسبما جاء في ورقة الجزايري بومبدو المقدمة لندوة بروكسل( أن الكل ظالمين والكل مظلومين ) أي الجلادين ظالمين ومظلومين والضحايا ظالمين ومظلومين، وهذا مؤشر خطير يترتب عليه إدانة للضحايا وبراءة للمنتهكين… و بناء على هذا المفهوم الشرطي لن يتم التطرق لكل من مارسوا جرائم الإنتهاكات والفساد …وسيتم منحهم صكوك غفران وحصانة دوليه بدون حتى معرفة إسمائهم وبدون أن يكلف أحد نفسه الإعتراف أو ان يتكبد عناء الإعتذار وبدون كشف أي حقيقة أو مصير أي ضحية أو كشف مخفي قسرا أو إعادة رفات شهيد وكل ذلك مقابل تعويضات كجبر الضرر، لأهالي الضحايا برغم ان جبر الضرر يحتاج ابتداء الى معرفة حجم الضرر ونوعه لتقديره .
واضح أن ثمة أطراف في طليعتها الرئيس السابق صالح يسعى وراء إنجاز هكذا عدالة تصالحية وبسرعة ،بفضل غلبته البرلمانية …واما الرئيس هادي فرغم خلافه مع صالح إلا انه داعم لهكذا عداله، فهو مستفيد ولديه مخاوف من اي محاسبة قد تنم عن فتح ملفات حرب 94م، حيث كان قائدها الميداني ووالمنفذلتوجيهات قائده الأعلي صالح الى حانب القائد علي محسن الذي جمعته به علاقه ترجع للعام 86 بعد نزوحه كأحد قيادات ماارف باالزمره وربما امتدت المخاوف لجرائم أخرى ارتكبت أثناء حكمه… المهم انه مهتم ومستفيد من تحقيق هذا الانجاز فاالرجل وأن كره صالح لكنه حريص على عدم محاكمته او محاسبته بموجب أحكام العداله الإنتقاليه .
هذا الإنجاز ايضا لاشك أن كل من حكم اليمن شمالا وجنوبا أو شارك باالحكم يريده وسيستفيد منه دون ان يسجل عليه أي إعتراض أو إتهام كما حدث في قانون الحصانة الذي منح لصالح بعد التوقيع على المبادرة الخليجية …وهكذا يكون الكل مستفيد وكلا يسعى لتحقيق مصالحها وفقا لحالته وجرائمه فالحصانة ستشمل الجميع.
الإستعجال والسرعة تستغل الأوضاع الحالية وتستبق التغيير وتسعى للحصول علي حصانة دولية تحمي المنتهكين والفاسدين وتحمي مصالحهم ومانهبوا وسرقوا من اموال الشعب وتضمن عدم ملاحقتهم والأكثر من هذا تمنحهم حق الإستمرار في الحكم والترشح للمناصب.. علي عكس العدالة الانتقالية التي تجردهم من هذا الحق وتفرض عليهم كشف الحقيقة والاعتراف والاعتذار للصخايا، وطالما عرفنا محليا المستفيدون فماذا تستفيد الاطراف الخارجية التي تساعد هؤلاء المنتهكين والفاسدين معروف ان لتلك الدول مصالح كبرى ومعروف أن هؤلاء المنتهكين مستثمرين في دول اوروبية وحين يدانوا وتلاحق اموالهم فان ذلك سيضر باقتصادهم وهذه الدول تحترم القوانين لذا تساعدهم ومن ناحيه أخرى فأن استمرارهم دون إدانات يعني الاستمرار بتقديم الخدمات لتلك الدول .
إعلان بروكسل يترتب على ادراجه للنقاش ووضع مصفوفه للمصالحه بمجلس النواب ان يتحول الى قرار سيصدره الرئيس وبموجبه ستمنح الامم المتحدة حصانة دولية لهؤلاء المجرمين والفاسدين،… وبموجب الحصانة لن يلاحق هولاء المجرمون المستثمرون بقضايا الانتهاكات او الفساد ولن تستعادالأموال المنهوبة وهكذا يكون موقف تلك الدول قانوني وهنا ينكشف جانب من اسباب مساعدة وتسهيلات دول اوربية لمايسمى عدالة تصالحية بااليمن .
العدالة الإنتقالية قد تحاسب من قصفوا بالطائرات السعوديه قرى وأسواق بصعدة ، وقد تصل لمحاسبة من قصفوا المدنيين بالطائرات بدون طيار بحجة مكافحة الإرهاب وكل جرائم الإنتهاكات معروف انها لا تسقط باالتقادم لهذا فلتسقط كل إدعائات إحترام حقوق الإنسان ولتقدم التسهيلات والتمويلات للمنتهكين لتبييض جرائمهم فثمة مصالح ومخاوف لدى اطراف خارجية كما هي لدى اطراف داخلية وكلا حسب حجمه .
في إطار محاولة تتويه الناس عن جوهر وابعاد العداله التصالحيه قد يقال العدالة التصالحية ليست سوا مصالحة ويستند الى بند ورد في وثيقة التقريب بين الأحزاب اضيف الى إعلان بروكسل لتبرير التواجد في هكذا موامره علي الضحايا
ولو كان كذلك فما الحاجة لإعلان بروكسل ولما الندوه والخسارة؟ ،كان يكفي التوقيع على الوثيقة والسعي للإلتزام بها لأن مشروعيتها أكبر بإعتبار أنها محل إجماع وطني لم ترفض من قبل احزاب المشترك وانصار الله كما رفض إعلان بروكسل ،ورغم تقارب بعض مواقف الاحزاب الحاكمة ببعض في محور العدالة الانتقالية بالحوار لكن يقتضي الإنصاف الإشادة برفض الحزب الاشتراكي للتوقيع على اعلان بروكسيل ،وهو موقف يحسب له ويميزه.
وثيقة التقريب بين الاحزاب تتحدث عن وضع راهن مفاده ان الصراع سببه سياسي وليس مذهبي بينما العدالة التصالحية تتمحور حول قضايا سابقه تؤدي لإعفاء منتهكين واسقاط جرائم وقعت في مراحل مختلفة وتكتفي بالتعويض لذوي الضحايا وتساعد قوي وحاكمين ونافذين لغسيل جرائم اقترفوها،ومنحهم حق الاستمرار في الحكم وبحصانة دولية مقابل دفع تعويضات من الخزينة العامة دون اي اعتراف او حتى إشارة لهولاء المجرمين بعيدا عن أدنى قيم الإنصاف والعدالة التي تكفلها مبادئ العداله الإنتقاليه وبشكل لا يضمن إغلاق ملفات الصراع ما يعني أن التبرير بأن إعلان بروكسل ماهو إلا محاولة بائسة ويأسة للتغطية على مؤامرة تستهدف الضحايا وقضية عادلة لا تسقط بالتقادم واستخدام بند من بنود وثيقة ان تقارب لايعني التطابق ،والسرعة والإستعجال وأنشاء ملتقى للتصالحية وطلب رئاسة مجلس النواب من رؤساء الكتل عمل مصفوفة للمصالحه يؤكد وجود أطراف وقوى ونفوذ واموال واهداف وتأمر ومثل هذا التبرير إستغفال للناس وحرف للإنظار عن القضيه لتمر بسلاسة دون اي إنتباه وبفهلوة لاتقف عند حد استغفال الناس بل تمتد الى توظيف الضحايا وقضاياهم كمسحوق غسيل لتبييض المجرم المنتهك الفاسد .
أمام وضع كهذا يحدر باحزاب المشترك عدم التوقف عند حد البيانات الصادرة عن إعلان برومسل بل يجب ان تواجه مايتم الترويج له باسم العدالة التصالحية وتوقف اية مساعي لتحويله الى قانون في برلمان ممدد له اكثر من دورته الانتخابية وتحت سيطرة اغلبية حزبيه يدين بالولاء لشخص يستغل الوضع الراهن للحصول علي حصانة دولية هو ومن عمل معه ومن شاركة باالحكم خاصة الاحزاب التي تمتلك نوابا بالبرلمان لأن مصداقيتها على المحك في مواقفها المعلنه من مؤتمر بروكسل مالن فهي شريكه كامله في التأمر على الضحايا
ولعل أنصار الله والتنظيم الناصري والحراك السلمي معنيين أكثر من غيرهم كونهم يمثلون. الكثير من الضحايا …وكذلك الأحزاب التي لم تحكم واليساريين تحديدا باعتبارهم اكثر الأطراف الذين تعرضوا للتنكيل خلال العقود الماضية في الشمال ومن البديهي ان تتحمل المنظمات الحقوقية مسئوليتها ازاء ما يستهدف حقوق الضحايا من مؤامرات..وقبل الجميع اهالي وذوي الضحايا وأي تقاعس من تلك الأطراف سيعتبر تواطؤ مكشوف لن يبرره عذر الوقوع في فخ الإستغفال والفهلوة وتسطيح القضية او شخصنتها بهدف تمييعها والتغطيه على حقيقة مايدور بأكاذيب وإتهامات خارج السياق الحقوقي والقانوني والسياسي والموضوعي لقضيه كبيره وعادله وحقوق مظلومين وضحايا وتحايلا على مخرجات العداله الإنتقاليه باالحوار الوطني الشامل الذي أكد ان العداله الإنتقاليه هي بوابة الدوله اليمتيه المدنيه والعادله ،وبدون الإنصاف والعدل سيبقى البلد مكبلا بقيود الظالمين والمنتهكين والفاسدين .